بقلم / د. محمود محمد علي
مازلت أؤمن بل ربما أكثر من أي وقت مضي بأن علم الصيدلة يعد أشرف العلوم بعد علم الطب، فهو ذلك العلم الذي يقوم بالبحث في الخصائص الطبية والعلاجية للأدوية والعقاقير، وذلك يكون من خلال التعرف على التراكيب الدوائية والخاصة في كلاً منهما ، وذلك حتى يتم في النهاية القيام باستخدامها في علاج أنواع محددة من الأمراض كما أن علم الصيدلة يتم تعريفه أيضاً على أنها من تلك المهن التي تقدم المساعدة سواء للمرضى أو للمصابين والأفراد الذين يكونون في حاجة إلى تدخل دوائي بعد القيام بعد القيام بالعمليات الجراحية ، وذلك من خلال مساعدتهم على الشفاء في خلال فترة العلاج ، والتي قد تحتاج إلى أيام معدودة أو حتى أسابيع أو شهور، وذلك في الحالات المرضية الصعبة أو المستعصية .
ولذلك يُعدُّ علم الصيدلة من أوسع مجالات العلوم الحياتية التي كان لقدماء المصريين فيها إسهامات بارزة على مدار عصور حضارتهم الزاهرة، وكانت تلك الإسهامات على نحو غير مسبوق شمولاً وتميُّزًا وتصحيحًا للمسار؛ حتى ليُخيَّل للمطَّلع على هذه الإسهامات الخالدة كأن لم يكن صيدلة قبل الحضارة المصرية القديمة !!
وبعد القدماء المصريين جاء العلماء اليونانيون القدماء إذ قاموا باستخلاص عطارة الزيوت و النباتات و الأعشاب ، وذلك من أجل استخدامها في العلاجات الدوائية للأمراض ، واستمر علم الصيدلة يركز على تلك الوسائل حتى كان الظهور للتأثير العلمي العربي القوي للغاية على علم الصيدلة عموماً، حيث قدم العلماء العرب العديد من أنواع الأدوية، والعلاجات ، والتي ساهمت في إحداث ذلك التطور العالي في علوم الطب والصيدلة، وانتقلت مع الوقت الصيدلة العربية إلى أوربا ، واستفادت أوربا منها كثيراً ، وذلك من خلال القيام باختراع الكثير من أنواع العقاقير الطبية، والتي لا تزال مستخدمة في علاج الكثير من الأمراض ، والفيروسات حتى عصرنا الحالي ، وبعد النهضة العالية التي شهدتها أو أوربا مع قيام التطور الصناعي و الحضاري بها بدأت الصيدليات تنتشر في المستشفيات، وذلك قبل أن تتحول إلى صيدليات منفصلة ، وذلك من أجل تعزيز الفصل بين مهنة الطب ومهنة الصيدلة ، ولكن على الرغم من انفصال علم الطب وعلم الصيدلة إلا أم هاتان المهنتان هما مهنتان متكاملتان في دورهما في تقديم العلاج المناسب للمريض .
ولم يقتصر الإبداع في الصيدلة على العقاقير فحسب، بل تعدَّاه إلى تأسيس منهج تجريبي أصيل انعكست آثاره الراقية والرائعة على كافَّة جوانب الممارسة الفارمسية وقايةً وعلاجًا، أو مرافق وأدوات، أو أبعادًا إنسانية وأخلاقية تحكم الأداء الفارمسي.
قصدت من هذه المقدمة لأقول : في الأسبوع الماضي كلف الأستاذ الدكتور أحمد المنشاوى القائم بعمل رئيس جامعة أسيوط الدكتور أحمد محمد عبد المولى (أستاذ العقاقير والبيولوجيا الصيدلية “زراعة أنسجة” وعميد كلية الصيدلة) بالجامعة بالقيام بأعمال نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب بالإضافة إلى عمله وذلك لحين تعيين نائباً لرئيس الجامعة ، وذلك خلفا للدكتور شحاته غريب نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب والذي انتهت مدته.
