بقلم / محمـــد الدكـــروري
الأثنين 11 ديسمبر 2023
الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى، وأسعد وأشقى، وأضل بحكمته وهدى، ومنع وأعطى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي الأعلى، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المصطفى، والرسول المجتبى، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى، أما بعد إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على مراتب فمن رحمة الله بهذه الأمة أن جعل الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر على مراتب حسب قدرة المرء واستطاعته، إن المرء يهلك إذا رضي بالمنكر وسكت عنه، في زمن الفتن يقسم الناس إلى صنفين الأول هم الذين يتمسكون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويتحملون عزوف الناس عنهم وهؤلاء المثل الإيجابي للمسلم، والثاني هو من يختار الصمت والانعزال عن المنكر، وهذا هو الصنف السلبي الذي يؤدي بالمجتمع إلى عدم تطوره.
وإن الإيجابية تعتبر الحافز الذي يجعل الإنسان يدفع بنفسه ليصل لأهداف محددة، وهذا يجعل الفرد يحمل على أكتافه كافة معاني العطاء ويبعده عن السلبية المدمرة للفرد، وهي بذلك تمنحه السرور بالعطاء بالإضافة إلى الثقة بالنفس، وروي عن الإمم علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال ” كان خليلان مؤمنان وخليلان كافران، فمات أحد المؤمنين فقال يا رب، إن فلانا كان يأمرني بطاعتك، وطاعة رسولك، وكان يأمرني بالخير وينهاني عن الشر، ويخبرني أني ملاقيك، يا رب فلا تضله بعدي، واهده كما هديتني، وأكرمه كما أكرمتني، فإذا مات خليله المؤمن جمع الله بينهما، فيقول الله تعالى ليثني كل واحد منكما على صاحبه، فيقول يا رب، إنه كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك، ويأمرني بالخير وينهاني عن الشر، ويخبرني أني ملاقيك.
فيقول الله تعالى نعم الخليل ونعم الأخ ونعم الصاحب كان، قال ويموت أحد الكافرين فيقول يا رب، إن فلانا كان ينهاني عن طاعتك وطاعة رسولك، ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير، ويخبرني أني غير ملاقيك، فأسألك يا رب ألا تهده بعدي، وأن تضله كما أضللتني، وأن تهينه كما أهنتني، فإذا مات خليله الكافر قال الله تعالى لهما ليثني كل واحد منكما على صاحبه، فيقول يا رب، إنه كان يأمرني بمعصيتك ومعصية رسولك، ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير ويخبرني أني غير ملاقيك، فأسألك أن تضاعف عليه العذاب، فيقول الله تعالى بئس الصاحب والأخ والخليل كنت، فيلعن كل واحد منهما صاحبه، قلت والآية عامة في كل مؤمن ومتق وكافر ومضل، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ في دعائه من صاحب السوء.
فلا تصاحب الفساق والفاسدين فتكون مثلهم، ولا تجلس إلى أهل الدنايا فإن خلائق السفهاء تعدي، فقال للإمام علي بن أبي طالب ” لا تصاحب الفاجر فإنه يزين لك فعله ويود لو أنك مثله ” ويحشر المرء مع من أحب، وهذا من كلام المصطفى صلى الله عليه وسلم ومعناه أن الإنسان يحشر مع من أحبه في الدنيا، إن كان صالحا أم طالحاً وإن أجناس الناس كأجناس الطير، والطيور على أشكالها تقع، فصاحب العقلاء تنسب إليهم وإن لم تكن منهم، ولا تصاحب الجهال فتُنسب إليهم وإن لم تكن منهم، وإن المحبة الإيمانية الشرعية هي التي أمر الله بها عباده وندبهم إليها وهي من عرى الإيمان بل من أوثق عرى الإيمان وعلاماته أن يحب الرجل أخاه، لا يحبه لدنيا ولا مال ولا جاه، إنما يحبه لله جل جلاله.
أما محبة الأشرار فهي محبة فسوق وعصيان وعمل من أعمال الشيطان وحبل من حبالاته، يوقع به من أطاعه منهم، فيخشى على أمثال هؤلاء أن يجتمعوا معا في سوء المآل عند الله والعياذ بالله.