بقلم الشيخ / عماد البية
إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله العظيم من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهدي الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا أحمده تعالى حمد الشاكرين وأعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من معاقبتك وأعوذ بك منك جل وجهك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك فلك الحمد يا رب حتى ترضى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا تراه العيون وأمره بين الكاف والنون وإذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون خلق محمدا واختاره على الكل واصطفاه وكشف له الحجاب عن قاب قوسين فرأه وأوحى إليه من سره المستور ما أوحاه ووعده المقام المحمود وسيبلغه مناه فالحمد لله الذي دلنا على نبيه فعرفناه وأجلنا بالقرآن العظيم فحفظناه وهدانا إلى بابه فسلكناه فالحمد لله حمدا لا ينقضي أوله ولا ينفذ أخراه فصل لله على محمد ما تحركت والشفاة وعلى آله وصحبه صلاة دائمة تدوم بدوام ملك الله وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا يوم القيامة سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه الذي ظللتة الغمامة ومشي على الرمل فلم تظهر له علامة وكان رحيما بالفقراء واليتامى وهو شفيعنا وشفيعهم يوم القيامة يوم الحسرة والندامة القائل في حديثه الذي رواه البخاري ومسلم من رواية أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الإيمان بضع وسبعون شعبة أفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطه الأذى عن الطريق والحياء شعبه من شعب الإيمان فصلاة وسلاما عليك سيدي يا رسول الله عليك وعلى آله وأصحابك الأخيار من المهاجرين والأنصار وأرض اللهم عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أما بعد فيا إخوة الإيمان والإسلام إن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فاستمع معي إلى الحق جل في علاه وهو يقول سبحانه يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون الأية تسعة المنافقون فبعد أن تحدثنا عن استحياء ابنتى شعيب عليه السلام وتحدثنا عن استحياء سيدنا موسى عليه السلام وحياء الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه وسيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه وكان عمر أيضا من أشد الناس حياء فكان حي كريم كان أشد الناس حياء من ربه فكان إمام كل لقمة هنية وإمام كل شربة وإمام كل زي يلبسه يستحي من الله فهو ينظر إلى نعم الله عليه وينظر إلى تقصيره في حق المنعم فكان يبكي ويقول ماذا أنت قائل لربك غدا يا عمر وكان يقول رضي الله عنه من قل حياؤه قل ورعه ومن قل ورعه مات قلبه وهذا عثمان الحي الكريم ذي النورين الذي اختصه الله بصفة الحياء فقد بلغ عثمان رضي الله عنه من صفة الحياء الذروة العليا ففي صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في بيتي كاشفا عن فخذه أو ساقه فاستاذن أبو بكر فإذن له وهو على تلك الحال فتحدث ثم استاذن عمر فإذن له وهو كذلك فتحدث ثم استاذن عثمان فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوى ثيابه وغطى ساقيه أو فخذيه واعتدل في الجلسة فدخل فتحدث فلما خرج قالت عائشة يا رسول الله دخل أبو بكر فلم تنهش.له ولم تباليه ثم دخل عمر فلم تنهش لا ولم تباليه ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك فقال لها يا عائشة ألا استحي من رجل تستحي منه الملائكه وهذا الحي الكريم علي كرم الله وجهه ففي الصحيحين يقول كنت رجلا مساء كان كثير نزول المذي فاستحييت أن أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته مني فعلي لم يستحي أن يسأل ولكن سأل بطريقه غير مباشر لمكان فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأمرت المقداد بن الأسود فسأله وهذه هي الغأية أن نتعلم العلم في المسألة فقال المصطفى صلوات الله وسلامه عليه فيه الوضوء يعني لا تغتسل بل.