كتبت / عبير سعيد
وضعت أمريكا خطة لترويج الديمقراطية ودعم حقوق الإنسان في العالم العربي .. ولكنها ستواجه ترددا في قبولها، إن لم يكن رفضاً كاملاً من قبل نشطاء الديمقراطية والتنمية السياسية .. والمدافعين عن الحريات والحقوق العرب ..
لقد بدأ إنحدار أمريكا فعليا في عام 2000, عندما تم تعيين بوش الإبن( ديك تشيني) رئيسا لأمريكا عن طريق المحكمة العليا ! وبعدها دخلت حربين في أفغانستان والعراق .. وهو الوقت الذي بدأت فيه الصين بالتمدد حول العالم إقتصاديا .. وبدأت روسيا بوتين برنامج ضخم لتطوير صناعتها العسكرية ..
وبعد نهاية رئاسة ديك تشيني .. تم تعيين باراك أوباما رئيسا في 2008 .. فنقل ايدولوجيا الحزب الديمقراطي من الإعتدال لأقصى اليسار .. وأشعل ربيع العرب، وركع لملالي إيران .. وركز على نشر أجندة اليسار المتطرف .. ولم ينجح تماما بنشرها، فقررت دولة أمريكا العميقة الزج بترامب لتشويه المحافظين ..
وكان المخطط هو أن يتم تشويه صورة المحافظين في عهد ترامب على أنهم نازيين .. ليسهل قمعهم عند فرض أجندة اليسار المتطرف في عهد من يخلفه (بايدن) ..
إن إنقلاب ترامب على الدولة العميقة أعاق المشروع .. وكانت نتيجة ذلك ما تتابعون حالياً من إنقسام داخلي خطر .. وملاحقة لترامب ..
لا أحد يعلم كيف ستنتهي ؟؟
وتسعى إدارة بايدن لوضع خطط لدعم حقوق الإنسان والديمقراطية في العالم والشرق الأوسط .. كما قالت متحدثة بإسم مجلس الأمن القومي الأميركي، موضحة أن الإدارة الأمريكية بدأت منذ يناير 2021 في إتخاذ مواقف تظهر دعمها للديمقراطية ورفضها لانتهاكات حقوق الإنسان .. مثل توقيعها بيانا مشتركا لمجلس حقوق الإنسان 46 .. يدعو مصر إلى تحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان .. وكإبداء القلق والمخاوف لدى الحكومة العراقية بشأن حالة حقوق الإنسان في العراق .. وحثها جميع القوى السياسية العراقية على إحترام حقوق الإنسان والامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي ..
وأضافت المتحدثة بأن إدارة بايدن لم تضع، بعد، خططا محددة تجاه كل ملفات حقوق الإنسان في المنطقة، وأنها ستسعى إلى التعامل مع كل دولة بشكل منفصل.
وإعادة أمريكا خطاب ترويج الديمقراطية يطرح تساؤلا عن القيم والمصالح والمعايير التي ستوازن بها علاقاتها بحكومات عربية ترتبط معها بمصالح إستراتيجية من جهة .. ومن جهة أخرى إظهار رفضها إنتهاكات حقوق الإنسان والحريات العامة .. ستواجه الولايات المتحدة إشكاليتين تتعلقان بمصداقية طرحها لترويج الديمقراطية في المنطقة العربية .. الأولى تتعلق بسياستها تجاه قضايا المنطقة .. والثانية انحيازها للنخب الحاكمة …
وهذا ما يثبته الموقف الأميركي الحاسم تجاه إسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها وعرقلة صدور بيان لمجلس الأمن يطالب إسرائيل بوقف قصفها لغزة .. رغم إستخدام إسرائيل القوة المفرطة، ومقتل نحو 230 فلسطينيا، بينهم 65 طفلا و39 امرأة.
لا يتوقع العرب أن تضغط إدارة أمريكية على إسرائيل لحل هذا الصراع .. وحتى إذا أستمر مسلسل التطبيع مع إسرائيل، فلا تزال الشعوب العربية غير راضية عن هذا المسار لأنها تعتقد أنه لا يحقق العدالة للفلسطينيين .. وتنظر لأي دولة طبعت مع إسرائيل على أنها أختارت أن تقدم مصلحتها على مصلحة الفلسطينيين، مثل موقفهم من تطبيع دولتي الإمارات والبحرين … فالعرب يرفضون مبدأ ما يوصف بإتفاقيات سلام بوصفها اتفاقيات ترمي فقط إلى جعل العلاقات مع إسرائيل عادية .. وقبول إحتلالها للأراضي الفلسطينية مع إستمرار عمليات الإستيطان وإنتهاك حقوق الفلسطينيين.
لقد كشف المؤشر العربي أن 88 ٪ من العرب يرفضون أن تعترف بلدانهم بإسرائيل .. مقابل 6 ٪ قالوا إنهم يقبلون إعتراف بلدانهم بإسرائيل. واللافت أن نصف الذين وافقوا على أن تعترف بلدانهم بإسرائيل اشترطوا مقابل ذلك إنشاء دولة فلسطينية مستقلة.
ووفق نفس المؤشر، أعتبر نحو 22 ٪ من العرب إسرائيل الدولة الأكثر تهديدا لبلدانهم، تليها الولايات المتحدة بنسبة 14 ٪ وبشكل عام تحتل إسرائيل المكانة الأولى بوصفها الدولة الأكثر تهديدًا للمنطقة العربية كافة …
والملفت أن منطقة الخليج تحتل مرتبة متقدمة في رفض الإعتراف بإسرائيل، رغم تطبيع دولتين خليجيتين .. وحتى فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب يرى 17 ٪ من العرب المستطلعة آراؤهم أن أهم إجراء هو حل القضية الفلسطينية .. بينما يعتبر 15 ٪ وقف التدخل الأجنبي، و12 ٪ دعم الديمقراطية
هما الإجراءان الأهم لمكافحة الإرهاب في المنطقة .. كما قيم 81 ٪ من العرب سياسات الولايات المتحدة بأنها سيئة أو سيئة جدًا تجاه فلسطين ..
