بقلم/ محمـــد الدكـــروري
لقد ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير عن الصحابي الجليل زيد بن ثابت فقيل أنه كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه كان يستخلفه إذا حج على المدينة، وكما أن الصحابي زيد بن ثابت رضى الله عنه، هو الذي تولى قسمة الغنائم يوم اليرموك، وقد استعمله عمربن الخطاب على القضاء وفرض له رزقا، وكان والد الصحابى الجليل زيد بن ثابت توفى يوم بعاث وبعاث أو يوم بعاث هي آخر معركة من معارك الأوس والخزرج بيثرب، قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم, وبُعاث وقعت قبل الهجرة بخمس سنوات وتعد أشهر وأدمى معركة بين اليثربيين وآخرها إذ أخذت بهم الأحقاد والضغون إلى أن أخذوا يستعدون لها ويعدون قبل شهرين وقيل أربعين يوما من وقعتها وقد حالف الخزرج أشجع وجهينة.
وحالف الأوس مزينة وقبائل اليهود بني قريظة وبنو النضير وغيرهم وسميت المعركة ببعاث نسبة للمنطقة التي تصادم بها الحشدان وقامت عليها الحرب، وكانت يثرب تموج بحروب لا بداية لها ولا نهاية بين الأوس والخزرج، فكان في نفوسهم الشيء الكثير من الثارات والاحتقانات وكان يوم بُعاث خاتمة لهذه الحروب الأهلية التي أنهكتهم لسنين مديدة، وكانت بدايات واقعة بُعاث أن علمت الخزرج أن بني قريظة و بني النضير يعاونون الأوس في معاركهم، فبعثوا لهم رسالة يعمها التهديد والتخويف وتأليب من هم أقوى منهم عليهم من العرب وطلبوا منهم أن يعتزلوا، ويخلوا بينهم وبين الأوس فلا يشركون أنفسهم في ما ليس لهم، فلما بلغ اليهود ذلك ردوا على الخزرج.
أن الأوس قد طلبوا نصرتهم لكنهم لن يفعلوا، فطلب الخزرج حينها من اليهود النضير وبني قريظة، رهائن تكون معهم ليأمنوا حربهم، فأرسل لهم اليهود أربعين غلاما من غلمانهم إلى الخزرج، وفي أحد الأيام قام عمرو بن النعمان البياضي إلى قومه الخزرج وأطمعهم في أراضي النضير وبني قريظة وما تحويه من ماء ونخيل، وما عليه أرضهم من سبخة لا تسكن ولا تطاق، ثم كتب إلى قريظة والنضير يطالبهم بأن يخلوا بينهم وبين ديارهم أو قتل الرهائن, فعزم بنو قريظة والنضير على الجلاء والخروج إلا أن كعب بن أسد القرضي قال ” يا قوم امنعوا دياركم وخلوه يقتل الرهن والله ما هي إلا ليلة يصيب فيها أحدكم امرأته حتى يولد له غلام مثل أحد الرهن ” فما كان من القوم إلا أن وافقهوه رأيه.
وراسلوا عمرو بأنهم رفضوا تسليم منازلهم، فقام عمرو وبعض مُطيعيه من الخزرج فقتلوا الرهن, ولم يرضى هذه الفعلة عبد الله بن أبي بن سلول فقال هذا عقوق ومأثم وبغي فلست معينا عليه ولا أحد من قومي أطاعني، وبعد هذه الحادثة وبنفس اليوم تقاتل الأوس مع الخزرج قتالا يسيرا, ثم أرسل النضير وبني قريظة إلى الأوس بالقتال معهم ونصرتهم على الخزرج كما حالفتهم بنو ثعلبة وبنو زعوراء، وأجمعوا أمرهم على القتال.