بقلم / محمـــد الدكـــروري
ولكن كيف نغرس التقوى في القلوب؟ فإنه يجب على المسلم أن يبذل جهده في غرس التقوى في قلبه وهناك طرق عدة تعينه على ذلك، منها قراءة القرآن الكريم وتدبره وزيادة معرفة المسلم بربه تزيد في تقواه، ولهذا أنزل الله تعالى القرآن الكريم ليتفكر به أهل العقول الذين أنار الله تعالى أبصارهم وبذلوا جهدهم، حتى ينالوا رضى الله -تعالى بالتقوى، فيتعرف المسلم في القرآن الكريم على الله تعالى وعلى عظمته وقدرته، ومن أسمائه وصفاته، وأيضا تعظيم شرع الله في النفوس وإقامة حدود الله تعالى، والتحلي بالأخلاق الحميدة، والتخلق بالأخلاق الحميدة، كالعدل والعفو ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم وتوقيره، واحترامه، وبذل الجهد في الطاعة والإكثار من العبادات والذكر بذل الجهد في الطاعة والإكثار من العبادات فرائض كانت أم نوافل، ومن العبادات التي تعين على التقوى هي الصلاة، والصيام، كما يجدر بالمسلم الإكثار من ذكر الله تعالى فلا يفتر عن الذكر.
وكذلك التأمل في النصوص التي تتحدث عن القبر والآخرة والتفكر بها، فكلما زاد تعظيم الله تعالى في نفسه كان من التقوى أقرب، وفكر بالاستعداد لِما بعد الموت، وكما تغرس التقوى في النفوس بأساليب عديدة، ومنها كثرة التفكر والتأمل والتدبر بالنصوص القرآنية، وخاصة تلك التي تتحدث عن القبر وأحوال الآخرة وكما أن للتقوى فوائد وثمار عديدة وهو أن يحفظ الله تعالى المسلم التقي ويعينه، ويرزقه، ويكون معه ويغفر ذنوبه، ويفرّج الله تعالى هموم المسلم التقي، ويعلمه ويرشده لِما هو نافع له، ويتقبل منه أعماله الحسنة، ويحميه من عدوه، ويرزقه الجنة، ويبعده عن النار، ويرفع الله تعالى المسلم التقي يوم القيامة ويعلي مقامه، ويمنح الله تعالى المسلم التقي مميزات في الآخرة ليست لغيره، فهو في الحشر يكون مع المتقين في وفد عظيم ثم إن له مقام عظيم وإنزال العون من الله تعالي وكما ينال المسلم التقي البركات من الله تعالى ويحميه من سوء الشيطان وضرره، ويأمن المُتقي من الفزع يوم القيامة.
وهكذا فإن للتقوى ثمار عديدة، ولعل من أبرزها الأمن يوم القيامة من الفزع، وأن التقوى سبب من أسباب تأييد الله تعالى لعباده وإنزال عونه عليهم، كما أن التقوى سبب من أسباب محبة الله تعالى للعبد، وكفى به سببا لتحفيز المسلم على الالتزام بالتقوى، وإن التقوى هي ترك معاصي الله تبارك وتعالى، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم “اتقوا الدنيا واتقوا النساء” رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم “من اتقى الشبهات فقد استبراء لدينه وعرضه” رواه البخاري ومسلم، والتقوى هي اجتناب كل ما فيه ضرر، وهي المحافظة على آداب الشريعة، ومجانبة كل ما يُبعد المرء عن الله تعالى، وقال صلى الله عليه وسلم “اتقوا النار ولو بشق تمرة” رواه البخاري ومسلم، وقيل أن رجلا سأل أبا هريرة رضي الله عنه عن التقوى؟ فقال له أبو هريرة هل أخذت طريقا ذات شوك؟ قال نعم، قال فكيف كنت تصنع إذا رأيت الشوك؟ قال أعدل عنها، أو جاوزتها، أو قصرت عنها، قال ذاك التقوى أي فكذلك التقوى.
وبنحوه عن عمر أنه سأل أبي بن كعب، فقال له كما قال أبا هريرة، وقال مالك بن أنس بلغني أن رجلا من الفقهاء كتب إلى ابن الزبير يقول ألا إن لأهل التقوى علامات يعرفون بها، ويعرفونها من أنفسهم من رضي بالقضاء، وصبر على البلاء، وشكر على النعماء، وصدق في اللسان، ووفى بالوعد والعهد، وتلا أحكام القرآن، وإنما الإمام سوق من الأسواق، فإن كان من أهل الحق حمل إليه أهل الحق حقهم، وإن كان من أهل الباطل حمل إليه أهل الباطل باطلهم، وقال الحسن البصري يا بن آدم عملك عملك، فإنما هو لحمك ودمك، فانظر على أي حال تلقى عملك، إن لأهل التقوى علامات يعرفون بها صدق الحديث، والوفاء بالعهد، وصلة الرحم، ورحمة الضعفاء، وقلة الفخر والخيلاء، وبذل المعروف، وقلة المباهاة للناس، وحسن الخلق، وإن أصل التقوى أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه ويحذره وقاية تقيه منه فتقوى العبد لربه أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من ربه من غضبه وسخطه وعقابه وقاية تقيه من ذلكز
وهي فعل طاعته واجتناب معاصيه وامتثال أوامره واجتناب نواهيه من فعل الواجبات وترك المحرمات والشبهات، وقال بعض السلف التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله، وقال عبد الله بن مسعود في قوله تعالى ” واتقوا الله حق تقاته” هي أن يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر، ويدخل في الشكر فعل جميع الطاعات، ومعنى ذكره فلا ينسى ذكر العبد بقلبه لأوامر الله في حركاته، وسكناته فيمتثلها ولنواهيه في ذلك كله فيجتنبها والتقوى وصية الله لجميع خلقه الأولين والآخرين، وهي وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته وكان صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيرا لحديث رواه مسلم ولما خطب صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع في يوم النحر أوصى الناس بتقوى الله وبالسمع والطاعة لأئمتهم.