بقلم / محمـــد الدكـــروري
بسم الله والحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي الأعلى وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله صاحب النهج السوي، والخلق الأسمى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، أما بعد إن من الشهداء في الإسلام هو الصحابي الجليل والخليفة الراشد الثاني وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فهو معدود في الشهداء لما رواه الإمام البخاري عن قتادة، أن أنس بن مالك رضي الله عنه حدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحدا وأبو بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم، فقال صلى الله عليه وسلم اثبت أحد فإنما عليك نبي، وصديق، وشهيدان، والشهيدان المقصودان في هذا الحديث هما عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان رضي الله عنهم.
وروي عن عبد الله أن الطفيل بن عمرو الدوسي أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هل لك في حصن حصين ومنعة؟ قال حصن كان لدوس في الجاهلية، فأبى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم للذي ذخر الله للأنصار، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، هاجر إليه الطفيل بن عمرو، وهاجر معه رجل من قومه، فاجتووا المدينة، فمرض فجزع، فأخذ مشاقص له، فقطع بها براجمه، فشخبت يداه حتى مات، فرآه الطفيل بن عمرو في منامه، فرآه وهيئته حسنة، ورآه مغطيا يديه، فقال له ما صنع بك ربك؟ فقال غفر لي بهجرتي إلى نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال ما لي أراك مغطيا يديك؟ قال قيل لي لن نصلح منك ما أفسدت، فقصها الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” اللهم وليديه فاغفر”
وهذا الرجل ليس شهيدا، بل هو قاتل النفس، ولكن الله غفر له وأدخله الجنة، وقال الإمام النووي أما أحكام الحديث ففيه حجة لقاعدة عظيمة لأهل السنة أن من قتل نفسه، أو إرتكب معصية غيرها، ومات من غير توبة، فليس بكافر، ولا يقطع له بالنار، بل هو في حكم المشيئة، ولقد أنعم الله علينا بنعم سابغة وآلاء بالغة، لا يحدها حد، ولا يأتي عليها حصر ولا عد وإن أعظم نعمة وأكبر منّة هي نعمة الإسلام والإيمان، فاحمدوا الله حمدا كثيرا على أن جعلنا مسلمين، وأن إختارنا وإصطفانا لنكون من أهل الحق وأتباع هذا الدين، ألا وإن من المعلوم من هذا الدين بالضرورة أن من أظهر معالمه، وأعظم شعائره، وأنفع ذخائره الصلاة، وهي ثانية أركان الإسلام ودعائمه العظام، فهي بعد الشهادتين آكد المفروضات، وأعظم الطاعات، وأجل القربات، من حفظها حفظ الدين.
ومن أضاعها فقد هدم الدين، هي رأس الأمانة وعمود الديانة، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم ” رأس الأمر الإسلام، وعموده لصلاة ” رواه أحمد والترمذي، فمن حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبيِ بن خلف، والصلاة هي أكبر وسائل حفظ الأمن والقضاء على الجريمة، وأنجع وسائل التربية على العفة والفضيلة ومكارم الأعمال، وتنقية النفوس من كل منكر وسوء وخبال ووبال فقال تعالي كما جاء في سورة العنكبوت ” وأقم الصلاة إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر “