أثار الأزمات الدولية على الجمهورية الجديدة

 

حسام عيسى
باحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية

“أن حرية الفرد من حرية الدولة – فعندما تُستعمر الدول يفقد الفرد حريتة – فلا حرية للفرد بدون حرية الدولة” من كلمات العالم ” كارل بوبر” من كتابه ” العالم المفتوح وأعدائه”- لذا ألزم العالم “كارل بوبر” الفرد أن يستميت، ويدافع من أجل حرية الدولة؛ حيث لا حرية للفرد بدون حرية الدولة .
تهدف هذه الكلامات بعرض علمي استنادًا بالكتب العلمية لأساتذة من العلماء –
لتوضيح تساؤل رئيسي :_
• ما مقدار تأثير الفرد في الشعب لبناء قوة الدولة الناشئة في ظل التحديات الإقليمية والدولية في وقتنا المعاصر _ أنموذج مصر؟
من هذا التساؤل سوف نطرح عدد من الأسئله الفرعية:
• كيف تُوضع استراتيجية الأولويات للدول الناشئة ؟
• من هي الدول الناشئة، وكيفية تفاعلها مع الشعب والبيئة الدولية والإقليمية ؟
• من هو المحرك الرئيسي في استراتيجية ال، أولويات للدول الناشئة ؟
• ما هي التحديات الداخلية والإقليمية والدولية لمصر في وقتنا المعاصر؟
• كيف يؤثر الفرد في بناء قوة الدولة المصرية في وقتنا المعاصر؟
أولًا: استراتيجية الأولويات للدول الناشئة
” إن استراتيجات الأولويات في اتخاذ القرار تُقدم للدول منهجية اتخاذ القرار وفقًا لمبادئ رئيسية لاتحيد عنها الدول، وتصاغ تلك المبادئ من خلال البيئة الإقليمية والدولية، والقدرة الذاتية للدولة، تلك العناصر التي تحدد طرق وآليات الالتزام بالمبادئ الاستراتيجية للدولة” من كتاب ” الاستراتيجية ومحترفو الأمن القومي للعالم ” للعالم “هاري.أر يارجر” .
تلخيصًا لفكر العالم “إسماعيل صبري مقلد” – أن هناك ثوابت لدى الدول في اتخاذ القرار على أن تكون أول المهام هي: بقاء الدولة، ثم استمرارها، ثم السعي لتنميتها، وأخيًرا تحقق الرفاهية لشعبها في تحقيق أحلامه وطموحاته، حيث تكون تلك الاستراتيجية وفًقا للقدرة الذاتية من قوة بشرية ومادية، بالإضافة إلى المحيطين: الإقليمي والدولي في تحديد الأهداف التي سوف يتم التركيز عليها؛ لتحقيق مصالحها – ولكن البيئة الإقليمية والدولية هي أكثر المحددات تأثيرًا في تحديد أهداف الدولة الناشئة _ وهذا ما أكد عليها العالم “إسماعيل صبري مقلد” في كتابه “نظرية العلاقات في السياسة الخارجية”: أن البيئة المحيطة هي المحددة للنظام السياسي للدول، وطرق تعاملها في البيئة الدولية، وفي علاقاتها الخارجية.
ويأتي كتاب ” نظرية السياسة الخارجية ” للعلماء ” جلين بالمر” و “كليفتون مورجأن” ويضع المؤثرات الرئيسية في صنع القرار، والتي تأتي بدوافع اقتصادية، ومدى قوة تلك الدوافع على متخذ القرار في تحديد ، أولوياتة للدوله، وطريقة تفاعله في البيئة الدولية، وخاصةً الضغوط الاقتصادية التي تفرضها الدول الكبرى على الدول الناشئة؛ من أجل بسط نفوذها لتحقيق مصالحها، مما يؤثر على استقرار الدول الناشئة، ويدفعها لتبعية للدول الكبرى؛ بهدف الحفاظ على بقائها.
وقد قدم الباحث السياسي ” ريتشارد نيد ليبو” في كتابه “لماذا تحارب الأمم” – أن المحرك الرئيسي للدول في استراتيجيتهم هي دوافع اقتصادية، وليست عقائدية، أو فكرية، أو ثقافية، أو أخلاقية.
لقد قدم العالم “ألن.ج استوابرج” كتاب تم تحت إشراف معهد الدراسات البحرية الامريكية ” كيف تصوغ الدول القومية استراتيجية الأمن القومي” – وفيه يوضح أن الضغوط الاقتصادية هي أكثر العوامل تأثيرًا في قيادة الدول، والسيطرة عليها، وأن الحروب تُخلق من أجل فرض القوة الاقتصادية للدول الأقوى؛ لذا فإن الحروب وسيلة للوصول للضغوط الاقتصادية؛ من أجل السيطرة على الدول لنهب ثرواتهم، ولسلب إرادتهم السياسية، وتكون تلك الدول أداة لتحقيق مصالح الدول الكبرى .
