بقلم / د. فرج أحمد فرج
انت طيب .. اذا انت بخير .. فلا تفرط في طيبتك.. فيظن الخبثاء انك ضعيف وساذج لان الشيئ اذا زاد عن حده انقلب لضده .
انك محبوب ومقبول لدي الاخرين ولكن الامر لا يقف عند هذا الحد فمع الوقت كرامتك تبدأ فى الانهيار لان الجميع يعلمون انك لن تغضب ولن يكون لك رد فعل عنيف فتصاب بالحزن من كونك تبدوا لهم ساذجا وغالبا ما يتحدث معك الاخرون بجدية او يقدمون لك النصائح لانهم يرونك عديم الخبرة .
الطيبون لا يفرقون بل يجمعون ولا يحملون ضغبنة في نفوسهم ولاغل ولا حقد ولا انانية ولا تعالي علي الناس بانهم افضل واكثر عفة وطهارة من غيرهم .. لا يحاسبون الناس علي نواياهم ..
الطيبون اكثر تسامحا واكثر كرما ويحبون الناس وينجرحون عند نكرانهم .
يحافظون علي العهد ولا ينكرون الفضل بينهم بل يتذكرون فضائلنا قبل ان يتعقبوا عوراتنا ونقائصنا ويحافظون علي العيش والملح والذكريات الجميلة بينهم ولا يشمتون في مصائبنا واحزاننا ومرضنا
نحن لسنا ملائكة ولا قضاة كي نحاسب الاخريين .. هم دائما يحاسبون انفسهم قبل ان يحاسبهم الاخريين .
ودائما يتعرضون للأذية ولايعترضون يعطون كل مايستطيعون ولايطلبون في أعينهم بريق الصدق وعلى ألسنتهم أطيب ذكر توقن أن الدنيا بخير..
احرصوا على هؤلاء الأصدقاء ..لأنهم الأصدقاء الحقيقين صبرهم على زلاتنا
الأنقياء لا يلتقون صدفة بل تجمعهم نواياهم الطيبة تكفينا في هذه الدنيا قلوب نقية، وكلمة طيبة، وإبتسامة صادقة ترسم على محيانا فرحة وينطلق لساننا بحمد الله وشكره فهناك قلوب طيبة تبتلع الألم بصمت، وتُبرر أخطاء الآخرين بحسن نية وتحبُ وتعذُر وتسامح ، فلنكن أثرياء بأخلاقنا وقناعاتنا وكبار بتواضعنا
وأخطائنا يبين معدنهم الأصيل يجب ان ياخذوا مكانه كبيره في قلوبنا
الله أمرنا أن نكون طيبين في أقوالنا وأعمالنا وذواتنا وأموالنا ونهانا أن نكون من الخبيثين في أقوالنا وأعمالنا وأموالنا وذواتنا فانظروا وتأملواهل يستوي من طاب لسانه وطاب قوله فلا يقول إلا طيبا ولا ينطق إلا خيرا،هل يستوي المؤمن طيب الأعمال الذي إذا رأيته رأيت عمله طيبا عمله حسنا عملا يحبه الناس ويحبه الله يؤدي فرائض الله طيبا في أعماله راع لأمانته في وظيفته .
هل يستوي هذا مع ذلك الخبيث في عمله وفعله تراه لا يرع أمانة الله ،هل يستوي المال الطيب والمال الخبيث فالطيب من المال وإن قال فماله إلى بركة ماله إلى خير،لا يستوي هذا مع صاحب المال الخبيث ولو كان الحرام قليلا،وفي الحياة فالطيبات للطيبين .
الأقوال الطيبة لا تصدر إلا من أناس طيبين .
الأقوال الخبيثة لا تخرج إلا من أناس خبيثون.
الطيبون هم أشخاص تلمح في أعينهم البراءة براقة، وتسمع في صوتهم نبرة الصدق الرنانة، وتبصر فيهم بوضوح لمعة الحس الطفولي الجذاب، لأن وجدانهم مملوء برهافة المشاعر الإنسانية، فينعكس ذلك في مظاهرهم، ويُعبر أهل الطيبة عما بداخلهم بنبل وطهر، الأمر الذي يظهر حقيقة ما يحمله جوهرهم، لكن في الواقع الذي يعيشون فيه يتجلى التناقض بشكل
إن يقظة ضمير الطيبين فائقة البهاء؛ فحياتهم تتميز بالشفافية والوضوح وعدم التزييف، وهذا بالذات ما يسمو بأرواحهم عما يفسدها، وليس الأمر هيّنا أن يكونوا كذلك في ظل مجتمع سكيزوفريني يحمل أفراده أقنعة متعددة
إن يقظة ضمير الطيبين فائقة البهاء؛ فحياتهم تتميز بالشفافية والوضوح وعدم التزييف، وهذا بالذات ما يسمو بأرواحهم عما يفسدها، وليس الأمر هيّنا أن يكونوا كذلك في ظل مجتمع سكيزوفريني يحمل أفراده أقنعة متعددة، فالعيش في هذه البيئة غير النقية يذهب كثيرا من المصداقية، والأصعب من هذا أن الحياة في هذه الأجواء تفرض على الطيبين الدخول في صراعات متعبة جدا مع ضميرهم الحي؛ بتحريضهم على أشياء لا تقبلها ضمائرهم وإن كانت هذه الأشياء فيها متعة كثيرة ولذة كبيرة، وإن كان هذا الصراع القائم يحمي الطيبين من السقوط في مستنقع الدناءة وسوء الأخلاق الذي يتم الترويج له وإظهاره في حلة جميلة، وبذلك أيضا يتمكنون من الحفاظ على التوافق بين ما يتبنونه فكرا وما يمارسونه سلوكا، إلا أن مثل تلك الصراعات مضنية ومستنزفة للقوى في الوقت نفسه.