وأعتبرت السياسات الأمريكية بنسبة 77 ٪ تجاه سورية، و74 ٪ نحو اليمن و70 ٪ نحو ليبيا بأنها سيئة أو سيئة جدا.
هذه المواقف من السياسات الأميركية في المنطقة، ستشكل عقبة في تقبل مشروع ترويج الديمقراطية .. وسوف تلقي بظلالها من جهة أخرى في مدى مصداقية طرح الولايات المتحدة لدى العرب .. ومدى عزمها على إتخاذ مواقف أكثر عدالة وتوازنا في المنطقة ..
كما قالت المتحدثة بإسم مجلس الأمن القومي الأمريكي إن الرئيس بايدن ووزير خارجيته بلينكن أكدا مرارا أن الترويج للديمقراطية ودعم حقوق الإنسان سيكون في صميم السياسات الخارجية للولايات المتحدة .. ويشمل ذلك بلدان الشرق الأوسط بما فيها المملكة العربية السعودية .. وأشارت المتحدثة إلى أن بلادها تشجع شركاءها على بذل كل جهد ممكن لتحسين معاملة مواطنيهم .. وأن الولايات المتحدة أتخذت، على سبيل المثال خطوات للتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان في السعودية أو تلك التي قامت بها السعودية في الخارج .. وأوردت المتحدثة بإسم المجلس القومي مثالا لهذا الخطوات: إبداء وزير الخارجية بلينكن ومسؤولين أمريكيين آخرين، القلق، في مناسبات ديبلوماسية، بشأن إعتقال وسوء المعاملة “المزعوم” للمدافعين عن حقوق الإنسان بمن فيهم الناشطات والمدافعات عن حقوق المرأة في السعودية ..
بيان وزير الخارجية الأميركي بلينكن الصادر في 26 فبراير والمعنون ب “المحاسبة على مقتل جمال خاشقجي”، أشار أنه بموجب سياسة “حظر خاشقجي” الجديدة لفرض قيود على تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة .. فقد تم حظر 76 سعوديًا يعتقد أنهم شاركوا في تهديد منشقين في الخارج .. بمن فيهم أشخاص شاركوا على سبيل المثال، في مقتل خاشقجي ..
إن الولايات المتحدة لا تتخذ مواقف حاسمة من قضايا قد تهدد مصالحها الإقتصادية أو تفسد علاقاتها بشركائها الاستراتيجيين في المنطقة.
إن ثورات الربيع العربي وترويج الديمقراطية
كانت ثورات واحتجاجات الربيع العربي عام 2011 تطمح إلى الإنتقال إلى نظم حكم ديمقراطية يكون للشعوب فيها صوتا مسموعا، وهذا ما يسعى إلى تحقيقه النشطاء الديمقراطيون والمدافعون عن حقوق الإنسان .. الذين يشكون في صدق النوايا الأميركية في دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان والمدى الذي ستذهب إليه لتعزيز هذه المبادئ في بلدانهم .. وفي إمكانية أن تغلب أمريكا القيم على المصالح ..
فاللهم أحفظنا من ديمقراطية أمريكا .. فعندما قرر ديك تشيني أن ينشر الديمقراطية في أفغانستان و العراق .. ثم قرر أوباما تثوير الشعوب في عالمنا العربي .. وبعد 20 سنة من نشر الديمقراطية الأمريكية .. خرجت أمريكا من أفغانستان .. ونشرت فيه طالبان .. وتشاهدون اليوم نتائج نشر الديمقراطية في العراق وليبيا
أما الأن وبعد فرض العقوبات على روسيا .. فالبريطانيون سوف يدفعون ثلاثة أضعاف السعر المعتاد لتدفئة منازلهم هذا الشتاء .. وكل دول الغرب في نفس الوضع وأسوأ ..
والسؤال هنا :
هل عقوبات أمريكا والناتو على روسيا تسير بشكل جيد وكما خطط لها ؟؟
وياتري أمريكا بهذا الشكل فرضت العقوبات علي روسيا أم علي الدول الأوروبية ؟؟
وهل الديموقراطية التي تروج لها أمريكا في العالم العربي تطبق في أمريكا نفسها ؟؟
وهل حقوق الإنسان التي تطالب بها أمريكا العالم العربي تحقق في أمريكا ؟؟
عزيزي القارئ ..
أمريكا ترى نفسها ناظر مدرسة العالم .. تحمل العصا فى وجه من يعصاها .. وتطالب بأن تحكم العالم بدلا من شعوبه وتطبيق ديمقراطيتها المزعومة بالقوة .. وتستعملها للتدخل فى شؤون الآخرين .. وتعتمد مصطلحاتها ومفاهيمها المزعومة للإرهاب والمعارضة والديمقراطية وحقوق الإنسان وتوزع تصنيفاتها للدول والشعوب بحسب هواها ..
لا تنبهر بأمريكا وبالصورة التي ترسمها لنا ..
أمريكا تطالب بالديموقراطية ولا تطبقها
أمريكا تطالب بحقوق الإنسان وشوارعها مليئة علي الصفين بالمتسولين ومدمنين المخدرات والكحول .. والمحلات مغلقة خوفآ من السرقات والسطو عليها ..
شاهد الفيديوهات لتري الوجه الخفي لأمريكا ..