سلكوا طريق الغي والضلال


بقلم / محمـــد الدكـــروري

قيل أنه دخل رجل علي رسول الله فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” ما تعدون هذا فيكم؟ فقالوا يا رسول الله، هذا حري إن تكلم أن يسمع له، أي بمعني هذا رجل لو جلس في مجلس ونطق فالكل يسمع له، وإن خطب أن ينكح أي بمعني لو أراد أي بنت فلا أحد يرده، وإن استأذن أن يؤذن له أي أن يدخل أي مكان شاء، فهو رجل ذو وجاهة ومنصب، ثم دخل رجل آخر، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” ما تعدون هذا فيكم؟ قالوا يا رسول الله هذا حري إن تكلم ألا يسمع له أي لا أحد يأبه له، ولا أحد يلتفت إليه، وإن خطب ألا ينكح أي لا أحد يزوجه، فهو مسكين فقير رث الهيئة، والناس لا تلتفت إليه، هذا ميزان من؟ ميزان البشر، أما ميزان رب البشر فإنه يختلف.

فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” والله إن هذا ” أي الفقير المسكين المطرود المنبوذ، ” خير من ملء الأرض من مثل ذاك” ولقد امتن الله عز وجل على عباده بنعم كثيرة، وسخر لهم كل شيء في الكون من أجل طاعته وعبادته، فكل هذه النعم التي لا تعد ولا تحصى، وتلك النعم التي تترى على العباد جعلها الله تعالى عونا لهم على السير إلى طلب رضاه ونيل جنته، لكن بعض الناس أساءوا استخدام تلك النعم فاستعملوها في معصيته، وتقربوا بها إلى غضبه ومقته، ومنها تلك الأجهزة الحديثة التي تتابعت على المسلمين من كل حدب وصوب من جوالات، وأجهزة فيديو وتلفاز، وإنترنت، واستعملوا تلك الوسائل في غير مرضات الله، فحاد الكثير عن طريق الخير وسلكوا طريق الغي والضلال.

ومن تلكم الوسائل التي فتحت للناس أبواب العالم كله، ويسرت لهم الكثير من الأمور الشبكة العنكبوتية الإنترنت، فهذه الخدمة قدمت لكثير من الناس منافع كثيرة من تيسير في التعاملات وتحصيل العلوم النافعة، والانتفاع بالأبحاث المفيدة، والاطلاع على أخبار العالم، وغير ذلك من أمور الخير، إلا أنه وعلى الجانب الآخر نجد أن تلك الشبكة العنكبوتية عادت على الكثير من أبناء الأمة بالشر العظيم، وذلك جراء سوء استعمالها، ولا بد من الاعتراف أن الإنترنت أصبح واقعا مفروضا، وعلى الرغم مما فيها من خير فإنها تحمل من المخاطر الشيء الكثير، ولا شك أن تجاوز هذه المخاطر يكون بالقيام في غرس عقيدة الإيمان بالله واليوم الآخر، مع زرع خوف الله ومراقبته في نفوس الشباب.

وتربيتهم على الرغبة فيما عند الله من الأجر والثواب والعمل على ربط شباب الأمة بعلمائها وأصحاب الشأن فيها، وتنمية حب العلم والعمل في نفوسهم، والحرص على إبراز شخصية الشاب المسلم بصورة المسلم الحقيقي، الراغب في إعمار الكون، فاعلموا أيها المؤمنون أنه لا بد من تضافر الجهود للحيلولة دون هذا الخطر الداهم، فبعض الأسر تركت الحبل على الغارب للشباب والفتيات يجلسون أمام الشاشة الساعات الطويلة دون رقيب أو حسيب، ومع أننا نحترم خصوصية الشباب والأطفال ذكوراً وإناثا إلا أنه لا ينبغي بحال أن يُسمح لهم باستخدام الإنترنت وإغلاق الغرف عليهم، بل يكون الإنترنت في مكان مفتوح متاح، لأن يطلع عليه كل واحد من أفراد العائلة.

ولا بد من تحديد مدة استخدامه حسب وقت الشباب والفتيات، وأخيرا وبشيء من المتابعة، وبشيء من التوجيه والإرشاد والتوضيح، يمكن أن نستفيد من خيرات هذه الوسيلة، ونحفظ أبناءنا من شرورها، والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.