والدكتور أحمد محمد عبد المولى هو من مواليد 20/11/1967 ، بأسيوط ، مركز أبنوب ، وهو حاصل على بكالوريوس في العلوم الصيدلية ، كلية الصيدلة ، جامعة أسيوط ، أسيوط ، مصر: دور مايو 1990 ، بتقدير عام: جيد جداً مع مرتبة الشرف، ثم الماجستير في العلوم الصيدلية (عقاقير) ، كلية الصيدلة ، جامعة أسيوط ، أسيوط ، مصر: يونيو 1996، ثم دكتوراه في العلوم الطبيعية (البيولوجيا الصيدلية) ، معهد البيولوجيا الصيدلية ، جامعة بون ، ألمانيا: فبراير 2001، وقد أخذ يترقى في المنتصب الإدارية حتى حصل على درجة الأستاذية في عام 2007، ثم عميدا لكلية الصيدلة في عام 2018.
كما أسهم بعضويته في كثير من المؤسسات العلمية ، ومراكز البحث العلمي ، وألقي العديد من البحوث في مؤتمرات وندوات محلية ودولية ، منها أبحاث نشرت في أوربا في مجلات متخصصة ؛ حيث استطاع ببحوثه ومؤلفاته وانجازاته أن ينقلوا البحث في العقاقير والبيولوجيا الصيدلية (زراعة أنسجة من مجرد التعريف العام بها، أو الحديث الخطابي عنها – إلي مستوي دراستها دراسة موضوعية، تحليلية – مقارنة.
وهو بالإضافة إلي ذلك بأنه يعد نموذج للأستاذ الجامعي كما ينبغي أن يكون سواء في التزامه بأداء واجباته الاكاديمية والوظيفة علي أحسن ما يكون الأداء أو في ارتباطه بطلابه في علاقة إنسانية رفيعة المستوي في هدي من التقاليد الجامعية التي يحرص عليها كل الحرص ، إذ هي دستوره في كل معاملاته مع كل من هو في الوسط الجامعي.
والدكتور أحمد محمد عبد المولى ذو شخصية هادئة وأريحية تحرص على تنمية ثقافة الحوار وقبول الأخر، ونبذ التطرف والعنف، والوقوف على حقوق الإنسان، وتنمية مهارات الاتصال، والوقوف على ثقافة العولمة والحداثة وما بعد الحداثة، علاوة علي أنه من المؤمنين بأن تقدم جامعة أسيوط ومستقبلها أصبح مرهونا بإعمال العقل وبكفاءة وقدرة أبنائها علي التعلم، وما يحققه التعليم في الوقت نفسه من بهجة .
ومن ناحية أخري وجدت في الدكتور أحمد محمد عبد المولى وفاء الصديق وقلب الطفل ، ومثاقفة الفارس وأريحية المفكر ، والنبوغ المبكر ، والعبق القديم ، وعطر الزمان الجميل وغير ذلك من الخصال ، الأمر الذي كان وراء حيرتي وقلمي في اختيار أحد الجوانب لأتحدث عنه ، فراق لي أن أتحدث عنه كسيناتور لـ “زراعة الأنسجة”.
ويتمتع الدكتور أحمد محمد عبد المولى بذكاء خارق ومقدرة ظاهرة وكامنة أتاحت له في بعض الأحيان العمل على مدى أربع وعشرين ساعة متواصلة من دون كلل، وكان حيوياً ونشيطاً في عمله، وهو إنسان ذو قدرات عالية لا ينام أكثر من خمس ساعات في الليل، عنيد، لا يحده سقف في التطلع والرقي بعمله، وفي الوقت نفسه فهو موصوف أيضاً بأنه “جنتلمان” ومنطقي لا يستثار، ومثابر من الطراز الأول حيث يملك أفكاراً وعلى الدوام كان في تحد لأي شيء يحده ، وهو حسن المعشر وسريع النكتة كأغلب المصريين .
هذا بالإضافة إلي أنه باحث متفرد، يصغى إلى نوره الداخلي، يحمل في خلاياه هموم كل البشر والمخلوقات، خاصة البسطاء؛ أوجاعهم في أضعف لحظات العجز، وأحمالهم الثقيلة، وأحلامهم المتكسرة، في وقت ربما لا يجيد العديد منا سوى الشكوى من أبسط عثراته الشخصية.
وفي نهاية حديثنا عن الأستاذ الدكتور أحمد محمد عبد المولى لا أملك إلا أن أقول تحية طيبة للأستاذ الفاضل الذي كان وما زال يمثل لنا نموذجا فذا للعالم الموسوعي في زراعة الأنسجة الذي يعرف كيف يتعامل مع العالم المحيط به ويسايره في تطوره، وهذا النموذج هو ما نفتقده بشدة في هذه الأيام التي يحاول الكثيرون فيها أن يثبتوا إخلاصهم لوطنهم بالانغلاق والتزمت وكراهية الحياة، وإغماض العين عن كل ما في العالم من تنوع وتعدد وثراء.
