بقلم / عاشور كرم
قال تعالي : ((وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا))
فالنسيان صفة أودعها الله في النفس البشرية وقد سمي الإنسان إنساناً لكثرة نسيانه والبعض يسميها
((نعمة))وهي بالفعل نعمة من عند الله يستطيع الإنسان أن يتعدى بها همومه وأحزانه وينسى تلك الجراح التي أحدثتها نوائب الدنيا ومنغصاتها ولا خلاف على أن النسيان نعمة كبيرة من الله سبحانه وتعالى على الإنسان
فالله سبحانه وتعالي خلق الانسان ينسى لأن النسيان فطرة في الإنسان وقد يكون إحدى النعم الكبرى حتى لا ينفجر الدماغ وإن الله تعالى لا يؤاخذ على النسيان بالإثم والعقاب الأخروي ولكن يرتب عليه المؤاخذة والمسؤولية في أمور الدنيا والتعويض للآخرين لتمام العدالة وحفظ الحقوق ووقع النسيان لآدم عليه السلام
والنسيان من صفات بني آدم رفع الله عن الأمة المؤاخذة بهما فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه )) ونظراً لما يمر به الإنسان من ضغوط فإن سلاحه دائما هو النسيان بإيجابياته وسلبياته وهو خارج عن إرادته وهو مظهر من مظاهر الرحمة الإلهية في حالة إصابته بالمصائب والأوجاع والشدائد والابتلاءات والإنسان لو لم ينس هذه المصائب لكانت الحياة مظلمة بكل أبعادها وتفاصيلها وسيجد صعوبة بالغة بسبب عدم نسيانها وقال الله عز وجل رحمة بنا : (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) فجعل الله النسيان أداة تصفية وتنقية لكل ما يواجهه الفرد في حياته وتعمل هذه الميزة بطريقة فريدة ومعجزة وملائمة لكي تكون نعمة على صاحبها لا نقمة فهي تعزل عنصر الزمان وعامل المكان لحادثة مؤلمة مر بها شخص ما عن إلهامه الحاضر وذاكرته الآنية إلى مكان بعيد داخل عقله الباطن والحوادث السابقة وتتحول الأحداث إلى ذكريات وربما إلى نقاط إيجابية عن طريق استخراج المواعظ والعبر والدروس المستفادة من الحوادث السابقة وجعلها حوافز ودوافع نافعة لعيش مستقبل أفضل
وأخيرا اختتم حديثي بأن
النسيان قد يتحول كثيرا إلى نقمة إذا نسي المرء ربه أو نسي الفرائض أو نسي أيادي الآخرين البيضاء عليه مما يجعله جاحدا منكراً للنعمة