خطبة ثالثة عن هجرة الحبيب محمد

بقلم الشيخ/ عماد البية


إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله العظيم من شرور أنفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلم تجد له وليا مرشدا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القائل في محكم التنزيل والذين تبوئوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون الأية 9 الحشر سبحانه سبحانه الشمس والبدر من أنوار حكمته والبر والبحر فيضٌ من عطاياه الطير سبحه والوحش مجده والموج كبره والحوت ناجاه والنمل تحت الصخور الصم قدسه والنحل يهتف حمدا في خلاياه والناس يعصونه جهرا فيسترهم والعبد ينسى وربي ليس ينساه… وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا يوم القيامة سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه الذي أمره
ربه أن يدعوه قائلا وقل ربي أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا الأية 80 الإسراء قال قتاده وأخرجه الله سبحانه وتعالى من مكة إلى المدينة مخرج صدق ونبي الله يعلم أنه لا طاقه له بهذا الأمر إلا بسلطان فسأل الله سلطان نصيرا واراه الله سبحانه وتعالى دار الهجرة وهو بمكة اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة فصلاة وسلاما عليك سيدي يا رسول الله عليك وعلى آلك وأصحابك الأخيار من المهاجرين والأنصار ورد اللهم عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أما بعد إخوة الإيمان والإسلام مازلنا نواصل الحديث ما حضاراتكم حول هجرة حبيبي محمد صلوات الله وسلامه عليه فقد قال رب العزه جل وعلا… إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقولوا لصاحبه لا تحزن إن الله معنا… وقد توقفنا في اللقاء السابق عندما كان الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه في الغار هو وصاحبه الصديق ورأينا خوف أبا بكر الصديق على الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه ولكن الله سبحانه وتعالى حماه بأوهن شيء حمى حبيبه بنسيج العنكبوت وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون خيوط العنكبوت خيمت على الغار حتى أقسم أبو جهل باللات والعزى أنه كان يرى هذه الشجره قبل مولد محمد صلوات الله وسلامه عليه تعجب معي إلى حفظ الله سبحانه وتعالى لحبيبه ومصطفى محمد الذي قال له واصبر لحكم ربك فإنك باعيننا وهذه من الدروس المستفاده من الهجره حفظ الله سبحانه وتعالى حبيبه محمد وهو في بيته وهو خارج من بيته وهو ذاهب إلى بيت أبي بكر حفظه الله وهو في الغار حفظه الله وهو جالس في بيت أبي بكر حينما جاءت المسمومه زوجة أبو لهب تدخل بيت أبي بكر وفي يدها حجرا وهي تقول يا بن أبي قحافة لو رأيت محمد لاكسرن رأسه بحجرى هذا ورسول الله يجلس بجوار أبو بكر وهي لم تراه فيقول أبو بكر يا رسول الله تكلمني وعيناها في عيناك ولم تراك فيقول له الحبيب محمد يا أبا بكر ألم تقرا قول الله سبحانه وتعالى وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون إن كان الله سبحانه وتعالى حفظ الحجر وهو بيته من أبرهة ألم يحفظ خير البشر ولذلك تجد أن الله سبحانه وتعالى سخر لحبيبه ومصطفى محمد جميع المخلوقات سخر له الإنس سخر له الجن سخر له الملائكة الحيوانات سخر له الطيور سخر له إنسان مسلم وهو أبو بكر رضي الله عنه سخر له إنسان كافر كعبد الله بن أريقط سخر له الجن كان يغني لعبد الله بن أريكة حتى لا يضل الطريق سخر له الملائكة فقال وأيده بجنود لم تروها وهم الملائكة سخر له الحشرات العنكبوت الذي خيم على فم الغار سخر له الحيوانات الناقة التي ركبها هو وأبو بكر الصديق سخر له الطيور الحماماتين اللتان عششتا على فم الغار انظر إلى قدرة الله سبحانه وتعالى خرجت قريش بفتيانها وسيوفها وسهامها وهم الآن واقفون أمام الغار فمن الذي منع أيديهم أن تمتد لذلك الغار إن الذي يمنع الأيد هو الله إن الأسباب قد لا تؤدي إلى المسببات وأن المسببات قد تأتي بدون أسباب الله سبحانه وتعالى قال للنار التي ألقي فيها خليل