توضأ فقط وهذا أبو موسى الأشعري كان إذا نام يشد عليه السراويل حتى لا تنكشف عورته وهو نائم وهذه هي الحيية الصديقه حبيبة رسول الله عائشةرضوان الله عليها فتقول عائشة كنت ادخل الحجرة التي دفن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي فرسول الله دفن في حجرة عائشة ودفن معه الصديق تقول كنت أدخل الحجرة وقد وضعت عني ثيابي يعني بتخفيف تلبس قميصا خفيفا لأنها في بيتها وكنت أدخل الحجرة وقد وضعت عني ثيابي وأقول إنما هو زوجي وأبي فتقول عائشة فلما دفن عمر والله ما دخلت الحجرة إلا وأنا مشدوده علي ثيابى حياء من عمر بن الخطاب وهو ميت تستحي عائشة من الأموات فتعالوا بنا إخوة الإيمان والإسلام في الحديث الذي يأمرنا فيه الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه بالحياء الكامل فقال استحيوا من الله حق الحياء قالوا أصحابه يا نبي الله إنا لا نستحي والحمد لله فيقول لهم الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه مبينا حقيقة الحياء ليس ذلك ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى وتحفظ البطن وما حوى وأن تذكر الموت والبلا ومن أراد الآخرة ترك الدنيا وزينتها وآثر الآخرة على الأولى فمن فعل ذلك فقد استحيى من الله حق الحياء وقد تحدثنا عن المقصود بالرأس وما وعى والبطن وما حوى واليوم نتكلم عن الموت والبلا فهو حقيقه لابد منها ولا بد وأن نؤمن بها لأن الله سبحانه وتعالى قال وأخبرنا في قرآنه على لسان نبيه صلوات الله وسلامه عليه فيقول تعالى مشيرا ومذكرا ببدايةالإنسان ونهايته ولقد خلقنا الإنسان من سلاله من طين إلى قوله ثم إنكم يوم القيامة تبعثون سورة المؤمنون فهذه الحقيقة يبينها لنا الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه في خطبتة التي أقسم فيها وقال والله لا تموتن كما تنامون و لتبعثن كما تستيقظون و لتحاسبن بما تعملون لتجزون بالإحسان احسانا وبالسوء سوء وإنها لجنة أبدا أو نار أبدا فلا بد وأن يعتبر المؤمن نفسه ضيفا في هذه الحياة وأن يعتبر نفسه غريبا ولذلك قال الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه مشيرا إلى ذلك حينما قال في حديثه لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما معلقا على هذه الوصية يا عبد الله إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك وهذا المعنى قال سلمان الفارسي رضي الله عنه أمرني خليل صلى الله عليه وسلم إلا أتخذ من الدنيا إلا كماتاع الراكب فلابد وأن نخرج الدنيا من قلوبنا فالزاهد وليس الزاهد ملا مال عنده بل الزاهد من لم يشغل المال قلبه وان اوتي مثل ما اوتي قارون ولذلك يقول الحبيب محمد في الحديث الذي رواه ابو هريرة واكثروا من ذكر هازم اللذات يعني الموت أو كما قال التائب من الذنب كمن لا ذنب له فاستغفروه إنه كان غفور رحيما…
الخطبة الثانية الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو واليه المصير وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل عليه وعلى أصحابه صلاة دائمة ما دامت السموات والأرض أما بعد فيا إخوة الإيمان والإسلام وأما البلاء فقد روي أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه خرج ذات يوم مع جمع من المسلمين يشيع جنازه فتوقف في طريقه بين القبور عن مواصلة المسير مع المشيعين فقال له أحدهم يا أمير المؤمنين لما تخلفت عن الجنازة وأنت وليها فقال نعم ناداني القبر من خلفي فقال يا عمر يا بن عبد العزيز ألا تسالني ما صنعت بالأحبة قلت بلى قال أحرقت الأكفان ومزقت الأبدان ومصصت الدم وأكلت اللحم ثم قال ألا تسالني ما صنعت بالأوصال قلت بلى قال نزعت الكفين من الذراعين والزراعين من العضدين والعضدين من الفخذين والفخذين من الركبتين والركبتين من الساقين والساقين من القدمين ثم بكى وأبكي من معه ولذلك قال أبو ذر قلت يا رسول الله فما كانت صحف موسى عليه السلام قال كانت عبر كلها عجبت لمن أيقن بالموت ثم هو يفرح عجبت لمن أيقن بالنار ثم هو يضحك عجبت لمن أيقن بالقدر ثم هو ينصب عجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم اطمئن إليها عجبت لمن أيقن بالحساب غدا ثم لا يعمل وقد ورد كذلك إن الله تعالى قال مخاطبا الدنيا في صحف إبراهيم وموسى عليهما وعلى نبينا الصلاه والسلام يا دنيا ما أهونك على الأبرار الذين تزينت لهم أني قد قذفت في قلوبهم بغضك والصبر عنك ما خلقت خلقا أهون علي منك أني قضيت عليك يوم خلقتك إلا تدومي لك أحد فلا بد وأن تكون مستعدا للحظة الرحيل حتى إذا ما أنتهت حياتك وجاءك ملك الموت كنت فرحا بلقائه عليه السلام كبلال رضي الله عنه الذي ورد عنه وهو يحتضر كانت ابنته تبكي بجواره وتقول وأبتاه وكرباه وحزناه فتنبه وهي تقول هذا الكلام فزجرها ونهرها ثم قال لها لا تقولي ذلك لا تربى على أبيك بعد اليوم اليوم نلقى الأحبة محمدا وحزبه لذلك قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني إنك منذ نزلت إلى الدنيا استدبرتها واستقبلت الآخرة فدار أنت إليها تسير وأقرب من دار أنت عنها ترحل ندعو الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا اللهم أرنا الحق حقا وأرزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا اجتنابا اللهم ارحم المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع مجيب الدعوات يا رب العالمين وأقم الصلاة إن الصلاة كانت علي المؤمنين كتابا موقوتا