الإسلام دين علم وفكر وثقافة


بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الإسلام هو دين علم وفكر وثقافة، يحترم العقل البشري، ويحث على التفوق في العلوم، واكتساب الخبرات والمعارف الدينية والدنيوية، إن ما يقع في الأرض من كساد الاقتصاد، وغلاء الأسعار، وفساد الذمم، وتسليط الناس بعضهم على بعض بالظلم والبغي والأثرة، وما يصيبهم من غور المياه إلى حد الجفاف، أو صب السماء إلى حد الإغراق، وما يأتي عليهم من فيضان الأرض، ومد البحر، والزلزلة والخسف، كل ذلك لم يكن إلا بظلم العباد لأنفسهم بمعصية الله تعالى، وانتشار الظلم فيما بينهم، وعدم إنصاف المظلوم أو الانتصار له وكلما كثر العصيان، وعظم الظلم، وتم تشريعه وتوسيعه وتقنينه تفاقمت المشكلات، وتتابعت العقوبات، وحلت المثلات والعذاب إذا نزل قد يعم ولا يخص.

ولا شك أن التجارة هي من أفضل الأعمال الدنيوية التي يعمل فيها الناس لتحصيل أرزاقهم وأرزاق أهليهم وعيالهم، وخدمة مجتمعاتهم، ومما يتميز به التاجر المسلم عن غيره هو تمسكه بقيم دينه، وتوكله الدائم على ربه، ولذلك كان لا بد لكل تاجر مسلم في هذا الزمان أن يتعرف على الأخلاق والمأمورات والمنهيات التي تتعلق بعمله وذلك لانتشار المحرمات، وكثرة الشبهات، التي تعتري أكثر المعاملات، فتحرفها عن الضوابط الشرعية التي أمر الله تعالى بها، وإن الكيّس مَن دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز مَن أتبع نفسه هواها وتمنى على الله تعالى الأماني، ألا وإن من الأعمال التي أباحها الله تعالى لعباده المؤمنين العمل لكسب المعيشة، وأفضل ذلك كسب التجارة، ولكن التاجر والمتاجر من واجبهما.

أن يشفقا على دينهما فلا يلهيهما مالهما عن ذكر الله تعالى وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وعن يوم تتقلب فيه القلوب والأبصار، فلا ينبغي للمسلم أن يشغله معاشه عن معاده، فيكون عمره ضائعا، وصنعته خاسرة، وما يفوته من الربح من الآخرة لا يفي به ما ينال في الدنيا، فيكون ممن اشترى الحياة الدنيا بالآخرة، بل العاقل ينبغي أن يشفق على نفسه، وشفقته على نفسه بحفظ رأس ماله ورأس ماله دينه، فيه ربحه ونجاته وسعادته، وفوزه في الدنيا والآخرة ومغفرة ذنوبه، وأطيب المساكن في أعلى الجنات، وإن هناك مقوله تقول لا تحدثني عن الدين كثيرا، ولكن دعني أرى الدين في سلوكك وأخلاقك وتعاملاتك، وهذه هي الترجمة الحرفية والفورية لشريعة رب البرية سبحانه وتعالي، ولكننا إذا نزلنا الى ارض الواقع.

في حياتنا اليومية يوم أن ابتعدنا عن تعليم الدنيا وأصبحت الدنيا أكبر همنا ومبلغ علمنا ترى في اسواقنا اخلاقا ليست هي بأخلاق المسلمين كذبا وغشا وبخسا وتطفيفا وطمعا في نفوس كلا الفريقين البائع والمشتري، وإن من آداب الأسواق التي ربما لا نراه في الأسواق هو إفشاء السلام وهو من شعائر الإسلام التي امرنا النبي صلى الله عليه وسلم بإحيائها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم” وعن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أن الطفيل بن أبي بن كعب أخبره أنه كان يأتي عبد الله بن عمر فيغدو معه إلى السوق قال فإذا غدونا إلى السوق.

لم يمر عبد الله بن عمر على سقاط ولا صاحب بيعة ولا مسكين ولا أحد إلا سلم عليه قال الطفيل فجئت عبد الله بن عمر يوما فاستتبعني إلى السوق فقلت له وما تصنع في السوق وأنت لا تقف على البيع ولا تسأل عن السلع ولا تسوم بها ولا تجلس في مجالس السوق قال وأقول اجلس بنا ها هنا نتحدث قال فقال لي عبد الله بن عمر، يا أبا بطن وكان الطفيل ذا بطن إنما نغدو من أجل السلام نسلم على من لقينا” رواه مالك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.