بقلم/ محمـــد الدكـــروري
ينبغي علي العبد المؤمن أن يكون على استعداد للقاء ربه عز وجل وألا يكون في غفلة عن هذا اللقاء فإن أمامه أهوالا وأمورا عظيمة، فهناك الموت وسكراته، والقبر وظلماته، والنفخ في الصور، والبعث بعد الموت، وعرصات يوم القيامة، والصراط، والميزان، وغير ذلك من الأهوال العظيمة، وكما يجب علي المؤمن الإبتعاد عن الانغماس في المباحات، والانشغال بالدنيا وشهواتها وملذاتها والسعي في التجارات وجني الأرباح، والإبتعاد عن الانقطاع عن مجالس الذكر وعدم المحافظة على الأذكار الشرعية في الصباح والمساء وعند دخول المسجد والخروج منه وعند الدخول إلى المنزل والخروج منه.
وغير ذلك من المواضع، فقد قال ابن القيم رحمه الله “على قدر غفلة العبد عن الذكر يكون بعده عن الله” وقال أيضا “إن مجالس الذكر مجالس الملائكة، ومجالس اللغو والغفلة مجالس الشياطين، فليختر العبد أعجبها إليه وأولاها به، فهو مع أهله في الدنيا والآخرة” وأيضا الإبتعاد عن الانقطاع عن بيوت الله وهجر صلاة الجماعة وقراءة القرآن، وأن من أراد أن ينجو من الغفلة فعليه تجنب هذه الأسباب والإكثار من ذكر الله حتى يكون من الذاكرين، ومن أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، ولقد شرع الله عز وجل، لعباده من هذه الأمة المحمدية أكمل الشرائع وأيسر الأديان، وجعلها خير أمة أخرجت للناس.
فهي آخر الأمم في الدنيا وأول الأمم في يوم القيامة لما يحتويه دينها الذي هو خاتم الديانات السماوية من خير للبشرية في مصادره وموارده وأحكامه وتشريعاته، وأن دين الإسلام هو النعمة الكبرى التي أسداها الله تعالى على عباده حيث يقول تعالى فى سورة المائدة ” اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا” وإن الدنيا تذهب وتذهب مع أهلها، وإن بضائعها وسلعتها خسرانة وباطلة، ومآلها إلى فناء، لا تضيعوا الآخرة بهذه الدنيا، فلا تضيعوا الآخرة بعرض من الدنيا قليل، فإن الهداية شيء عظيم وكبير وخطير، وينبغي علينا جميعا إن أكرمنا الله عز وجل وجعلنا من أهل الهدى ومن أهل التقوى أن نتمسك.
وأن نسأل الله تبارك وتعالى الهداية، فإن الله أوجب على المسلمين أن يقرؤوا الفاتحة في كل يوم على أقل تقدير سبع عشر مرة وهي عدد الركعات التي يقرأ الإنسان الفاتحة في الفرائض، ثم إذا في النوافل أو ركعات أخرى ربما يصل إلى عدد بالعشرات، وكل يوم عشرات المرات وأنت تقول “اهدنا الصراط المستقيم” كيف وهو واقف في الصلاة يطلب الهداية، كيف وأنت في قلب الهداية وأنت تقرأ القرآن، وتقول “اهدنا الصراط المستقيم” قال “هنا يعني أدم هدايتنا على الصراط المستقيم” فحرصك على دوام الهداية كأنها غير موجودة فأنت تخاف وتريد أن تحصلها فتقول”اهدنا الصراط المستقيم” حتى تبقى على الصراط المستقيم.
وتقول صراط الذين أنعمت عليهم، أى صراط الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وصراط الصحابة، صراط أولياء الله الذين استقوا من منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن دنيا بلا هداية يعني شقاء وآخرة بلا هداية، تعني جحيما فاطلبوا ما شئتم، ثم ليعلم كل أحد منا أن الإيمان يزيد وينقص، بمعنى أن الإيمان ليس طبعة نضعها على الجبين، هو حال قلب تصدقه الأعمال، حال قلب تترجمه الأفعال، حال قلب نراه في سلوك المؤمنين وإلا لا نحكم عليكم بالإيمان، لو أن منافقا قال أنا أحب الله، وأنا أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم هو لا يطيع الله، ولا يصلي لله، ولا يصوم لله، ولا يذكر الله، ولو قال مليون مرة أنا أحب الله، هذا رجل كاذب لأن الإيمان تصدقه الأفعال والأقوال والإيمان يزيد وينقص كما هو مذهب أهل السنة والجماعة في العقيدة.