الدكروري يكتب عن فضل سورة الأنبياء


بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن ما ورد في فضل سورة الأنبياء، فهو حديث صحيح عن ابن مسعود، وهو مشترك في فضل عدة سور قرآنية، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال “بني إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء، هن من العتاق الأول، وهن من تلادى” والعتاق هو جمع عتيق، وإن العرب تجعل كل شيء بلغ الغاية في الجودة عتيقا، والمراد هو تفضيل هذه السور لما تضمنت من أخبار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وقصصهم، وتلادي أي من الأشياء التي كان يداوم عليها النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ومن السور التى أحبها وأكثر من قراءتها، فكانت لها مكانة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم مع بعض السور المكية الأخرى، وأما عن الخليل إبراهيم عليه السلام فقد ذكر الله تعالى مناظرته لأبيه وقومه.

وكان أول دعوته لأبيه، وكان أبوه ممن يعبد الأصنام لأنه أحق الناس بإخلاص النصيحة له، كما قال الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة مريم “واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا، قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا ” ويذكر الله تعالى ما كان بينه وبين أبيه من المحاورة والمجادلة.

وكيف دعا أباه إلى الحق بألطف عبارة وأحسن إشارة وقد بين له بطلان ما هو عليه من عبادة الأصنام التي لا تسمع دعاء عابدها ولا تبصر مكانه، وكيف تغني عنه شيئا أو تفعل به خيرا من رزق أو نصر؟ ثم قال منبها على ما أعطاه الله من الهدى والعلم النافع، وإن كان أصغر سنا من أبيه يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا، أي مستقيما واضحا سهلا حنيفا، يفضي بك إلى الخير في دنياك وأخراك، فلما عرض هذا الرشد عليه، وأهدى هذه النصيحة إليه لم يقبلها منه، ولا أخذها عنه بل تهدده وتوعده قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك، قيل بالمقال وقيل بالفعال واهجرني مليا أي واقطعني وأطل هجراني، فعندها قال له إبراهيم، سلام عليك.

أي لا يصلك مني مكروه، ولا ينالك مني أذى بل أنت سالم من ناحيتي، وزاده خيرا فقال سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا، وقال ابن عباس وغيره أي لطيفا يعني في أن هداني لعبادته والإخلاص له ولهذا قال وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا وقد استغفر له إبراهيم عليه السلام، كما وعده في أدعيته، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه، وكما قال الله تعالى فى سورة التوبة ” وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.