الدكروري يكتب عن رساله إلي الزوجين ” جزء 2″


بقلم / محمـــد الدكـــروري

ويجب على من وقع في هذه الفتنة أن يراجع نفسه وسلوكه، يصلح بيته ويهتم بزوجته ويقتنع بالحلال، فغازل زوجتك وأرسل لها رسائل الحب والغرام، أرسل لها الورد، صور لها قلبك وهو ينبض بحبها، كن معها في البيت مُحبا وعاشقا ومُغرما، العب معها تسابق معها، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتسابق مع نسائه، اخرج معها إلى الحدائق والمنتزهات، تصور معها سافر معها، احملها بين يديك، أنفق عليها، وسترى منها ما يملأ عينيك بإذن الله، ما الذي يمنع؟ ليست الزوجة فقط للضيوف وللغسيل وللأكل وللغنم وللبقر، فإن الزوجة للحياة كلها، الزوجة تغنيك عن الحرام تعفك عن محارم الناس، تمنعك من تعدي حدود الله، وإلى من لم يأتها الله برزقها في الزواج لا تحزني، وعيشي عمرك أجمل من العمر الذي سبق، ولماذا الحزن وهذه مقادير رب العالمين أرحم الراحمين، وربما يكون في التأخير خير وسعادة بإذن الله، فعليكي أن تشغلي نفسك بما يحبه الله ويرضاه.

فاشغلي نفسك بالدراسة والتعلم، أوأنجزي أعمالا طيبة ربما لم تكوني لتنجزيها لو كنتي متزوجة وفي هذا تدركين رحمة الله بكي وحكمته، وإياكي أن تقارني نفسك بأخرى فأنت لك كيانك وشخصيتك التي ميزكي الله تعالي بها، فقولي لنفسك يا رب، ساعدني لأنجح في هذا الامتحان يا أرحم الراحمين، واعتبري تأخر الزواج اختبارا، واصبري واحتسبي، ومع ذلك اشغلي نفسك بالطاعة حتى لا تشغلك بالمعصية، وتعلمي وتفنني وأتقني كل ما هو مشروع ومتاح لكي بحسب إمكانياتك، وتأكدي أن رزقك مكتوب عند الله، ولا تكوني كبعض الفتيات عندما تسألهن إحدى النساء ألم يأتكي عروس؟ تقول خجلة في يأس كلا، بل ثقي بالله، وانطقي بثقة وأدب أن ذلك لم يقدر لك بعد، ولا يغرنك كثرة من تزوجن حولك فأنتي لا تعلمين حال كثير منهن بعد الزواج، فربما هن في امتحان آخر وأنتي لا تعلمين، فأنتي حين لم يرزقكي الله زوجا، هذا يعني أن ذلك لم يقدر لكي حتى الآن.

والله أحكم وأعلم بحالك منكي لهذا لا تشغلي نفسك بالرزق، بل اشغلي نفسك بطاعة الرزاق، ولا تجتهدي لكي توقعي أحدهم في مصيدة الحب المزعوم، بل اجتهدي في طاعة من بيده كل شيء الرزاق جل وعلا، وأكثري من الدعوات لنفسك بالزوج الصالح، لا تقولي زوج فقط، فربما يأتيكي زوج لا يقدرك ولا يفهمك لهذا إذا دعوتي الله، فادعي الله بدعوة طيبة، قولي “اللهم ارزقني الزوج الصالح والذرية الصالحة” فإن هذه همسة لكل مسلمة لا أقول فاتها القطار كما يقولون فهذا خطأ، بل أقول لم يقدر لها الزواج حتى الآن، أقول لها حافظي على نفسك حتى يأذن الله، واشغلي نفسك بالخير والصحبة الصالحة، وكما أن الزوجه عليها أن تراقب الله تعالى في زوجها وفي رعايتها لبيته وولده، وأن تحفظه في غيبته وحضرته، وأن تفعل كل ما يسره ويرضيه فهي راعية ومسؤولة عن رعيتها، ولا تطالبه بما لا يستطيع، وتعينه على بر والديه وأقاربه.

وصلة الأرحام والإحسان إليهم، ويجب عليها الحذر من أن تجعله عسلا لأهلها حنظلا لأهله، وألا تكون فرحة وهو حزين، ولا تكون حزينة وهو فرح، بل ينبغي أن تشاركه في فرحه وحزنه، وأن تكون سديدة الرأي، حكيمة التصرف حتى تكون مستشارا مؤتمنا له، ولا تستعجل له في طلب سبب حزنه وكآبته حتى تغمره بحنانها، وتطعمه إن كان جائعا، وتجهز له محل نومه معطرا مرتبا إن كان مُجهدا، ثم إذا استيقظ داعبته، وكلمته بأدب وسرور في سبب حزنه وكآبته، وكما على المرأة المسلمة أن تحذر من دعاة الضلالة الذين يدعون إلى مساواة المرأة بالرجل، أو دعاة تحرير المرأة من الدين إلى الإباحية، أو دعاة الاختلاط بين الجنسين، أو دعاة السفور ونزع الحجاب، أو دعاة التخلي عن الفضيلة تحت مسمى الحداثة والموضة، ولتحرص المرأة المسلمة على الاستفادة بأوقات فراغها، وتقسيم واجباتها على الأوقات بين القراءة في المجلات والكتب الإسلامية.

والاجتهاد في عمل برنامج إسلامي لقضاء أوقات فراغها، من حفظ القرآن، ومدارسته، وفهم السنة وتعلمها، وعمل المشاريع الخيرية التي يعم نفعها للمسلمين، وأما عن تحديد النسل بإتفاق الزوجين، لسبب ما فقد أفتى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بجواز أن يستعمل الزوجان طريقة تمنع من الحمل في وقت دون وقت إذا رضي به كل من الزوج والزوجة، وكانت غير ضارة، وذلك مثل أن تكون الزوجة ضعيفة، والحمل يزيدها ضعفا أو مرضا، وهي كثيرة الحمل، فتستعمل برضا الزوج وسيلة تمنع من الحمل مدة معينة، فلا بأس بذلك، وقد كان الصحابة يعزلون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينهوا عن ذلك، والعزل من أسباب امتناع الحمل من هذا الوطء، والله أعلم، وكما ويجوز العزل إذا ثبت أن الحمل يضر بالمرأة بشهادة الأطباء أو الطبيبات الصالحات، وهكذا فإن تقدم المجتمعات لا يتم إلا بصلاح الأسرة فهي اللبنة الأولى لبناء المجتمع.

وصلاح الأسرة لا يتم إلا إذا علم كل فرد من أفرادها بما عليه من واجبات وما له من حقوق، ثم بادر بأداء هذه الواجبات لأصحابها قبل أن يطالب بحقوقه، وهذه الحقوق والواجبات ثابتة في الشرع الحكيم لقول الله تعالى كما جاء في سورة البقرة ” ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف” ولقوله صلى الله عليه وسلم “إن لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا” رواه الترمذي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.