بقلم / محمـــد الدكـــروري
وينبغي علي كل مسلم ومسلمة دراسة سيرة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه وكيف كانوا يجاهدون الفتن ويحذرونها، ومنها كثرة الدعاء والإلحاح فيه بالثبات على الهدى والرشد والاستقامة وكثرة الاستعاذة بالله من الفتن والزيغ والضلالة، ومنها أيضا قيام الليل والاستكثار من نوافل الطاعات، فقد رغّب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في العبادة في الفتنة فقال “العبادة في الهرج كهجرة إلي” رواه مسلم، ولما استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعا من نومه مما فتح تلك الليلة من الخزائن وما أنزل تلك الليلة من الفتن قال ” من يوقظ صواحب الحجرات” يعني من يوقظ نساءه للصلاة بالليل والدعاء والتضرع فإنه وقت مبارك ولا سيما في ثلثه الأخير منه، ومنها طلب العلم الشرعي.
والدراسة على أهله ومصاحبة الأخيار الأبرار العاملين بعلمهم فإن ذلك كله مما يعين العبد بعد توفيق الله على العصمة والسلامة من الفتن، وإن العوامل التي بها صلاح المجتمع الإسلامي وغيره، هي العوامل التي قام بها إمام النبيين والمرسلين رسول الله محمد صلوات الله عليه، وقام بها صحابته الكرام رضوان الله عليهم من بعده، وأما عن مقتل خالد بن عبد الله، فكان لما ولي الوليد بن يزيد استقدم خالدا وقال أين ابنك قال هرب من هشام وكنا نراه عندك حتـى استخلفـك الله فلم نره وطلبناه ببلاد قومه من الشراة فقال ولكن خلفته طلبا للفتنة فقال إنا أهل بيت طاعة، فقال لتأتيني به أو لأزهقن نفسك، فقال والله لوكان تحت قدمي ما رفعتهما عنه، فأأمر الوليد بضربه، ولما قدم يوسف بن عمر من العراق بالأموال.
فقد اشتراه من الوليد بخمسين ألف ألف، فقال له الوليد إن يوسف يشتريك بكذا فاضمنها لي قبل أن أدفعك إليه، فقال ما عهدت العرب تباع والله لو سألتنى عودا ما ضمنته، فدفعه إلى يوسف فألبسه عباءة وحمله على غير وطاء وعذبه عذابا شديدا وهو لا يكلمه، ثم حمله إلى الكوفة فاشتد في عذابه ثم قتله ودفنه فى عباءه ويقال أنه قتله بشيء وضعه على وجهه وقيل وضع على رجليه الأعواد وقام عليها الرجال حتى تكسرت قدماه، وكان ذلك في شهر المحرم فى عام مائه وستة وعشرين من الهجره، وفى النهايه نقول أنه قد كان خالد بن عبدالله القسري من عمال بني أمية، وقد غضب لله تعالى وغار من كفر عدو الله الجعد بن درهم، حيث زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولا كلم موسى تكليما، فقتله غضبا لله وغيرة وحمية.
فأقره على ذلك وشكره عليه جميع أهل السنة، فكان إجماعا، ولا يلزم من ذكر الإجماع على مسألة أو قضية أو فتوى أن يبعث إلى جميع الأمة ويشاورهم على فعلها، ولا يكون إجماعا إلا ما كان كذلك، وهذا لم يقله أحد من العلماء، بل الذي ذكر أهل العلم أن الصحابي أو الواحد من العلماء، إذا قال قولا أو قضى بقضية فانتشرت وظهرت ولم يكن لها مخالف من الصحابة، أو فعل ذلك أحد من التابعين ولم يعرف له مخالف، أن ذلك إجماع، وقد اشتهر قتل خالد بن عبدالله القسري لجعد عدو الله ولم ينكره أحد من التابعين ولا من بعدهم من العلماء، ولم يُعرف في ذلك مخالف، فكان إجماعا.