الرحمن كوني بردا وسلاما على إبراهيم هذه أسباب ولكن الله سبحانه وتعالى عطل المسببات فالنار حامية وحارقة ولكن الله عطل المسببات فقال كوني بردا وسلاما على إبراهيم وقد يكون هناك مسببات بدون أسباب كما قال الله سبحانه وتعالى في حق زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً كلما دخل على مريم وأجدعندها رزقا قال يا مريم أنا لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب فالغار وهو الغار والرسول وأبو بكر فيه فمن الذي يمنع أيديهم إن تمتد إليهما إنه هو الله القائل والله يعصمك من الناس الآية 67 المائدة وبعد أن قضيا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار ثلاث ليالي وكان عبد الله بن أبي بكر يقضي يومه بين أهل مكه فإذا عسعس الليل ذهب إلى الغار وقدم لهما التقرير اليومي وكان عامر بن فهيرة يرعى الغنم بعد ما ياتي عبد الله بن أبي بكر وينصرف حتى يزيل آثار أقدام عبد الله بأرجل الغنم والتي كانت تقوم بإمدادهم بالطعام هي أسماء ذات النطاقين وكانت تصعد جبل ثور وهي حامل في الشهر التاسع وبعدها خرجوا ومعهم عبد الله بن أريقط كما يقول بن سعد في الطبقات وكان يرتجز في سيره ولعل ذلك كان النوع من التضليل فيقول أبو بكر في الحديث الذي رواه البخاري عن البراء بن عازب عن أبيه عن أبي بكر أثرين ليلتنا ويومنا حتى قام قائم الظهيرة ثم رفعت أي ظهرت لنا صخرة فأتيتها ولها شيء من الظل فسويت لرسول الله صلى الله عليهوسلم مكانا بيدي لينام فيه وبسطت عليه فروة وخرجت أنفض ما حوله أي أبحث وتقصى فإذا أنا براع مقبل فقلت أفيغنمك لبن قال نعم فأخذت شاة فحلبتها ومعي أدوة فيها ماء فصببت اللبن على الماء حتى برد أسفله ثم أتيت الحبيب محمد فقلت له إشرب فشرب حتى رضيت ثم ارتحلنا والطلب في أثرنا فرتحلنا بعدما مالت الشمس واتبعنا سراقه بن مالك فقلت له أوتينا يا رسول الله فقال لي لا تحزن إن الله معنا فيقول سراقه في الحديث الذي رواه البخاري عن بن شهاب جاءنا رسل قريش يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ديه كل واحد منهما 100 ناقة لمن قتله أو أثره فبينما أنا جالس مع قومي إذ جاء رجل وقال إني رأيت ثلاث نفر فعرفت أنهم هم فأمرت جارية إن تخرج فرس فدفعتها حتى دنوت منهم فعصرت بي فخريرت عنها فقمت فاستخرجت الأزلام فأست أقسمت بها أضرهم أم لا فخرج الذي أكره لا تضرهم فعصيت الأزلام وركبت فرسة حتى دنوت منهم وسمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأخت أيدي فراسي حتى بلغت الركبتين فقلت أني أراكما فادعوا لي الله ولكما أن أرد عليكم الطلب فدعى له رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي روايه قال الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه لسراقة حين هم بالإلحاق بهما كيف بك إذا لبست سواري كسرى؟ثم لم تزل الأيام تدور حتى انتصر المسلمون على الفرس وأوتي عمر رضي الله عنه بسواري كسرى وتاجه فدعى عمر سراقه فالبسه السوارين وقال إرفع يديك وكل الله أكبر الحمد لله الذي سلبهما من كثر بن هرمز وألبسهما أعرابي من بني مدلج سراقه بن مالك وقد أسلم يوم حنين…. ومن الدروس المستفاده أيضا من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم عدم الخيانة انظر إلى عبد الله بن أريقط كان مشركا أستاجره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذهم من غار ثور كدليل لهم إلى المدينه وبين مكة والمدينة ما يقرب من 470 كيلوا مقابل ناقة وقد رصدت قريش لمن يدل أو يأتي برأس أحدهما 100 ناقة فكان بإمكان عبد الله بن أريقط أن يأخذ المائة ناقة وهو جالس في مكة بدلا أن يسير شهرا ذهابا وإيابا مقابل ناقة واحدة فمن سخر ذلك المشرك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنه هو الله. وبعدها إنطلق السير في الصحراء صابرون على حرها المحرقة مستسلمون لكل ما يجري بهم القضاء حتى مروا في طريقهم بأم معبد الخزاعية وهي سيدة أعرابية كريمة تجلس أمام خيمتها تطعم وتسقي من يمر عليها فلما نزلوا عندها سالوها قمرا أو لحما