الدكروري يكتب عن المسلم والنموذج الحضاري


بقلم / محمـــد الدكـــروري


الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، وهو الذي شق صدره صلى الله عليه وسلم وهو في السنة العاشرة من عمره الشريف، حيث روي عن أُبي بن كعب رضي الله عنه أن أبا هريرة رضي الله عنه كان جريئا على أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء لا يسأله عنها غيره، فقال يا رسول الله، ما أول ما رأيت في أمر النبوة؟ فاستوى رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا، وقال ” لقد سألت أبا هريرة، إني لفي صحراء ابن عشر سنين وأشهر.

وإذا بكلام فوق رأسي، وإذا رجل يقول لرجل أهو هو، قال نعم، فاستقبلاني بوجوه لم أرها لخلق قط، وأرواح لم أجدها من خلق قط، وثياب لم أرها على أحد قط، فأقبلا إليّ يمشيان حتى أخذ كل واحد منهما بعضدي، لا أجد لأحدهما مسّا، فقال أحدهما لصاحبه أضجعه، فأضجعاني بلا قصر ولا هصر، وقال أحدهما لصاحبه أفلق صدره، فهوى أحدهما إلى صدري، ففلقها فيما أرى بلا دم ولا وجع، فقال له أخرِج الغل والحسد، فأخرج شيئا كهيئة العلقة، ثم نبذها فطرحها، فقال له أدخل الرأفة والرحمة، فإذا مثل الذي أخرج يشبه الفضة، ثم هز إبهام رجلي اليمنى، فقال اغدوا سلم، فرجعت بها أغدو رقة على الصغير ورحمة للكبير” فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد، أما بعد فلقد كان الإنسان المسلم هو النموذج الحضاري.

الذي تتحقق فيه الشروط الكاملة للقيام بالدور الحضاري، وهي ثمانية شروط، وهي الارتكاز على قيادة ملهمة وهي النبوة، وعلى اعتبار روحي وهو التوحيد، وعلى دستور، وهو القرآن، وعلى مركز محسوس وهو بيت الله الحرام، وعلى هدف واضح تقرّه الجماعة، وتكون له السيادة على قوى الطبيعة، وأن تتطور ذاته في اتجاه الذات الكلية الجامعة، وأن يحفظ للأمومة حقها والمقصود هنا هو دور المرأة عموما، وذكر الأمومة هنا لأنها أشرف أدوار المرأة، وإن من الضروري لهذه الذات هو أن تتصادم بالعوامل الخارجية وهو التحدي حتى تظهر قوتها وحيويتها، وعبقريتها وقدرتها على المقاومة والنمو، فهذه هي الحضارة وهي الذات المسلمة التي صنعت الحضارة الإسلامية، التي أدت دور الخليفة في الأرض.

وإن إنسانية الحضارة الإسلامية لم تقف عند حدود التعامل مع البشر، بل امتدت لتشمل التعامل الإنساني مع الحيوان، ولا أدل على ذلك من أن نبينا صلى الله عليه وسلم تحركت مشاعره حين دخل حائطا لرجل من الأنصار، فإذا جمل قد حن إليه النبي صلى الله عليه وسلم تذرف عيناه بالدمع مما يفعله به صاحبه، فمسح ذفراه فسكت، فقال “من صاحب هذا الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار، فقال لي يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم ” أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبة” ولقد تراكمت الأخطاء، حين تسلط المُلك العضوض، وسقطت إرادة المسلم السياسية، وحين أصبح الإسلام جباية لا هداية، وسقطت إرادة المسلم الاجتماعية، وحين استأثر ببيت المال أسرة.

أو جماعة، وسقطت إرادة المسلم الاقتصادية، وتنازع المسلمون فيما بينهم، فسقطت عوامل كثيرة من عوامل شعورهم الواحد، وقبل كل ذلك، كانت الذات المسلمة تفقد أجزاء من ذاتها، فتتفاعل مع عوامل الهدم الخارجية، وكانت أزمتها الكبرى في داخلها، فلم تستطع مقاومة التحديات الجديدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.