نشرت صحيفة “موديرن ديبلوماسي” تقريراً يلقي الضوء على كيفية إنتقال بؤرة الإرهاب والتطرف من غرب آسيا إلى غرب إفريقيا
اليوم السبت 28 يناير 2023
حدد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في بيانٍ صحفي صدر مؤخراً، بعض المنظمات ككيانات إرهابية ينبغي أن تحظى باهتمام خاص، ومن هذه الكيانات حركة الشباب، وبوكو حرام، وهيئة تحرير الشام، والحوثيين، وداعش -الصحراء الكبرى وداعش-غرب إفريقيا، وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وطالبان أفغانستان، ومجموعة فاغنر.
وتنشط معظم هذه الجماعات في غرب إفريقيا، وتعتبر حركة بوكو حرام هي المهيمنة بين جميع هذه الجماعات، مما يجعل دول غرب إفريقيا تحتل المرتبة الأولى في تقارير مؤشر الإرهاب العالمي لثلاث سنوات على التوالي. وقد حلت النيجر (تنظيم الدولة الإسلامية) محل أفغانستان (حركة طالبان) كأكثر الحركات الإرهابية فتكاً في العالم في عام 2021.
وقد نشرت صحيفة “موديرن ديبلوماسي” تقريراً بقلم سيتوب بيهيرا يلقي فيه الضوء على كيفية إنتقال بؤرة الإرهاب والتطرف من غرب آسيا إلى غرب إفريقيا، وكيف أصبح غرب إفريقيا مركزاً جديداً للإرهاب العالمي. بدأ بيهيرا تقريره بنظرةٍ على تاريخ الإرهاب في إفريقيا.
بعد أن كان يعمل في التهريب، تحول مختار بلمختار إلى زعيمٍ إرهابي في غرب إفريقيا بعد أن تلقى تدريبات في أفغانستان. جاء بلمختار بمشروع دمج فرعين من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي (كتيبة الملازمين، وجماعة التوحيد والجهاد) في مجموعة واحدة أطلق عليها تسمية “المرابطون”. كان شعار المرابطين هو “توحيد جميع المسلمين من النيل إلى المحيط الأطلسي في الجهاد ضد الغربيين”. وقد تورطت كلتا الجماعتين قبل الإندماج في هجمات وقتل مواطنين غربيين، ومهاجمة السفارات الأمريكية، في أماكن مثل نيروبي (كينيا)، ودار السلام.
من الصعب تحديد عامل واحد وراء توسع الإرهاب في غرب إفريقيا، ولكن إذا نظرنا إلى الصورة الأوسع يمكن ملاحظة العديد من المحفزات للتطرف. ومن هذه المحفزات، ضعف سيطرة الحكومات في دولٍ مثل نيجيريا والنيجر وبوركينا فاسو وغيرها، وكذلك تردي النظام السياسي لعددٍ من دول غرب إفريقيا، والاختلال الوظيفي المزمن الذي تعاني منه هيئات إنفاذ القانون، والهيئات التنظيمية، والقضاء. علاوة على ذلك يعاني المجتمع الإفريقي من إعتلال العقد الإجتماعي، بسبب الشعور السائد بالاستبعاد من الحكم السياسي، وعدم تكافؤ الفرص بسبب إختلاف الجماعات العرقية/الدينية.
بالإضافة إلى ما سبق، فإنه من السهل بالنسبة لجماعات مثل “بوكو حرام” أن تجند أشخاصاً عاديين في صفوفها، لأنها توفر وظائف تلبي إحتياجات الأشخاص من مختلف الفئات العمرية، بغض النظر عن الفئات التي ينتمون إليها.
وتتبع الجماعة أسلوباً مختلفاً عن بقية الجماعات في إفريقيا، فهي تبدأ التجنيد في أعمار تتراوح بين 4 : 14 عاماً، وتستغل نظام الصدقات الإسلامي لجذب من يتضورون جوعاً في شوارع أبوجا. وفوق كل ذلك تلعب الحدود غير المضبوطة دوراً في سهولة التسلل وتهريب الأسلحة بين دول غرب إفريقيا.
ولكن أهم هذا العوامل يبقى الأصولية الدينية. فالدين يبقى الرابط الرئيسي بين الناس في غرب إفريقيا، ويعتمد الناس على المؤسسات الدينية في الكثير من أمور حياتهم، مثل العدالة المدنية ولقانونية، والمساعدة الإقتصادية وغيرها. وهذا ما يجعلهم يفضلون التعامل مع هذه المؤسسات بدلاً من المؤسسات الحكومية.
ثم ينتقل الكاتب في تقريره للإضاءة على مصادر تمويل الإرهاب، ويتتبع الأساليب التي تستخدمها المنظمات الإرهابية في صرف الأموال التي تقوم بجمعها في غرب إفريقيا وتوزيعها، بالإضافة إلى الأموال التي يتم جمعها عن طريق التجارة، وغيرها من الأنشطة المربحة، وأيضاً من التبرعات التي تتلقاها من المنظمات الخيرية الإسلامية مثل مؤسسة الأرض المقدسة، ومقرها في الولايات المتحدة، التي كانت ممولاً رئيسياً لهذه المنظمات لفترة طويلة. كما يتم ضخ جزء كبير من المشاريع التنموية للبنوك الدولية وأموال المعونات الإنسانية، وأموال تجارة المخدرات وتهريب الأسلحة.
ويخلص الكاتب إلى أن الإرهاب في غرب إفريقيا قد تغلغل في نفوس الناس، وأن منظمات مثل “بوكو حرام” تحولت من منظمةٍ إرهابية إلى منقذ للمجتمع النيجيري. وهذا ما جعل غرب إفريقيا يتفوق على غرب آسيا في توفير ملاذٍ ومرتع للمنظمات الإرهابية.