بقلم / محمـــد الدكـــروري
ٱن الحق من أسماء الله الحسنى، ومن أسماء القرآن الكريم، وأن الحق يعلو ولا يعلى عليه، فإن الله عز وجل هو الحق، ويدعو إلى الحق، ومنه الحق عز وجل، وإن معرفة الحق واجب عظيم، فكيف نميّز الحق؟ وكيف نعرفه؟ وما هي الدلائل الدالة عليه؟ وما هي أماراته؟ وما هي صفاته؟ وما هي طريقة الوصول إليه؟ وما هي الصوارف عنه؟ وكيف نتعامل معها؟ ومن هم أعدائه؟ وكيف نواجههم؟ وإن هذه بصائر عظيمة، ينبغي على المسلم وخصوصا فى هذا الزمان أن يحرص عليها، فإن الحق شيء كبير، فإن الحق هو ما قامت به السموات والأرض، والحق في خضمّ هذه الشبهات، والانحرافات كثيرة، فأين الحق فى غمرة الأطراف المتصارعة، وأين هو الحق اليوم في غمرة الأطروحات والنظريات؟ وكيف نعرف الحق الآن في ظل هذا الزخم الكبير الهائم، التي تبثه القنوات، وتزخر فيه المقالات، وهذه المنشورات على الشاشات، كيف تعرف الحق؟
فإن الله سبحانه وتعالى أخرجنا من بطون أمهاتنا على الفطرة السليمة، التى قال سبحانه وتعالى عنها كما جاء فى سورة الروم ” فطرت الله التى فطر الناس عليها” وأقسم تعالى بذلك فقال كما جاء فى سورة الشمس ” ونفس وما سواها” أى بمعنى ونفس وما خلقها، وقد خلقها سبحانه وتعالى سوية مستقيمة على الفطرة القويمة، وقد فطر الله تعالى الناس على معرفته، وعلى توحيده عز وجل، وأن الحق لو عرض عليهم بدون موانع وصوارف سيقبلونه، ولقد جعل الله تعالى في النفوس استعدادات للتعرف على الحق، والإحساس به، فقال تعالى كما جاء فى سورة الأعراف ” وإذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى” فالحق الذي لأجله خلق الله الخلق، وكما جاء فى الحديث الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” حق الله تعالى على العباد أن يعبدوه لا يشركوا به شيئا” رواه البخارى ومسلم.
ولا بد من التعرف على الحق، ومعرفة مصادره، وكذلك فإن معرفة الحق من أشرف العلوم التي ينبغي تعلمها، وإن الحق كثيرا ما تتردد على ألستنا وفي مجالسنا، كلمة الحق في معرض الحديث عن مسائل وأحوال وظروف مختلفة في الحياة، فالإنسان ومنذ أن خلقه الله تعالى على الأرض جعل له حقوقا في أمور كثيرة أولها هو الحق في الحياة، ومعنى أن يكون له الحق في الحياة أى أن الحياة هي أمر واجب له ولازم بصفته الإنسانية ولا يستطيع أحد أن ينتزع هذا الأمر الواجب له إلا باعتدائه هو على حق غيره في الحياة بالقتل، فيقتل تحقيقها للعدالة الربانية في الأرض، كما يأتى الحق في مفهومه بمعان كثيرة ومنها الحق هو الله تعالى يعتبر الحق اسم من أسماء الله تعالى وصفة لازمة له، فقال تعالى ” ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلى الكبير” فالحق في الاية الكريمة يعني أن الله سبحانه وتعالى له واجب مستحق.
لازم على عباده الذين خلقهم وهو أن يعبدوه وحده ولا يشركوا من دونه شيئا، وأن يعلموا أن الله تعالى هو المستحق للعبادة والرجاء والدعاء والتوبة والإنابة، وأن كل ما سوى ذلك هو الباطل، فالذي يشرك بالله تعالى والعياذ بالله لا يؤدى حق الله على عباده، ومن لا يؤدى حق الله يستوجب عقاب الله وعذابه، ولقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف الذي رواه معاذ بن جبل أن لله تعالى حقا على العباد وهو أن يعبدوه لا يشركوا به شيئا، كما أن للعباد حق على الله، وهذا الحق هو أن يدخل الله الجنة من لا يشرك به شيئا، وبلا شك فإن هذا الحق يختلف عن حقوق العباد في أنه غير لازم أو واجب على الله، وإنما يستلزم ذلك كمال الله تعالى وتنزيهه عز وجل، وإن مفهوم الحق فى القانون، بأنه يأتي الحق بمعنى الواجب المقرر للأفراد والذى يمنحهم سلطة التصرف وفق ما يتيحه القانون في نطاق هذا الواجب المقرر.
بحيث يحاسب كل من يعتدى على هذا الواجب المستحق للناس، وهذا التعريف هو التعريف القانوني لحقوق الأفراد، ويترتب على إثبات الحقوق للأفراد أن تكون لهم سلطة التصرف في حقوقهم دون أن ينازعهم أحد فيها، ومثال على ذلك حقوق الإنسان، فى التملك والتصرف فيما يملكه من أموال وعقارات وغير ذلك، بحيث تكون له سلطة كاملة في التصرف فيها بيعا وشراء وتوكيلا وغير ذلك من دون أن يتدخل أحد فى قراراته ودون أن يعتدى على حقه في ذلك أحد، ومن يعتدى على هذا الحق يتعرض للمساءلة والمحاسبة أمام القانون، ولقد خلق الله تعالى الناس وشرع لهم حقوقا، وعرفهم بها، كما حد حدودا لحمايتها ورعايتها، وسن العقوبات الصارمة في حق كل من اعتدى عليها، الحق في اللغة الأمر الثابت اللازم للفرد والجماعة.
أما في الاصطلاح فهو مصلحة مقررة شرعا، وكل حق فى الإسلام يقابله واجب، لكي يضمن المسلم التمتع بحقوقه، فمثلا التعلم حق للطفل وواجب على الدولة، ومن خصائص الحق في الفكر الإسلامى، أنه ثابت، ومحدد، وواجب، كما أنه صحيح، وصادق، ولازم، ومطابق للواقع.