بقلم / محمـــد الدكـــروري
الخميس الموافق 4 إبريل 2024
الحمد لله فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة القوي الجبار، شديد العقاب وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد القهار، رب الأرباب ومسبب الأسباب وقاهر الصلاب وخالق خلقه من تراب قاصم الجبابرة وقاهر الفراعنة والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعباد، ليبين لهم الحلال والحرام وليحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أما بعد إن المجتمع إذا مات فيه الحب وحلت محله البغضاء والشحناء وتدابر الناس، وأصبحت الأنانية هي شعار هذا المجتمع المنحل، فانقطعت صلة الرحم وتفككت الروابط الأسرية، وتفشت الأمراض القلبية كالحسد والحقد وصارت الغيبة والنميمة والقذف عادات منتشرة في المجتمع قل من يخالفها، فمن أين نبدأ لتغيير هذا المجتمع؟
فيقول النبي صلى الله عليه وسلم ” لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم” رواه مسلم، وإن هذا الحديث يجعل الجنة، التي تمثل السعادة الحقيقية، غاية لذوي الهمم العالية، ويجعل إفشاء السلام الكلمة الطيبة التي يمكن أن يستهين بها المؤمن أو يتغاضى عنها الخطوة الأولى للوصول إلى تلك الأمنية، فالبداية تكون عندما يصبح إفشاء السلام هو اللغة التي يتحدث بها الناس، وشيئا فشيئا تزول الأحقاد ويذهب الحقد والغل إلى غير رجعة، ثم تنمو شجرة الحب في القلوب وتكبر وتترعرع، فيستظل المؤمنون بظلالها ويأكلون من ثمارها، فيصبح الحب في الله هو شعارهم، وإن من حقوق الخاطب تجاه مخطوبته هو أن يراها الخاطب وينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها، فيتعرّف على جمالها الذي يشده إلى الاقتران بها.
أو قبحها الذي قد يصرفه عنها إلى غيرها، فلربما تزوجها دون أن ينظر إليها، فوجدها خلاف ما وُصفت له فيصاب بخيبة أمل وانقطاع رجاء، فتسوء الحال بينهما، ويحلّ الخصام محل الوئام، ويكون الفشل والفرقة خاتمة ما بينهما، وهكذا شأن المسلم دوما لا يقدم على أمر حتى يكون على بصيرة منه، وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل، قال فخطبت امرأة فكنت أتخبّأ لها، حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها، فتزوجتها” وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال كنت عند رسول الله، فأتاه رجل فأخبره أنّه تزوّج امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنظرت إليها؟ قال لا، قال “فاذهب فانظر إليها، فإن في أعين الأنصار شيئا”
وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، أنه خطب امرأة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “انظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما” قال فأتيتها وعندها أبواها، وهي في خدرها، فقلت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أنظر إليها، قال فسكتا، قال فرفعت الجارية جانب الخدر فقالت أحرّج عليك، إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تنظر لمّا نظرت، وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأمرك أن تنظر فلا تنظر، قال فنظرت إليها، ثم تزوجتها، فما وقعت عندي امرأة بمنزلتها، ولقد تزوّجت سبعين أو بضعا وسبعين امرأة، وعن أبي حميد قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إذا خطب أحدكم امرأة، فلا جناح عليه أن ينظر إليها، إذا كان إنما ينظر إليها لخطبته، وإن كانت لا تعلم”
وعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أريتك في المنام ثلاث ليال، جاءني بك الملك في سرقة من حرير، فيقول هذه امرأتك، فأكشف عن وجهك، فإذا أنتي هي، فأقول إن يك من عند الله يُمضه”