وتحيةً أخري لرجلٍ لم تستهوه السلطة، ولم يجذبه النفوذ ولكنه آثر أن يكون صدى أميناً لضمير وطني يقظ وشعور إنساني رفيع وسوف يبقى نموذجاً لمن يريد أن يدخل تاريخ علم الصيدلة من بوابة واسعة متفرداً.
الأستاذ الدكتور محمود محمد علي
أستاذ الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل – جامعة أسيوط
وبعد القدماء المصريين جاء العلماء اليونانيون القدماء إذ قاموا باستخلاص عطارة الزيوت و النباتات و الأعشاب ، وذلك من أجل استخدامها في العلاجات الدوائية للأمراض ، واستمر علم الصيدلة يركز على تلك الوسائل حتى كان الظهور للتأثير العلمي العربي القوي للغاية على علم الصيدلة عموماً، حيث قدم العلماء العرب العديد من أنواع الأدوية، والعلاجات ، والتي ساهمت في إحداث ذلك التطور العالي في علوم الطب والصيدلة، وانتقلت مع الوقت الصيدلة العربية إلى أوربا ، واستفادت أوربا منها كثيراً ، وذلك من خلال القيام باختراع الكثير من أنواع العقاقير الطبية، والتي لا تزال مستخدمة في علاج الكثير من الأمراض ، والفيروسات حتى عصرنا الحالي ، وبعد النهضة العالية التي شهدتها أو أوربا مع قيام التطور الصناعي و الحضاري بها بدأت الصيدليات تنتشر في المستشفيات، وذلك قبل أن تتحول إلى صيدليات منفصلة ، وذلك من أجل تعزيز الفصل بين مهنة الطب ومهنة الصيدلة ، ولكن على الرغم من انفصال علم الطب وعلم الصيدلة إلا أم هاتان المهنتان هما مهنتان متكاملتان في دورهما في تقديم العلاج المناسب للمريض .
ولم يقتصر الإبداع في الصيدلة على العقاقير فحسب، بل تعدَّاه إلى تأسيس منهج تجريبي أصيل انعكست آثاره الراقية والرائعة على كافَّة جوانب الممارسة الفارمسية وقايةً وعلاجًا، أو مرافق وأدوات، أو أبعادًا إنسانية وأخلاقية تحكم الأداء الفارمسي.
قصدت من هذه المقدمة لأقول : في الأسبوع الماضي كلف الأستاذ الدكتور أحمد المنشاوى القائم بعمل رئيس جامعة أسيوط الدكتور أحمد محمد عبد المولى (أستاذ العقاقير والبيولوجيا الصيدلية “زراعة أنسجة” وعميد كلية الصيدلة) بالجامعة بالقيام بأعمال نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب بالإضافة إلى عمله وذلك لحين تعيين نائباً لرئيس الجامعة ، وذلك خلفا للدكتور شحاته غريب نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب والذي انتهت مدته.
والدكتور أحمد محمد عبد المولى هو من مواليد 20/11/1967 ، بأسيوط ، مركز أبنوب ، وهو حاصل على بكالوريوس في العلوم الصيدلية ، كلية الصيدلة ، جامعة أسيوط ، أسيوط ، مصر: دور مايو 1990 ، بتقدير عام: جيد جداً مع مرتبة الشرف، ثم الماجستير في العلوم الصيدلية (عقاقير) ، كلية الصيدلة ، جامعة أسيوط ، أسيوط ، مصر: يونيو 1996، ثم دكتوراه في العلوم الطبيعية (البيولوجيا الصيدلية) ، معهد البيولوجيا الصيدلية ، جامعة بون ، ألمانيا: فبراير 2001، وقد أخذ يترقى في المنتصب الإدارية حتى حصل على درجة الأستاذية في عام 2007، ثم عميدا لكلية الصيدلة في عام 2018.
