بقلم/ محمـــد الدكـــروري
لقد كان الهدف الرئيسي للإحتفال بيوم اليتيم هو التركيز على إحتياجات اليتيم العاطفية، ولفت إنتباه العالم له ولما يريد، ولاقت فكرة تخصيص يوم لليتيم دعما كبيرا من الشخصيات العامة، ووزارة التضامن الاجتماعى، ولقد اوصي الله عز وجل باليتيم والمحافظة عليه، وإن في الحديث الشريف يقول صلى الله عليه وسلم “أربع حق على الله أن لا يدخلهم الجنة ولا يذيقهم نعيمها مدمن الخمر، وآكل ربا، وآكل مال اليتيم، والعاق لوالديه” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أحرج مال الضعيفين المرأة واليتيم” أى أوصيكم باجتنابهما، وإن هناك يُتم من نوع آخر، معه أبواه لكنه يعيش حياة الغفلة، وأعداد هؤلاء يتضاعف مع مرور الأيام وكثرة المشاغل والملهيات، فالأب مشغول في وظيفته أو تجارته أو سهرته أو سفرته، والأم كذلك قد تركت ولدها للخادمة.
وأصبحت مشغولة بين السوق والوظيفة، وبين الأزياء والموضة، وحين يكبر الولد وينتهي من رعاية الخادمة ويملك الخروج من المنزل ولو مع صغر سنه، فإنه يلتقم ثدى الشارع، ويختاره سكنا بدل البيت، ليقطع فيه جُل الوقت وهذا يسمى يتيم التربية، فإننا لا نطلب من الرجل ولا من المرأة أن يتركوا أشغالهم التي يطلبون منها لقمة العيش، لكننا نقول لهم إن فترة الغياب الطويل عن الأولاد لها أثر كبير، ولذا كان من الضروري على الزوجين تخصيص أوقات كافية للجلوس مع أبنائهم، واصطحابهم، وحل مشكلاتهم، وإشراكهم معهم في الحياة، فإن من فضل الله ورحمته بعباده أن وسع لهم أبواب الخير وجلى لهم سبل نيل مرضاته والفوز بجنته، وإن من أبواب الخير التي ينال بها العبد السعادة في الدنيا والتكريم في الآخرة هو كفالة اليتيم ورعايته.
فإن كفالة اليتيم من الطرق الحسنة لصرف المال في مرضاة الله التي يسأل عنها يوم القيامة، كما ورد في حديث عبدالله بن مسعود رضى الله عنه أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، قال”لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأَل عن خمس، عن عمره فيما أفناه، وعن شبابِه فيما أبلاه، وماله من أين اكتسبه، وفيما أنفقه، وماذا عمل فيما علم” وقد جاء الإسلام ليعالج مشكلة اجتماعية قد فشت في المجتمع الجاهلى، فحذر أبلغ تحذير من الاستيلاء على مال اليتيم، أو استباحته، أو التفريط في أمواله، وأعد لمن فعل ذلك عذاب السعير، وأكل النار على سبيل الحقيقة، فإن أكل أموال اليتامى أو الاستيلاء عليها، أو قهره له آثار سيئة على المجتمعات إذ هو من أنواع القهر الاجتماعي، ومن أسباب ضعف الأمم والمجتمعات، فهو سبب للمشكلات الاجتماعية كالفقر.
والحسد، والحقد، والبطالة، والظلم، والأنانية، والقسوة، والعنف، والكراهية بين الناس والاعتداء على حقوق الآخرين، بل بين الأقارب فجاء الإسلام بتشريعه فنزع الغل والحسد، والبغض من القلوب، وأقام مكانها الرحمة والعطف على اليتيم والمسكين، والأرملة، وجعل هذه الأعمال من أسباب دخول الجنة، ومرافقة النبى صلى الله عليه وسلم، في أعلى درجات الجنة، وجعلها عبادة يتقرب بها إلى الله عز وجل، وبذلك أرسى مبدأ التكافل الاجتماعي، والرحمة بالضعيف، ويعد هذا من أسباب قوة الأمم، ولا شك أن الشريعة قد سبقت في معالجتها للمشكلات الاجتماعية بنظرتها إلى المآلات والعواقب، وعدم التهاون بحقوق اليتامى، نظرا ليتمهم وضعفهم، وصغر اليتيم.
أو عدم إدراكه وفهمه للأمور، لأن العواقب سيئة على المجتمع، وقد أوصى الله نبيه صلى الله عليه وسلم، بعدم قهر اليتيم، ولقد كانت العرب تأخذ أموال اليتامى وتظلمهم حقوقهم، وقد أفاد قوله في بطونهم أنها ظرفا ليأكلون أن بطونهم أوعية النار على سبيل الحقيقة بأن يخلق الله لهم نارا يأكلونها في بطونهم.