بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد طعت المصالح الشخصية علي كل الإعتبارات، فإن هناك من يتردد بالاتصال بإنسان يعرفه منذ سنوات لكن تحت ضغط المصلحة الشخصية يقوم بذلك، إنها قمة التفكك الاجتماعي وهيمنة قيم جديدة خارج العرف البشري السوي، وهذا التوجه خلق الازدواجية في التعامل مع الآخرين هذا أرحب به وهذا أطيقه، ولكن ماهو الحب من أجل المصلحه ؟ فهو الحب الخادع الذي يظهر بأنه حب لشخص معين، وفي حقيقته يريد معرفة شيء معين لايستطيع الوصول له الا عن طريق هذا الشخص، وعندما يصل الى مصلحته وهدفه ينتهي كل هذا الحب، ولكن يجب أن نعلم جيدا أن الحب يجب أن يكون فى الله ومن أعظم آثار الحب في الله عز وجل أن الله يلحق المحب بمحبوبه في الآخرة ولو لم يوازيه في العمل.
وليس الحب كلمة تقال، وإنما هو واقع يعيشه المحب لحبيبه، يورث نصحا وإرشادا، وبذلا وعطاء، وتضحية وإيثارا، وتفقدا ودعاء، إنها معانى عظيمة تظهر بين المتحابين، ولهذا لما كان هذا العمل عظيما كان الجزاء عليه كبيرا من الرحيم الرحمن بأن يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، وهناك سلبيات لهذا الحب أو الصداقه من حب المصالح وأول سلبية لهذا الحب هو تحطيم كل الصور الجميله التي عاشها الانسان المخدوع اثناء فترة هذا الحب أو الصداقه والصدمه التي قد يتعرض لها الشخص اثر اكتشاف انه تم خداعه والتلاعب بمشاعره ويتفاوت حجم هذه الصدمه من شخص الى آخر، وكذلك الندم على كل ماقدمه هذا الشخص من تضحيات لهذا الحبيب أو الصديق المخادع.
وتتولد عدم الثقه بالاشخاص الآخرين، ويتم تكوين فكره سيئه وصورة مشوهه لكل من يحاول الارتباط او القرب من هذا الشخص المخدوع، ويعتقد بأن كل الناس كاذبين ومخادعين، وإن الإسلام بتشريعاته أرسى دعائم المجتمع بحفظ الحقوق العامة، والخاصة من التعدي بأي صورة من صور التعدي، فلا يجوز لأحد كائن من كان أن يتعدى، أو يستخدم سلطته في تحقيق مصالحه الخاصة البتة، وقد كانت سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام، وسلف الأمة الصالح رضي الله عنهم زاخرة بالمواقف الناصعة، والمشرقة في المحافظة على المصالح العامة، وعدم استخدام المصالح الخاصة، بل جعلوا مصالحهم الخاصة مسخرة لخدمة المصالح العامة، ومن الأمثلة التطبيقية في حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
ما جاء في الحديث الشريف عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أن قريش أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا من يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حِب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَكَلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال “أتشفع في حد من حدود الله ” ثم قام فخطب، قال ” يا أيها الناس إنما ضل من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها” والحديث الشريف يتضمن المحافظة على المصالح الخاصة، وتتمثل في عدم التعدي على حقوق الآخرين، وإيذائهم بسرقة أموالهم، كما يتضمن المحافظة على المصالح العامة بتطبيق الحق العام.