كما أسهم بعضويته في كثير من المؤسسات العلمية ، ومراكز البحث العلمي ، وألقي العديد من البحوث في مؤتمرات وندوات محلية ودولية ، منها أبحاث نشرت في أوربا في مجلات متخصصة ؛ حيث استطاع ببحوثه ومؤلفاته وانجازاته أن ينقلوا البحث في العقاقير والبيولوجيا الصيدلية (زراعة أنسجة من مجرد التعريف العام بها، أو الحديث الخطابي عنها – إلي مستوي دراستها دراسة موضوعية، تحليلية – مقارنة.
وهو بالإضافة إلي ذلك بأنه يعد نموذج للأستاذ الجامعي كما ينبغي أن يكون سواء في التزامه بأداء واجباته الاكاديمية والوظيفة علي أحسن ما يكون الأداء أو في ارتباطه بطلابه في علاقة إنسانية رفيعة المستوي في هدي من التقاليد الجامعية التي يحرص عليها كل الحرص ، إذ هي دستوره في كل معاملاته مع كل من هو في الوسط الجامعي.
والدكتور أحمد محمد عبد المولى ذو شخصية هادئة وأريحية تحرص على تنمية ثقافة الحوار وقبول الأخر، ونبذ التطرف والعنف، والوقوف على حقوق الإنسان، وتنمية مهارات الاتصال، والوقوف على ثقافة العولمة والحداثة وما بعد الحداثة، علاوة علي أنه من المؤمنين بأن تقدم جامعة أسيوط ومستقبلها أصبح مرهونا بإعمال العقل وبكفاءة وقدرة أبنائها علي التعلم، وما يحققه التعليم في الوقت نفسه من بهجة .
ومن ناحية أخري وجدت في الدكتور أحمد محمد عبد المولى وفاء الصديق وقلب الطفل ، ومثاقفة الفارس وأريحية المفكر ، والنبوغ المبكر ، والعبق القديم ، وعطر الزمان الجميل وغير ذلك من الخصال ، الأمر الذي كان وراء حيرتي وقلمي في اختيار أحد الجوانب لأتحدث عنه ، فراق لي أن أتحدث عنه كسيناتور لـ “زراعة الأنسجة”.
ويتمتع الدكتور أحمد محمد عبد المولى بذكاء خارق ومقدرة ظاهرة وكامنة أتاحت له في بعض الأحيان العمل على مدى أربع وعشرين ساعة متواصلة من دون كلل، وكان حيوياً ونشيطاً في عمله، وهو إنسان ذو قدرات عالية لا ينام أكثر من خمس ساعات في الليل، عنيد، لا يحده سقف في التطلع والرقي بعمله، وفي الوقت نفسه فهو موصوف أيضاً بأنه “جنتلمان” ومنطقي لا يستثار، ومثابر من الطراز الأول حيث يملك أفكاراً وعلى الدوام كان في تحد لأي شيء يحده ، وهو حسن المعشر وسريع النكتة كأغلب المصريين .
هذا بالإضافة إلي أنه باحث متفرد، يصغى إلى نوره الداخلي، يحمل في خلاياه هموم كل البشر والمخلوقات، خاصة البسطاء؛ أوجاعهم في أضعف لحظات العجز، وأحمالهم الثقيلة، وأحلامهم المتكسرة، في وقت ربما لا يجيد العديد منا سوى الشكوى من أبسط عثراته الشخصية.
وفي نهاية حديثنا عن الأستاذ الدكتور أحمد محمد عبد المولى لا أملك إلا أن أقول تحية طيبة للأستاذ الفاضل الذي كان وما زال يمثل لنا نموذجا فذا للعالم الموسوعي في زراعة الأنسجة الذي يعرف كيف يتعامل مع العالم المحيط به ويسايره في تطوره، وهذا النموذج هو ما نفتقده بشدة في هذه الأيام التي يحاول الكثيرون فيها أن يثبتوا إخلاصهم لوطنهم بالانغلاق والتزمت وكراهية الحياة، وإغماض العين عن كل ما في العالم من تنوع وتعدد وثراء.
وتحيةً أخري لرجلٍ لم تستهوه السلطة، ولم يجذبه النفوذ ولكنه آثر أن يكون صدى أميناً لضمير وطني يقظ وشعور إنساني رفيع وسوف يبقى نموذجاً لمن يريد أن يدخل تاريخ علم الصيدلة من بوابة واسعة متفرداً.
الأستاذ الدكتور محمود محمد علي
أستاذ الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل – جامعة أسيوط