الدكروري يكتب عن أصل كلمة بسمل

بقلم / محمـــد الدكـــروري
الثلاثاء الموافق 16 يناير 2024

 

الحمد لله رب العالمين، أرحم الراحمين، ذي القوة المتين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية وكتب السيرة النبوية الشريفة، أن أصل كلمة بسمل قول بسم الله ثم أطلقه المولدون على قول بسم الله الرحمن الرحيم، اكتفاء واعتمادا على الشهرة وإن كان هذا المنحوت خليا من الحاء والراء اللذين هما من حروف الرحمن الرحيم، فشاع قولهم بسمل في معنى قال بسم الله الرحمن الرحيم، واشتق من فعل بسمل مصدر هو البسملة، وهو مصدر قياسي لفعلل، ومن ناحية الإعراب بسم الله، فالباء في بسم متعلقة بمحذوف، فعند البصريين المحذوف مبتدأ والجار والمجرور خبره.

والتقدير ابتدائي بسم الله أي كائن باسم الله فالباء متعلقة بالكون والاستقرار، وقال الكوفيون بأن المحذوف فعل تقديره ابتدأت، أو أبدأ، فالجار والمجرور في موضع نصب بالمحذوف، وحذفت الألف من الخط لكثرة الاستعمال، فلو قلت لاسم الله بركة أو باسم ربك، يثبت الألف في الخط، وقيل حذف الألف لأنهم حملوه على سم، وهي لغة في اسم، ولغاته خمس سم بكسر السين وضمها، اسم بكسر الهمزة وضمها، وسمى مثل ضحى والأصل في اسم السمو، فالمحذوف منه لامه، يدل على ذلك قولهم في جمعه أسماء وأسامي وفي تصغيره سمي وبنوا منه فعيلا، فقالوا فلان سميك أي اسمه كاسمك، والفعل منه سميت وأسميت، وقال الكوفيون أصله وسم لأنه من الوسم، وهو العلامة، فإن قيل كيف أضيف الاسم إلى الله والله هو الاسم.

قيل في ذلك ثلاثة أوجه أحدها أن الاسم بمعنى التسمية، والتسمية غير الاسم، لأن الاسم هو اللازم للمسمى، والتسمية هو التلفظ بالاسم، والثاني أن في الكلام حذف مضاف، تقديره باسم مسمى الله، والثالث أن اسما زيادة، ومن ذلك قول لبيد بن ربيعة العامري إلى الحول ثم اسم السلام عليكما، وقول ذي الرمة داع يناديه باسم الماء، أي السلام عليكما، ونناديه بالماء الأصل في الله الإلاء، فأُلقيت حركة الهمزة على لام المعرفة ثم سكنت وأدغمت في اللام الثانية، ثم فخمت إذا لم يكن قبلها كسرة، ورققت إذا كانت قبلها كسرة، ومنهم من يرققها في كل حال، والتفخيم في هذا الاسم من خواصه، وقال أبو علي الفارسي “همزة إلاه حذفت حذفا من غير إلقاء، وهمزة إلاه أصل وهو من أله يأله إذا عبد.

فالإله مصدر في موضع المفعول أي المألوه، وهو المعبود، وقيل أصل الهمزة واو لأنه من الوله، فالإله توله إليه القلوب أي تتحير، وقيل أصله لاه على فعل، وأصل الألف ياء، لأنهم قالوا في مقلوبه لهي أبوك ثم أدخلت عليه الألف واللام، وإن الرحمن الرحيم هما صفتان مشتقتان من الرحمة والرحمن من أبنية المبالغة، وفي الرحيم مبالغة أيضا إلا أن فعلانا أبلغ من فعيل، وجرهما على الصفة والعامل في الصفة هو العامل في الموصوف، وقال الأخفش العامل فيها معنوي وهو كونها تبعا ويجوز نصبهما على إضمار أعني، ورفعهما على تقدير هو، والمشهور في أوجه من إعراب الرحمن الرحيم تسعة أقوال الأول جرهما، والثاني نصبهما، والثالث رفعهما، والرابع جر الأول مع رفع الثاني، والخامس جر الأول مع نصب الثاني.

والسادس رفع الأول مع نصب الثاني، والسابع نصب الأول مع رفع الثاني، في هذه السبعة أوجه أحدها يجوز عربية ويتعين قراءة وهو الأول، أما الستة الباقية تجوز عربية لا قراءة، وبقي وجهان ممتنعان أحدهما رفع الأول وجر الثاني، وثانيهما نصب الأول وجر الثاني، وإنما امتنعا لأن فيهما الاتباع بعد القطع والاتباع بعد القطع رجوع إلى الشيء بعد الانصراف عنه وهو ممنوع عند الأكثر وقال بعضهم لا يمتنع ذلك، وقد روى سليمان بن بريدة عن أبيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال “أنزلت علي آية لم تنزل على نبي غير سليمان بن داود وغيري وهي بسم الله الرحمن الرحيم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.