يُظهر العالم “ريتشارد اسنايدر” في كتابه ” نموذج اتخاذ القرار” أن من العوامل المؤثرة في صنع القرار في الدول هي: البيئة الداخلية، وصانع القرار، والبيئة الخارجية، وأن أكثر التأثيرات على صانع القرار هي البيئة الخارجية، وذلك لأننا نستطيع أن نغير البيئة الداخلية وصانع القرار، ولكن لا نستطيع أن نغير البيئة الخارجية، حيث أن تأثيراتها الأكثر قوة على النظام السياسي .
لقد ، أوضح العالم ” جوزيف فرأنكل” في كتابه ” العلاقات الدولية” أن أكبر مؤثر على الدول في صياغة سياستهم الداخلية هي: المؤثرات الاقتصادية التي تفرضها البيئة الدولية، ومن هنا فمن يتحكم في صياغة سياسة الدول هي البيئة الدولية بقوتها الاقتصادية، بالإضافة إلى قوتها العسكرية .
تلخيصًا لما سبق:
 أن أول أولويات الدول هي البقاء، ثم الاستمرار، ثم التنمية، ثم الرفاهية .
 أن الدافع الرئيسي للدول للحروب هو الدافع الاقتصادي، وليس العقائدي.
 أن المحرك الرئيسي للدول هو الاقتصاد.
 أن البيئة الدولية والإقليمية هي المحدد الرئيسي للسياسة الدول الناشئة .
ثأنيًا: الدول الناشئة، وكيفية تفاعلها مع الشعب والبيئة الدولية
لقد أوضح العالم “كينث والتز” بنية النسق الدولي في كتابه “نظرية السياسة الدولية” بتقسيم الدول إلى ثلاثة مستويات، المستوى الأول: دول عالمية الاتجاه تستطيع أن تؤثر في البيئة الدولية مثل: الولايات المتحدة الأمريكية، والصين الشعبية، ورورسيا الاتحادية. المستوى الثاني: دول عالمية، ولا تستطيع أن تؤثر في البيئة الدولية مثل: الاتحاد الأوروبي، إلىابان، الهند، وبريطانيا. المستوى الثالث: دول ساحة استراتيجية للدول العالمية الاتجاه مثل: مصر، ودول الخليج، والدول الإفريقية، وأمريكا اللاتينية، وأن الدول عالمية الاتجاه مثل: أمريكا هي القادرة على التأثير في البيئة الدولية، لما لها من سياسة قادرة أن تفرضها على النسق الدولي، ويوجد دول عالمية، ولكنها دول تابعة مثل: الاتحاد الأوروبي، واليابان، أو على الأقل تسير وفقًا للقوة المهيمنة مثل: الهند، وأن الدول الناشئة مثل: مصر، ودول الخليج العربي، ودول إفريقيا، وأمريكا اللاتينية هي دول غير قادرة على فرض سياسة على الدول العظمى، ولكنها تتكيف مع سياسات البيئة الدولية، وسياسة الدولة المهيمنة، أو الدول القادرة على التأثير في العالم مثل: أمريكا والصين وروسيا؛ لذا على الدول الناشئة مثل: مصر مراعاة توجهات الدول العظمى مثل: أمريكا والصين وروسيا، وتتكيف مع سياستهم؛ من أجل البقاء والاستمرار.
لقد أقر أصحاب النظرية الواقعية “هانز مورجنث، أو” في كتابه ” السياسة بين الأمم”، والعالم “جون ميرشايمر” في كتابه ” مأساة سياسة الدولة العظمى” أن الدول العظمى مثل: أمريكا، والصين، وروسيا قادرة أن تضع سياسة تنم عن قوتها الفعليه الاقتصادية والعسكرية، وأن تفرض تلك السياسة على البيئة الدولية.
وبناءً على النظرية الواقعية، فإن مصر ما بين التحديات التي تفرضها سياسات الدول العظمى التي تسعى إلى القوة، والسيطرة، ونهب الثروات- وما بين احتياجات الفرد البسيط من أجل العيش حياة كريمة _ ولكن طبقًا لاستراتيجية الأولويات للعالم _ “جلبين بالمر” في كتابه ” الاسترتيجية ومحترفو الأمن القومي”، فإن مصر لا خيار لها في أن تسعى ، أولًا من أجل البقاء والاستمرار؛ لتقوية جيشها على حساب التنمية، وتلبية احتياجات الفرد، وتلك تسمى ب”أزمة التنمية”.
تلخيصًا لما سبق:
 أن الدول الناشئة، ومنها: مصر تتعامل مع سياستها الداخلية وفقًا للضغوط الخارجية.
 أن الدول العظمى مثل: أمريكا ،والصين، وروسيا هي صاحبة التأثير في الدول الناشئة؛ من أجل تحقيق مصالحها.
 أن العالم قائم على الصراع ما بين الدول، وأساس الصراع هو القوة.
 من يحدد أولويات الدول الناشئة هي الدول العظمى عن طريق الضغوط التي تفرضها.
ثالًثا: المحرك الرئيسي في استراتيجية الأولويات للدول الناشئة
لقد أكدت النظرية الواقعية لرائدها العالم “هانز مورجنث، أو” في كتابه “السياسة بين الأمم” – أن الدول كائن حي، وأن الدول تمتدّ أولًا لدول الجوار، وفي دول الجوار تكمن قوة الدول، أو تكون مدخل لفنائها، كما تؤكد النظرية الواقعية أن العالم ليس له أخلاقيات، وأن الحكم للأقوى، ولا يوجد أخلاقيات في العلاقات الدولية في عالم فوضوي يحكم بقانون القوة _أي إن العالم يفرض البقاء للأقوى _ ؛من أجل ذلك فالسعي للقوة هي وسيله بل غاية لكل دول العالم .
تقر النظرية الواقعية في كتاب “جون ميرشايمر” “مأساة سياسة الدول العظمى” أن الدول العظمى هي القادرة على إحداث التغيرات في النسق العالمي، تلك الدول التي لديها قوة عسكرية، واقتصادية، وتكنولوجية، وذات مساحة من الأرض، وقوة بشرية، ومكانتها في مقدمة النسق العالمي، وتتمثل تلك الدول الآن في: الولايات المتحدة، والصين الشعبية، وروسيا الاتحادية. تلك الدول هي القادرة على أن تفرض سياستها الساعية إلى القوة، بالإضافة إلى القضاء على أي قوى منافسة، أو تسعى إلى أن تنافسها، بالإضافة إلى سعيها للسيطرة على الدول الناشئة؛ من أجل مصالحها العالمية.
لقد أظهر العالم “راتزال” في كتابه ” أسس الجغرافيا السياسية” أن قوة الدولة لها خصال سبعة، أولها: هي القوة الثقافية، أي أن قوة الدولة تبدأ بثقافة الفرد، ووعيه، وإدراكه للدوله، وللتحديات الدولية، وأن قوة الدولة هي واهبة لقوة الفرد؛ لذا تبدأ قوة الدولة بالفرد، وتنتهي بتجانس الفرد مع المجتمع؛ من أجل الدولة وقوتها.
يؤكد العالم “إسماعيل صبري مقلد” في كتابه “نظريات السياسة الخارجية” أن محرك الدول الناشئة هو التحديات التي تفرضها الدول عالمية الاتجاه القادرة على أن تغير النسق العالمي، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، والصين الشعبية، وروسيا الاتحادية، وأن ما ينشأ في المحيط الإقليمي من صراعات، وما يصدره من صراعات الدولية هي المؤثر الرئيسي في سياسات الدول الناشئة، وأن النظام السياسي في الدول الناشئة يضع أولوياتة الأولى وفقًا لما تصدره القوة الدولية أولًا، ثم يضع الصراعات الإقليمية التي في الغالب تكون ورائها الصراعات الدولية، وأخيرًا يضع متطلبات الشعب.
أوضح العالم “ألكسندر دوجن” في كتابه ” أسس الجيوبولتيك”، وفيه يوضح أهمية دول الجوار في أنهم مصدر رئيسي للمحركات الاستراتيجية للدول، وأن أساس قوة الدولة في مدى امتدادها الثقافي، والتعاون، والمشاركة بين الدول. لقد قدمت دول الجوار قوة دافعة للاقتصاد المصري حتى 1991م، حين كان تعداد مصر حوالي 58 مليون نسمة، وكان عدد العاملين في العراق، وليبيا، واليمن فقط حوالي أربعة مليون نسمة، بنسبة تمثل حوالي 9% من سكان مصر، ويمثلوا دخل بالعمله دولارية حوالي 20 مليار دولار سنويًا من دخل العاملين من الخارج (هذه النسبة خارج منها العاملين في دول الخليج، وباقي دول العالم)، لذا كانت دور دول الجوار العربي لها دوافع إيجابية على الاقتصاد المصري، بينما نجد الآن هذه النسبة قد تلاشت بل بالعكس، أصبحت دول الجوار تمثل عبئًا أمني على الدولة، ويكلفها زيادة مالية؛ من أجل حماية الأمن القومي المصري من دول الجوار ليبيا، والسودان، وإسرائيل، والدول الطامعة في ثروات مصر في البحر المتوسط، والممر التجاري في قناة السويس، والبحر الأحمر، مما أثر ذلك سلبًا على الاقتصاد المصري، والتنمية وتغير في تحديد، أولوياتها الداخلية، وفي طريق، ومنهج علاقاتها الدولية، حيث انخفضت أيضًا نسبة العاملين بالخارج، ونسبة العائد الدولاري؛ مما أدى إلى تزايد الأعباء المادية على استراتيجية، أولويات الدولة في اتخاذ القرار.
تلخيصًا لما سبق:
 أن الدول العظمى من المحددات الأكثر تأثيرًا على استراتيجية الأولويات لمصر.
 أن دول الجوار، وحالة التعاون، والامتداد الثقافي لها تأثير على استراتيجية أولويات مصر.
 أن حال دول الجوار من استقرار، أو صراعات لها تأثير على استراتيجية أولويات مصر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.