العشر من ذى الحجة


بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الله تعالى يحب من عباده التوابين الذين إذا أذنبوا أي ذنب عادوا إلى الله واستغفروه وتابوا إليه، والمتطهرين الذين هم دائما على طهارة، وإن الله تعالى حثنا على استباق الخيرات لعظيم ما ينتظر المسابقين من الربح الذي لا ينبغي التكاسل عنه، ولأن المسارعة تثبّت الإنسان على الاستمرار على عمل الآخرة، ولأن الحياة الدنيا فرصة فقد تعرض للإنسان فيها صوارف تمنعه من المسابقة إلى عمل الخير والصبر عليه فالدنيا كثيرة الأمراض والهموم والحوائل والفتن وتقلبات الأحوال ومفاجأة الآجال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا، ويمسي كافرا، أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا” رواه مسلم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه “اغتنم خمسا قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك”رواه البيهقي.

وقال الحسن البصري رحمه الله “المبادرة المبادرة، فإنما هي الأنفاس لو حبست انقطعت عنكم أعمالكم التي تتقربون بها إلى الله عز وجل، رحم الله امرأ نظر إلى نفسه وبكى على عدد ذنوبه، ثم قرأ هذه الآية من سورة مريم ” إنما نعد لهم عدا” وقال أيضا “يتوسد المؤمن ما قدم من عمله في قبره، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، فاغتنموا المبادرة رحمكم الله في زمن المهلة” وإن من أعظم نفحات أمة محمد صلى الله عليه وسلم على الإطلاق هى عشر ذي الحجة فها نقترب من هذه الأيام فهى مواسم الخيرات والطاعات التي أكرمنا بها رب الأرض والسماوات، فهى مواسم الصلاح التي يُضاعف للمؤمنين فيها من الأجور والأرباح، وهذه هبات ربانية لا تكون إلا للأمة المحمدية أمة العمل القليل والأجر الكبير والفضل العظيم، لتحمد الله أن جعلك من أمة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، فالحمد لله الذي أنعم على الأمة المحمدية بمواسم الطاعات وميادين الخيرات.

وساحات المغفرة والرحمات، حيث يتسابقون فيها إلى رضوانه، ويتنافسون فيما يقربهم من فضله وإحسانه، وهذه المواسم منحة ومنة من الله تعالى على عباده لأن العمل فيها قليل والأجر والثواب جزيل، وهى والله فرصة عظيمة لا يحرم خيرها إلا محروم، ولا يغتنمها إلا من وفقه الله، فإن ميدان التنافس على أعمال الخير ميدان فسيح يستطيع المسلم صاحب الهمة العالية أن يربح فيه ويغنم، وإن اختلفت أحواله وكثرت أعماله وقلت معرفته وخبرته فالمسابقة في أداء الواجبات وترك المحرمات القولية والفعلية، والمسابقة في نوافل العبادات كالصلوات والصيام والصدقات، والمسابقة في الإحسان إلى الناس وتفريج كروبهم وإعانتهم على صلاح دينهم ودنياهم، والمسابقة في الدفاع عن شريعة الله والحفاظ على هوية الأمة وحماية بيضتها وأهلها، والمسابقة في كثرة ذكر الله تعالى وقراءة القرآن وحضور مجالس العلم والسؤال عما يجهل المسلم من أمر دينه.

والمسابقة في استغلال مواسم الخير التي يتفضل الله بها على عباده ليغتنموا خيراتها وبركاتها، فتثقل بها موازين حسناتهم وترتفع درجاتهم عند ربهم، وإن من مواسم الخير الشريفة التي ينبغي استغلالها بالمسابقة إلى الأعمال الصالحة، وإن العشر الأول من ذي الحجة، هي أيام فاضلة، وغنيمة باردة على العاقل أن يعمرها بالطاعة المضاعفة، وإن من مواسم الخير والطاعة والعبادة، هى العشر الأول من ذي الحجة، فقد نوّه القرآن الكريم بفضلها، وأسفر صحيح السنة النبوية عن شرفها وعلو قدرها، وإن من فضل الله تعالى على عباده أن جعل لهم مواسم للطاعات، يستكثرون فيها من العمل الصالح، ويتنافسون فيها فيما يقربهم إلى ربهم، والسعيد من اغتنم تلك المواسم، ولم يجعلها تمر عليه مرورا عابرا ومن هذه المواسم الفاضلة هى أيام العشر من ذي الحجة، وهي أيام شهد لها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بأنها أفضل أيام الدنيا.

وحث على العمل الصالح فيها بل إن الله تعالى أقسم بها، وهذا وحده يكفيها شرفا وفضلا، إذ أن العظيم لا يقسم إلا بعظيم وهذا يستدعي من العبد أن يجتهد فيها، ويكثر من الأعمال الصالحة، وأن يحسن استقبالها واغتنامها، ولكن بأي شيء نستقبل الأيام العشر من ذي الحجة؟ فحري بالمسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة، ومنها عشر ذي الحجة بأمور عظيمة مثل التوبة الصادقة، فعلى المسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة بالتوبة الصادقة والعزم الأكيد على الرجوع إلى الله، ففي التوبة فلاح للعبد في الدنيا والآخرة، فيقول الله تعالى فى سورة النور “وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون” وكذلك نستقبل الأيام العشر من ذي الحجة بالعزم الجاد على اغتنام هذه الأيام، فينبغي على المسلم أن يحرص حرصا شديدا على عمارة هذه الأيام بالأعمال والأقوال الصالحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.