بقلم / محمـــد الدكـــروري
الأحد الموافق 21 يناير 2024
الحمد لله الواحد القهار، مكور النهار على الليل والليل على النهار، أحمده ما فاحت الأزهار، وما ترعرعت الأشجار، وما تدفقت الأنهار، وما أناب إلى ربهم الأبرار، وعاد إلى مولاهم الأخيار، والصلاة والسلام على المبعوث بالوحدانية، المشرف بالعبودية، الذي هدى به الله الإنسانية، وأنار به أفكار البشرية، وزعزع به كيان الوثنية، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما كثيرا وأما همته صلى الله عليه وسلم في الزهد في الدنيا فيقول “لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس” فلم تكن همته صلى الله عليه وسلم في منصب زائل فالمنصب كان سببا لخسارة فرعون، ولم تكن همته صلى الله عليه وسلم في كنوز ولا ذهب ولا فضة فإنها تعاسة قارون.
إقرأ أيضاً :
الدكروري يكتب عن سلاح خطير بيد فاقدي الضمير
ولم تكن همته صلى الله عليه وسلم في جاه دنيوي وشهرة ذاهبة فإنها كانت لعنة أبي جهل، ولكن كانت همته صلى الله عليه وسلم هو رضوان الواحد الأحد، وكانت همته صلى الله عليه وسلم هو سجدة بخشوع ودمعة بتبتل وقراءة بتدبر، ومن أراد أن يدخل مع رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم مدخل صدق ويسقى من حوضه صلى الله عليه وسلم فليقتدي بسيد الخلق في الهمة العالية، وكانت همته صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ سورة “والضحى” وهي سورة خاصة له صلى الله عليه وسلم، فلما بلغ قوله تعالى ” ولسوف يعطيك ربك فترضي” دمعت عيناه صلى الله عليه وسلم وقال “والذي نفسي بيده لا أرضى وأحد من أمتي في النار” فنسأل الله أن يشفعه فينا، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، أما بعد.
ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن الصيام في شهر رجب فقال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله “وأما الصيام فلم يصح في فضل صوم رجب بخصوصه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه” وأما من كانت له عادة بصيام يوم وإفطار يوم من كل شهر في السنة، أو صيام الأيام البيض، أو الاثنين والخميس من كل شهر، فهذا لا حرج عليه في صيامها في رجب، لأنه لم يقصد تخصيص شهر رجب، ولا تعظيمه على باقي الشهور بالصيام فيه، وسمي رجب مضر لأن مضر كانت لا تغيره بل توقعه في وقته بخلاف باقي العرب الذين كانوا يغيّرون ويبدلون في الشهور بحسب حالة الحرب عندهم وهو النسيء المذكور في قوله تعالى ” إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله “
وقيل أن سبب نسبته إلى مضر، أنها كانت تزيد في تعظيمه واحترامه فنسب إليهم لذلك، وقال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة أن معني وتفسير كلمة رجب هي أن الراء والجيم والباء أصل يدل على دعم شيء بشيء وتقويته، ومن هذا الباب هو رجبت الشيء أي عظمته، فسمي رجبا لأنهم كانوا يعظمونه وقد عظمته الشريعة أيضا، وقد كان أهل الجاهلية يسمون شهر رجب مُنصّل الأسنة كما جاء عن أبي رجاء العطاردي قال “كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرا هو أخير منه ألقيناه وأخذنا الآخر، فإذا لم نجد حجرا جمعنا جثوة أي بمعني “كوم من تراب” ثم جئنا بالشاة فحلبناه عليه ثم طفنا به فإذا دخل شهر رجب قلنا مُنصّل الأسنة فلا ندع رمحا فيه حديدة ولا سهما فيه حديدة إلا نزعناه وألقيناه في شهر رجب” رواه البخاري.