بقلم / عاشور كرم
التفريط في صلة الرحم وأثره علي الفرد والمجتمع
قَدْ يَحْسَبُ الْمَرْءُ أَنَّهُ مُحْسِنٌ وَهُوَ مُسِيءٌ يَحْسَبُ أَنَّهُ مُحْسِنٌ عِنْدَمَا يَنْظُرُ إِلَى الْأُمُورِ بِالنَّظْرَةِ الَّتِي لَا تَمُتُّ إِلَى الشَّرْعِ بِصِلَةٍ، فَيُدْخِلُ عِزَّةَ
النَّفْسِ وَكَرَامَتَهَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِدِينِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَيَحْسَبُ أَنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ هِيَ الْمُكَافَأَةُوَأَنَّهُ إِذَا وَصَلَ ذَا رَحِمٍ فَلَمْ يَصِلْهُ. فَإِنَّهُ قَدْ حَلَّ لَهُ أَنْ يَقْطَعَهُ هَذَا لَيْسَ بِوَاصِلٍ هَذَا رَجُلٌ مُكَافِئٌ هَذَا يُرِيدُ عَلَى الْإِحْسَانِ إِحْسَانًا الْوَاصِلُ مَنْ إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ( ص )
أَيْضًا نُفَرِّطُ فِي هَذَا الْأَمْرِ الْكَرِيمِ الَّذِي أَمَرنَا فِيهِ الرَّسُولُ بِتَتَبُّعِ الْقَرَابَاتِ وَأَنْ نَحْفَظَ الْأَنْسَابَ وَأَنْ نَبْحَثَ عَنْ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَالْأُمِّ إِلَى أَقْصَى مَا يُمْكِنُ أَنْ نَصِلَ إِلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الْأُصُولِ وَأَنْ نَجْتَهِدَ فِي وَصْلِ تِلْكَ الْأَرْحَامِ الَّتِي قُطِّعَتْ ويَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ الْأَصْهَارُ أَيْضًا فَإِنَّهَا تَكُونُ فِي الْفُرُوعِ وَتَكُونُ فِي الْأُصُولِ وَتَكُونُ فِي الصِّهْرِيَّةِ أَيْضًا فَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا أَمَرَ اللهُ تَعَالَى بِوَصْلِهِ فَقَطَعَهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَيُرِيدُونَ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ مُوَفَّقًا فِي الْحَيَاةِ
آثَارُ صِلَةِ الرَّحِمِ عَلَى الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ
إن من الأثار الحميدة لصلة الرحم علي الفرد في الدنيا والآخرة أَنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ تُقَرِّبُ الْعَبْدَ مِنَ الْجَنَّةِ وَتُبَاعِدُهُ مِنَ النَّارِ وَأَنَّ مَنْ وَصَلَ الرَّحِمَ وَصَلَهُ اللهُ أي : رَاعَى حُقُوقَهُ وَوَفَّاهُ ثَوَابَهُ وَأَنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ وَأَنَّهَا سَبَبٌ لِبَسْطِ الرِّزْقِ وَسَعَتِهِ وَالْبَرَكَةِ فِيهِ وَاللهُ جَلَّ وَعَلَا لَا يُصِيبُ مَنْ يَصِلُ رَحِمَهُ بِشَرٍّ وَلَا يُخْزِيهِ أَبَدًا كَمَا فِي قَوْلِ خَدِيجَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا لِلنَّبِيِّ ﷺ: (( لَا وَاللهِ لَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا))فَمَنِ اتَّقَى اللهَ
وَوَصَلَ أَهْلَهُ أَيْ قَرَابَتَهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَمِنْ قِبَلِ أُمِّهِ فَازَ بِهَذِهِ الْفَضَائِلَ الْعَظِيمَةَ وَمِنْهَاالْبَسْطُ فِي الرِّزْقِ فَيَكُونُ مَسْتُورَ الْحَال لَا يَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ وَبَارَكَ اللهُ لَهُ فِي عُمُرِهِ وَفِي الْعَمَلِ الَّذِي يَعْمَلُهُ وَهُوَ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ مِنْ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَالْوَاجِبَاتِ وَالْمُسْتَحَبَّاتِ وَتَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ وَكَذَلِكَ أَحَبَّهُ أَهْلُهُ لِأَنَّهُ مِنَ الْوَاصِلِينَ بِالْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ
المجتمع وصلة الرحم وسبب سعادته
إن بِصِلَةِ الرَّحِمِ تَصْلُحُ الْمُجْتَمَعَاتُ وَيَحْصُلُ التَّآلُفُ بَيْنَ الْأَقَارِبِ فِي النَّسَبِ وَكَذَلِكَ الْأَقَارِبُ بِالْجِوَارِ وَالْأَصْحَابُ فَالْمُجْتَمَعُ لَا يَكُونُ سَعِيدًا إِلَّا إِذَا كَانَ بَيْنَ أَهْلِهِ التَّوَاصُلُ وَالتَّوَادُّ وَالتَّرَاحُمُ وَالْمَحَبَّةُ الشَّرْعِيَّةُ أَمَّا الْقَطِيعَةُ فَكُلُّهَا شَرٌّ وَالِانْتِقَامُ لِلنَّفْسِ كَذَلِكَ يَجُرُّ إِلَى شَرٍّ كَبِيرٍ وَالصَّبْرُ وَالتَّرَاضِي ثَمَرَاتُهُ طَيِّبَةٌ وَعَوَاقِبُهُ حَمِيدَةٌ وَ قِيلَ ( اصْبِرْ وَصَابِرْ تُدْرِكِ الْمَكَارِمَ )
وأخيراً اختتم حديثي بأن
إن صِّلَةُ الأْرحَامِ وَاجِبَةٌ فَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا أَثِمَ بَلْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ بَلْ أَتَتْهُ الْعُقُوبَةُ سَرِيعةً فِي الدُّنْيَا كَمَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي مَرَّ فِي الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ(( مَا مِنْ ذَنْبٍ أَحْرَى أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يُدَّخَرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ وَالْبَغْيِ))