بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية الكثير عن الإمام عطاء بن أبي مسلم الخراساني، وقال عنه الإمام ابن حجر العسقلاني عن عطاء أنه صدوق يهم كثيرا ويرسل ويدلس من الخامسة، وروي عن الإمام عطاء بن أبي مسلم الخراساني الكثير من الآثار في تفسير القرآن وعلومه، حيث اهتم بأسباب النزول في تفسير الآيات، وألف في الناسخ والمنسوخ وتنزيل القرآن، وترتيب السور وبيان المكي والمدني، كما اعتنى باستخراج الأحكام الفقهية من الآيات، وبيان غريب القرآن، وكان عالما بالقراءات العشر، واعتمد في تفسيره للقرآن على تفسير القرآن بالقرآن والتفسير بالأحاديث النبوية، والاستشهاد بأقوال الصحابة خاصة أقوال عبد الله بن عباس، والاعتماد على لغة العرب.
وأحيانا الاجتهاد والاستشهاد بالاسرائيليات في تفسير الآيات، كما يستخدم التفسير بالمثال أو القصة، ويهتم بتفسير الأمثال في القرآن، وقد أخرج أصحاب التفاسير المُسندة كعبد الله بن وهب وعبد الرزاق الصنعاني وابن المنذر النيسابوري ومحمد بن جرير الطبري وابن أبي حاتم، وغيرهم الكثير من مرويات عطاء الخراساني وأقواله من طرق متعددة، وما يُروى عن عطاء الخراساني في التفسير على أربعة أصناف، فالصنف الأول هو ما يرسله عن الصحابة كابن عباس وغيره، والصنف الثاني وهو ما يرويه عمّن سمع منهم من التابعين كسعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وعكرمة مولى ابن عباس، وعاصم بن ضمرة، والصنف الثالث وهو ما يرسله من الإسرائيليات.
والصنف الرابع وهو أقواله في التفسير، وقد روى الماوردي في النكت والعيون، وابن الضُريس في فضائل القرآن، عن عطاء الخراساني أثرا طويلا يبين فيه ترتيب السور من حيث نزولها، وبيّن السور المكية والسور المدنية، بالرغم من أن هذا الأثر يختلف عن الروايات الأشهر في ترتيب السور، حيث ذكر أن أول السور نزولا هي سورة الفاتحة، والأشهر أنها سورة العلق، وغير ذلك من الاختلافات، وقد ذكر ابن عاشور أنه قد يكون هذا الترتيب حسب أول سورة نزلت كاملة أي غير منجمة، وقد روى له مسلم بن الحجاج وأصحاب السنن الأربعة، وأنكر الذهبي أن يكون البخاري قد روى له، بل قال إن عطاء الذي في صحيح البخاري هو عطاء بن أبي رباح وليس عطاء الخراساني.
فقال قيل إن الذي في تفسير سورة نوح من صحيح البخاري، هو عطاء الخراساني، وليس بجيد، بل هو عطاء بن أبي رباح، فعلى هذا لا شيء للخراساني في صحيح البخاري، وكان الإمام عطاء إبن أبي مسلم يجادل القدرية والحرورية، فتنازع مع أحد المُحدثين وهو ثور بن يزيد لكلامه في القدر ونهى عن مجالسته، وقال لا تجالسوا ثور بن يزيد، إنه كان قدريا، وقال ثلاثة لم تكن منهم واحدة في أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم لم يحلف أحد منهم على قسامة، ولم يكن فيهم حروري، ولم يكن فيهم مكذب بالقدر، وكان يحذر الناس من البدع، وكان يحث على الجماعة، فيقول “ثلاث لا تنفع اثنتان دون الثالثة، الإيمان والصلاة والجماعة” وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أنه كان ممن يعتقد أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص.