كتب : عصام علوان
لقد ركزت منظمة “ميموريال”، وهي مجموعة حقوق الإنسان الروسية الرائدة التي حصلت للتو على جائزة نوبل للسلام، منذ فترة طويلة على توثيق قمع ليس فقط في الحاضر، ولكن أيضًا في الماضي، مع الإعتراف بأن الإفلات من العقاب على فظائع الأمس يولد اليوم.
وقال”نبيل أبوالياسين” الناشط الحقوقي، والباحث في الشأني العربي والدولي، ورئيس منظمة الحق الدولية لحقوق الإنسان، في بيان صحفي صادر عنه اليوم«الأثنين»، للصحف والمواقع الإخبارية، إنه يبدو أن إستراتيجية سياسة الرئيس الروسي” فلاديمير بوتين” ، عندما تصبح الأمور صعبة، ومعقدة يهاجم المدنيين، ويبدأ في تنفيذ سياسة الأرض المحروقة، ولن يضع أي مدينة أوكرانية تسلم من القصف، كما فعل في دول أخرىّ.
وأضاف: أن الإفلات من العقاب أصبحت «سَجيَّة» دول “الفيتو” في إستعراضها للقوة السياسية، والأمم المتحدة تصوت على إدارة ظهرها لأي تقرير من مفوضي حقوق الإنسان التابع لها، وخاصةً إذا تعلق الآمر بالأقليات المستهدفة، أو الدول النامية، وما يمكن أن يعتمد عليه ونشاهدهُ الآن التفريق بين دولة معيَّنة وآخرىّ، رغم التقارير الرسمية، والموثقة التي تتهم بعض الدول بإرتكاب إنتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، وجرائم مؤكده ضد الإنسانية.
مضيفاً: أن الجنرال الروسي “سيرغي سوروفيكين” الذي دمر حلب، ومدن شمال سوريا دون أن يحتج أحداً فى مشارق الأرض، ومغربها على جرائمه، هو الذي يقود الحرب الآن على أوكرانيا، وأولىّ مهماتُه كانت ضرب كييف العشوائي صباح اليوم “الأثنين” ونرىّ ونسمع علو الأصوات، والجميع يُشجب، ويستنكر ، وحينما دمر حلب العالم كان صامتاً فماذا حدث اليوم؟، فهذا حصاد صمتكم أمس فلا تستغربوه اليوم.
وإفتتحت: الصحف العالمية والإقليمية في صباحيتها اليوم الأثنين بعناوين «القصف الصاروخي المكثف على كييف يحول كثيراً من المباني إلى أطلال»، ويبدو أن الرد العسكري الروسي على التدمير الجزئي لجسر مضيق كيرتش، الذي يربط شبه جزيرة القرم المحتلة بالبر الرئيسي لروسيا كان هجوماً على جرائم حرب على أجزاء سكنية من مدينة زابوريزهجيا الأوكرانية، مما أسفر عن مقتل عدد من المدنيين وإصابة الكثير منهم.
وفي جانب أخر: وجدت بعض التقديرات أن 700 ألف شخص، حوالي 1 من كل 200 روسي غادروا البلاد في أقل من أسبوعين منذ أمر الرئيس “فلاديمير بوتين” بتعبئة جزئية للقوات لتعزيز غزوه المتعثر.
ويحاول”بوتين” خلق حقائقه الخاصة على الأرض، بحلول يومة المزعوم”الثلاثاء”، وتم تمرير الإقتراحات من خلال البرلمان الروسي المصدق على الموافقة على معاهدات الإنضمام، التي وقعها بوتين في الأيام الآخيرة الماضية معلنة إستيعاب المناطق الأوكرانية من لوهانسك، ودونيتسك وخرسون وزابوريزهيا، وكلها محتلة جزئياً فقط من قبل القوات الروسية في الإتحاد الروسي، وأجرى الإنفصاليون المدعومون من روسيا في هذه الجمهوريات”الأربع” المزعومة إستفتاءات زائفة للإنضمام إلى روسيا، مما أثار غضب كييف والمجتمع الدولي بأكملة.
ولم تؤد عمليات الضم إلا إلى زيادة الإحراج بالنسبة لمسؤولي الكرملين، الذين لم يتمكنوا حتى الآن من تحديد مكان حدودهم بينما كانت القوات الأوكرانية تندفع عبر الدفاعات الروسية الهابطة،
وفق تصريحات القيادات في الخطوط الأمامية، وسيبقى إنتصار أوكرانيا في ليمان رمزاً للرسالة التي أرسلتها إلى الكرملين، وكان ضم “بوتين” للمناطق المحتلة جزئياً مهزلة، كانت ليمان جزءاً كبيراً من الأراضي التي آدعىّ الرئيس المتغطرس في إحتفال أقيم في موسكو، ولكن بعد يوم واحد فقط، غادر جنوده على عجل، وبعضهم يموت في طريق الخروج.
وتخلص خطابه الذي إستمر 37 دقيقة يوم الإحتفال المزعوم، من الإنتقادات الموجهة لإنتهاكات”روسيا” للقانون الدولي، وأعاد تأمل غضبه التآمري على أجندة الولايات المتحدة، وحلفائها الأوروبيين، ودعا إلى حركة تحرير مناهضة للإستعمار ضد الهيمنة أحادية القطب، واصفاً عمليات الضم بأنها فعل مقاومة للنظام “الطفيلي” والإستعماري الجديد للغرب، بينما يشرح بالتفصيل الإرث التاريخي لـ “النهب” و “الإبادة الجماعية” نفذتها مختلف القوى الغربية في القرون الماضية.
من ناحية أخرىّ قال “أبوالياسين”، إنه لا ينبغي أن يكون أي من هذا الخطاب مفاجئاً، في مثل هذا التذمر بل هو المعيار بالنسبة” لـ”بوتين، الذي يسعىّ دوماً إلى وضع روسيا على قدم المساواة مع الولايات المتحدة، وشركائها، علاوة على ذلك، فإن مناهضة الإمبريالية، المتشددة كانت عبارة عن مخزون في التجارة في ظل الإتحاد السوفيتي، الذي سعىّ لعقود إلى دعم الإستبداديين، وأن هيبة القوات الروسية أصبحت في الزوال عند تعثرها في مواجهتها للحرب التي شنها “بوتين”، والفظائع الموثقة التي إرتكبتها قواته في أوكرانيا، والمشروع الإستعماري الشامل المتمثل في إستخدام القوة الغاشمة لقمع الأوكرانيين مع إنكار حق دولتهم في الوجود.
وأضاف: يبدو أن الدب الروسي غافل عن عبثية إدانة الإمبريالية بينما يرتكب في نفس الوقت أكثر أعمال العدوان الإمبريالي جرأة في التاريخ الأوروبي الحديث،
كما يلتزم “بوتين” الصمت بشأن تاريخ أمته الدموي القاسي في الغزو الإمبراطوري، ناهيك عن أهوال الستالينية، التي طبقها”جوزيف ستالين”بين عامي 1927 و1953، بينما كانت الإمبراطوريات الغربية تقيم أنظمة الإستغلال، والاستخراج الخاصة بها في أجزاء مختلفة من العالم، كان القياصرة الروس يشنون حروباً بلا رحمة للتوسع في أماكن ليست بعيدة عن المعارك الحالية في أوكرانيا.
وأشار”أبوالياسين” إلى ما كتبة الصحفي البريطاني المولود في الإتحاد السوفيتي”بيتر بوميرانتسيف”، الذي أشار إلى الطريقة التي أغلق بها بوتين العام الماضي “ميموريال”، وهي منظمة مجتمع مدني روسية كبرى حققت في جرائم الماضي السوفيتي، وبدلاً من ذلك، يقوم بوتين برحلته الإنتقامية لإستعادة الإمبراطورية الروسية الواهية، ويريد”بوتين” أن تكون روسيا الإستثناء الوحيد للصعود، والسقوط الذي لا يرحم للدول الإمبريالية، في الوقت الحالي، وبينما يسعىّ مواطنوه إلى الفرار، وتعمق العزلة الجيوسياسية لبلاده، وتتأرجح قواته العسكرية، وتبدو مهمة بوتين وهمياً أكثر من أي وقت مضىّ.
مشيراً: إلى التصريحات الإستفزازية من هنا، وهناك حيثُ صرحت الرئاسة الروسية: بأن تعليقات زيلينسكي بشأن الضربات الوقائية ضد روسيا هي دعوة لبدء حرب نووية، ومن جانبة حذر”لافروف” من نفاد صبر موسكو في وجه “العدوان الاقتصادي” ضدها، كما صرح نائب بمجلس الدوما لـ”الصحف” أن تكرار سيناريو الصواريخ السوفيتية بـ 1962 إحتمال وارد للرد على الإجراءات الأميركية ضدنا،
ونائب رئيس مجلس الأمن الروسي يدعو لـ”تفكيك” السلطة في كييف، ويؤكد أن ضربات صباح اليوم “الأثنين” هي الحلقة الأولى وفق ماقال.
كما أشار: إلى الجانب الأوكراني حيثُ: صرح مستشار وزير الخارجية الأوكراني” يفهين ميكيتينكو” أن هناك صراع بين أجنحة السلطة في موسكو، بعد تفجير جسر القرم، وأن الصراع يدور بين الجيش، وزير الدفاع ورئيس الأركان من جهة، وأجهزة الأمن، والشركات العسكرية من جهة أخرىّ، وكتب مستشار الرئيس الأوكراني”ميخايلو بودولياك” على صفحتة في موقع التواصل الإجتماعي “تويتر” بأن تفجير الجسر مجرد بداية، ورد علية “ميكيتينكو” قائلًا “إحتمال، لمَ لا؟، ورد “بودولياك “ في تويتة يجب تدمير كل شيء غير قانوني، وإعادة كل ما سُرق إلى أوكرانيا، وطرد الروس من كل منطقة إحتلوها، وذكر؛ أن الشاحنة التي إنفجرت كانت قادمة من مدينة كراسنودار في البر الرئيسي الروسي، وأن صاحب الشاحنة وقائدها روسيان، وأن صاحب الشاحنة يدعى”سمير يوسوبوف”، وأن قائد الشاحنة هو شقيقه.
وحذر”أبوالياسين” من أن تهديدات الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” الآخيرة بنشر سلاح نووي في أوكرانيا، قد وضعت العالم في أخطر شدة مواجهة نووية منذ الحرب الباردة، وهو “الخطر النووي”، وتساءل الكثيرون هل هو سيئ كما كان خلال الحرب الباردة؟ وكان الجواب على هذه التساءلات من”ألكسندر كمينت”، مدير نزع السلاح، والحد من التسلح، وحظر الإنتشار بوزارة الخارجية النمساوية بـ “نعم”.
وأكد”أبوالياسين” في بيانه الصحفي، أن تزايد المخاوف في أوروبا، والعالم من تهديدات بوتين النووية، آمر طبيعي لأن هذا التهديد إن نفُذ سيكون أسوء من الحرب البارده، لأن
في الحرب الباردة كان يوجد في الأساس مصلحتان نوويتان تحاولان ردع أحدهما الآخر، ولكن الآن لدينا العديد من بؤر التوتر النووية المحتملة الآن، والتكرار الأخير لتلك المخاطر، الذي أصدرتهُ روسيا، هو فقط خارج نطاق الشحوب، حتى وإن لم يُرىّ حتى الآن تحركات روسية تشير إلى تصعيد نووي إلا أن الآمر أصبح في غاية الخطورة، ويزيد من معاناة شعوب دول العالم، وخاصة النامية التي آثرت عليها بشكل سلبي هذه الحرب المستمره، والذي لا نجد لها نهاية حتى الآن.