دلائل الرسول


بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن كل رسول كريم أرسله الله عز وجل لعباده كانت لديه آية تبين للناس الذين أرسل إليهم، أنه حق، وجاء من عند الحق، برسالة الحق، ودين الحق، حتى لا يأتي كل واحد يدعي، ولو قال لنا قائل الآن أنتم يا أيها المسلمون تقولون أنكم على الحق؟ نقول نعم، وما هو دليلكم؟ ولماذا تدّعون أنكم على الحق؟ نقول لأنه قد جاءنا رسول من الله بالحق، فإن قال كيف عرفتم أن هذا الرسول صادق؟ فقد يكون كذابا، وهناك الكثير ممن ادعى النبوة غيره، حتى في هذا الزمن، نقول لأن نبينا قد جاء بدليل على أنه بُعث بالحق، هذا الدليل هو معجزة وآية من آياته العظيمة، بتأييد إلهي، وهو هذا القرآن، فإنه دليل قاطع على أننا على الحق، ورسولنا حق، والإسلام حق، ولا حق غير هذا بهذا القرآن الموجود الآن، غير الآيات والمعجزات التي كانت في عهد النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكل رسول كان لديه من البينات، فيقول الله تعالى كما جاء فى سورة الشعراء.

” فألقى عصاه فإذا هى ثعبان مبين ونزع يده فإذا هى بيضاء للناظرين” وهذا يقوله النبى صلى الله عليه وسلم لأنه ” ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر” رواه البخارى ومسلم، فإن البشر يحتاجون إلى أدلة وبينات ” وإنما كان الذى أوتيت وحيا أوحاه الله إليّ، وهذه آيتي ومعجزتي، فأرجوا أن أكون تابعا يوم القيامة ” لأن آيته ومعجزته مستمرة إلى قيام الساعة، وأيضا جعل الله تعالى على الحق براهين، وأدلة، كما قال تعالى فى سورة الأنعام ” قل فلله الحجة البالغة” فهذا القرآن لا يمكن أن يكون من تأليف بشر، وقد حاول البشر فى كل العصور السابقة واللاحقة الإتيان بمثله، وجرت محاولات، حتى من بعض نصارى العرب الذين كانوا متضلعين باللغة العربية، حاولوا، وما استطاعوا، وهنا يقول الله تعالى كما جاء فى سورة يونس ” قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون “

ومن التأييد الإلهى للحق تأييده بالدعاة المخلصين، فكما أيدّه بالرسل الصادقين، والكتب المنزلة، أيدّه بالدعاة المخلصين، والله يقيض للحق مَن يقوم به، ويدعوا إليه، وينصره، ويدافع عنه، وهذا من رحمة الله عز وجل، ولوا انطمس، فهو القائل سبحانه وتعالى فى سورة الأحزاب ” ومن المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ” وأيضا نلاحظ كذلك قصة مؤمن آل يس كما وصفها لنا الله عز وجل فى سورة يس ” وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين، اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون، ومالى لا أعبد الذى فطرنى وإليه ترجعون، أأتخذ من دونه ألهة إن يردن الرحمن بضر لا تغنى عنى شفاعتهم شيئا ولا ينقذون، إنى إذا لفى ضلال مبين، إنى آمنت بربكم فاسمعون” وكذلك فى قصة مؤمن آل فرعون، كما قال الله تعالى فى سورة غافر” وقال رجل مؤمن من آل فرعون ” إلى قوله تعالى ” وإن يك صادقا يصبكم بعض الذى يعدكم “

أنتم يا قومي، فكذلك يا أيها القبط، ليس عندكم رسالة، والذى يتبعها يدخل الجنة؟ والذي لا يتبعها يدخل النار؟ ليس عندكم، أنتم أصحاب دنيا، فجاء رجل وقال أنا رسول من الله، ” واتبعون أهدكم سبيل الرشاد ” إذا اتبعتمونى تدخلون الجنة وإذا لم تتبعتموني فستدخلون النار، يا قوم هذا الرجل يقول ” ربى الله وقد حاءكم بالبينات من ربكم ” يعنى معه أدلة ما هو كلام بالادعاء فقط ” وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذى يعدكم ” وإننا نلاحظ أيضا أن التأييد الإلهى كان حاضرا موجودا في التحركات النبوية، حتى مع الأخذ بجميع الأسباب، مثلا أنه كم أخذ النبى صلى الله عليه وسلم سببا في الهجرة؟ وتواعد مع أبي بكر الصديق رضى الله عنه سرا، وأخفي الأمر عن كثير من أهله، والتقيا في وقت القيلولة، وهدأت الرجل، وخرجا في هذا الوقت، واستعملا هاديا خرّيتا خبير بالطريق، وسلك غير الطريق المعتاد، يعنى ليس على طريق مكة المدينة مباشرة.

وصار في اختباء في الغار، وصار هناك مَن يزود بالطعام، وصار مَن يأتي بغنمه ليعفي آثار خطوات الطريق، ومع ذلك كان التأييد الإلهى حاضرا، فإن المشركين وصلوا إلى الغار، رغم كل الخطوات، دلالة على أنه لولا أن الله نجاهما منهم ما كانت الأسباب كافية، أي أنه رغم كل الأسباب إلا أنه كان هناك تأييد إلهى في الموضوع، ولذلك نقول اتخذ الأسباب، وتوكل على الله، لأن عدم الأخذ الأسباب مخالفة للسنة الكونية الإلهية، وبأسباب بدون توكل تخفق، ومهما كنت دقيقا فلا بد أن تخطئ، وتكون هناك مفاجآت، فالتأييد الإلهي للحق وأصحابه حاضرا جليا حتى مع الأخذ بالأسباب فانظروا عندما قال ابو بكر الصديق رضى الله عنه “يا رسول الله لو أن أحد نظر تحت قدميه لأبصرنا”، قال صلى الله عليه وسلم “فما ظنك يا أبا بكر باثنين، الله ثالثهما “رواه البخارى، وحتى في الهجرة لحقهما، مع أنهم نجوا من أول خطر، لحقهما سراقة ابن مالك، وأدركهما، خلاص، ولولا أن الله تعالى نجاهما منه لقبض عليهما، وأعادهما إلى قريش، وأيضا يوم بدر اتخذت كل ما أمكن من الأسباب، لكن كان التأييد الإلهي حاضرا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.