يشترون منه فلم يجدوا عندها شيء قال بن سعد في روايته فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد شاة قد خلفها الجهد أي الضعف المرض عن الغنم فقال هل بها لبن قالت لا هي أجهض من ذلك فقال لها أتاذنين لي أن أحلبها قالت نعم بأبي أنت وأمي إن رأيت بها حلبا فدعا الشاة فمسح على ضرعها هو أزيك يا بسم الله وقال اللهم بارك لها في شاتها فأدرت لبناً غزير له رغوة فسقاها وسقى أصحابه وشرب صلوات الله وسلامه عليه أخرهم وقال ساقي القوم أخرهم ثم حلب فيه ثانيا عودا على بدء فغادره عندها ثم ارتحلوا عنها فلما جاء أبو معبد زوجها ورأى اللبن عجب وقال من ين لكم هذا ولا حلوبه في البيت قالت إنه مر بنا رجل مبارك قال إني والله لأراه صاحب قريش الذي يطلب ويقول الرواة إنا فتيان قريش مروا بأم معبد فسألوها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشفقت عليه منهم فتعاجمت عليهم وقالت إنكم تسالون عن شيء ما سمعت به من قبل إخوة الإيمان والإسلام يقول الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها إو إمرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه أو كما قال التائب من الذنب حبيب الرحمن ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة….
الخطبة الثانية الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقابذو الطول لا إله إلا هو إليه المصير وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل عليه وعلى أصحابه صلاة دائمة ما دامت السماوات والأرض مازلنا إخوة الإيمان والإسلام نتحدث عن هجرة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم والمسلمون ينتظرون في المدينة ويترقبون وصول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم كما جاء في الصحيحين عن أبي بكر قال وخرج الناس حين قدمنا المدينة في الطرق وعلى البيوت والغلمان والخدم يقولون الله أكبر جاء محمد الله أكبر جاء محمد الله أكبر جاء رسول الله وتروي عائشة وتقول لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة جعل النساء والصبيان يقولن طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعا لله داع أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع جئت شرفت المدينة مرحبا يا خير داع فترك المسلمون أرض الذل والمهانة فأول شيء فعله الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه قام ببناء المسجد ليكون هو الجامع والجامعة التي يتربى فيها أصحاب رسول الله ثم عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك عقد الأخوة بين المهاجرين والأنصار فقال تآخوا في الله أخوين أ خوين فكانوا بها يتناصرون ويتعارفون ويتوارثون كما يتوارث الأخوة من النسب حتى نزل قول الله سبحانه وتعالى وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض…. فاعلموا إخوة الإيمان والإسلام أن الهجرة سنة كونية هاجر إبراهيم عليه السلام من أرض كنعان إلى مصر وهاجر كليم الله موسى من مصر إلى أرض فلسطين ولكن شتان ما بين هجرة الحبيب محمد وهجرة موسى عليه السلام فهجرة موسى عليه السلام كانت هجرة خوف لأن الذي أمره بها إنسان وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك أخرج ولكن هجرة الحبيب محمد كانت هجرة أمن وسكينة لأن الذي أمره بها هو الله رافع السماء بلا عمد و باسط الأرض على ماء جمد فأنزل الله سكينه عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العلياء ندعو الله سبحانه وتعالى ونقول اللهم صل على سيدنا محمد في الأولين وصلي عليه في الآخرين وصلي عليه في الملأ الأعلى إلى يوم الدين وصلي عليه في كل وقت وحيد اللهم ارحم المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع مجيب الدعوات يا رب العالمين اللهم باعد بيننا وبين خطايانا كما باعدت نين المشرق و المغرب ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار واجعل آخر كلامنا من الدنيا لا إله إلا الله محمد رسول الله وأقم الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.