الطيبون لا يرون ما يليق بهم في هذا العالم؛ ما دام أن طهر نوياهم ونقاء بواطنهم لا يستويان مع خبث من يعيشون معهم في هذه الحياة غير الآمنة، ومن غير المقبول أن يستطيع احتواء طهر ذوي الأرواح الطيبة غالبية سكان الأرض الذين يميل معظمهم للفساد ولو بشكل مستبطن، ويمتلئون بالأحقاد والغل والدناءة وكل ما يسيء إلى رقي إنسانيتهم الحقه ونبل قيمهم.
أصحاب الأرواح الطيبة هم أناس مسالمين جدا إلا أنهم يحظون بنصيب كبير من المعاناة، فبرمتهم يعانون ألوانا من الظلم والتعسف من طرف الآخرين، بالرغم من أن أفعالهم لا تخرج في غالب الأحيان عن دائرة الصواب الأخلاقي والنبل القيمي في التعامل والتصرف مع البشر، فظُلم الآخرين مصيبهم وإن غضوا الطرف عن الظالمين وتجنبوا الأشخاص المتعطشين للظلم وهذا ما يزيد من اعتقادهم بأن الأشياء السيئة غالبا ما تحدث للناس الطيبين.
الشيء الذي يخلف حزنا مفرطا عندهم جراء ما يتعرضون له؛ ولعل ذلك ما يفسر تكرار الشعور بحالة من الشظف والكربة التي تجعلهم يحسون، وكأنهم يعيشون في حياة غير عادلة لا تتوفر فيها أدنى مستويات الأمن والأمان من العدوان البشري الجائر.
وبقدر ما يحملون من مبادئ
يحسون أنهم في وسط غير آمن مبادئيا لأنه محفوفين بالخبث والخداع، ويكتشفون متأخرين أن أغلب من حولهم مجرد نسخ بشرية معطوبة لا مبادئ لها، فيشعرون بالأسف والكآبة، ويسيطر عليهم الإحباط، ورغم ذلك يصر الطيبون على العيش أعزاء بمبادئهم، ويؤثرون التضحية بكل ما يملكون لأجل مبادئهم التي يقيمون لها وزنا واعتبارا لكن في مجتمعاتنا نجد جل الممارسات والأنماط السلوكية الطاغية تخلوا منها، لهذا يتصرف معظم البشر بعكس ما ينبغي أن يتصرفوا به؛ فيحاربون الطيبين ويستهزؤون بهم وينتقصون من رقي تعاملهم لمجرد أن طيبتهم تبرز قوة مبادئهم الراسخة التي لا تتزعزع، وهذا ما يؤكد حقيقة واقعة تتجسد في عدم توافق سلوك الطيبين مع واقع الناس الذين يتقاسمون معهم الأوكسجين فوق هذا الكوكب.
وغالبا ما يتربص بهم القدر ويعلن مغادرتهم من الدنيا دون أن ينالوا أوسمة المجد والشرف فيها، في حين يستمر طغاة الأرض وحثالتها في الحياة محاولين بكل ما أتوا من خبث تشويه جمال الطيبين سواء الراحلين منهم أو الذين لم تنتهي بعد فترة مكوثهم المحدودة في الأرض، وكأن القدر يصدح بصوت عال كم هو قصير جدا مشوار حياة الطيبين، يغادرون مبكرا تاركين خلفهم تساؤلات كثيرة معظمها تبقى بلا جواب، آنذاك لا يصبح أمامنا إلا الرضا باختيار القدر الذي ينقذ الطيبين من غلبة شرور البشر، واستلاء خبثهم على الأرواح الطيبة، فيرحلون مرفوعي الرأس منتصرين لا مغلوبين.
فرج احمد فرج
باحث انثروبولوجيا