بقلم/ محمـــد الدكـــروري
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاوره جار يهودي، وكان اليهودي يحاول أن يؤذي الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن لا يستطيع خوفًا من بطش أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فما كان أمامه إلا الليل والناس جميعا نيام حيث كان يأخذ الشوك والقاذورات ويرمي بها عند بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ولما يستيقظ رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، فيجد هذه القاذورات كان يضحك صلى الله عليه وسلم، ويعرف أن الفاعل جاره اليهودي، فكان نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم يزيح القاذورات عن منزله ويعامله برحمة ورفق ولا يقابل إساءته بالإساءة، ولم يتوقَّف اليهودي عن عادته حتى جاءته حمى خبيثة، فظلّ ملازما الفراش يعتصر ألما من الحمى حتى كادت توشك بخلاصه.
وبينما كان اليهودي بداره سمع صوت الرسول صلى الله عليه وسلم يضرب الباب يستأذن في الدخول، فأذن له اليهودي فدخل صلوات الله عليه وسلم على جاره اليهودي وتمنى له الشفاء، فسأل اليهودي الرسول صلى الله عليه وسلم وما أدراك يا محمد أني مريض؟ فضحك الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له عادتك التي انقطعت ويقصد نبينا الكريم القاذورات التي يرميها اليهودي أمام بابه، فبكى اليهودي بكاء حارا من طيب أخلاق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وتسامحه، فنطق الشهادتين ودخل في دين الإسلام، وهكذا فإن من أعظم أسباب المحبة والألفة بين المسلمين هو جبر الخواطر، فالعديد منا معرض يوميا للإصابة بالكرب والهم، فيحتاج إلى من يجبر كسره وخاطره.
ويرفع آلام الكرب من صدره فجبر الخواطر يهون على الشخص المصاب ما أهمه، ويرفع همته، ويقيل عثرته، ويأخذ باليد حتى يقف مرة أخرى على قدميه فما أجمل وأنت في أشد الآلام تحديدا أن تمتد يد العون لتسعفك، أو يصل إلى مسامع أذنك كلام يهون عليك، ومن أساليب التى يمكن تطبيقها بكل سهولة ويسر فى جبر الخواطر هو عند رؤيتك لشخص غير جميل في نظرك، وأشدت له بجمال مظهره، فإنه يقع تحت جبر الخواطر، وعند رؤية شخص حقق نجاحا في حياته، حتى لو كان صغيرا في نظرك، وقمت بتهنئته وتشجيعه فإنه يعد جبر خاطر، وعند دخولك إلى المكتب، وقدم لك العامل فنجان من القهوة، وشكرته على هذا الفنجان بالتبسم فإنه يعد من جبر الخواطر، وعندما تشيد بمجهود زوجتك على تحملها المسئولية.
ومحاولتها لتعلم طبخة جديدة، فتشكرها على ذلك وتمدحها، فإنك تجبر بخاطرها، وعندما تقول الزوجة شكرا لزوجها خاصة عندما يدخل بالطلبات إلى المنزل، ويكافح من أجلهم، فإنه من جبر الخواطر وتطيب النفوس، كذلك فالابتسامة من تطيب النفوس، والكلمة الحسنة ومساعدة الغير من الأمور التي تجبر الخواطر، فطيبو خواطر من حولكم، ولا تبخلوا عليهم من الجهد والعمل المستطاع، فهي سعادة وفتح لباب البر والإحسان، فما أروع من مواساة الذين يعيشون معنا، وما أعظم أن نجبر بخاطرهم، لعل الله يجبر بخاطرنا ويزيح عنا الغيوم، فإن الله عز وجل قد عقد عقد الأخوة بين المؤمنين، وجعلهم بنعمته إخوانا، وهذه الأخوة تقتضي الإحسان، والإحسان درجات وأنواع.