بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله كما أمر وأشكره على نعمه وقد تأذن بالزيادة لمن شكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كره ذلك من أشرك به وكفر، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد البشر الشافع المشفع في المحشر، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان ما إنبلج فجر وإنفجر وسلم تسليما كثيرا، أما بعد إن من أمهات المؤمنين هي السيدة خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشية الأسدية وكانت تدعى قبل البعثة الطاهرة وهي أشرف نساء قريش نسبا فهي سيدة نساء قريش، وكانت خديجة رضي الله عنها أول من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم من النساء والرجال وهذا بإجماع المسلمين، وقال ابن إسحق كانت السيدة خديجة رضي الله عنها.
هي أول من آمنت بالله ورسوله وصدقت ما جاء من عند الله عز وجل وآزرته على أمره فخفف الله بذلك عن رسوله، فكان لا يسمع شيئا يكرهه من رد عليه وتكذيب له فيحزنه ذلك إلا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها تثبته وتخفف عليه وتصدقه وتهون عليه أمر الناس حتى ماتت رضي الله عنها، وقيل أنه لما كان النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء جاءه الملك فقال له اقرأ ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” ما أنا بقارئ ” وكررها ثلاثا في كل مرة يغطه حتى يبلغ منه الجهد ثم قال له اقرأ باسم ربك ” ثم عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى زوجته خديجة يرجف فؤاده، فدخل عليها وهو يقول ” زملوني زملوني ” فزملته حتى ذهب عنه الروع وأخبرها صلى الله عليه وسلم بالخبر وقال “لقد خشيت على نفسي”
فقالت له كلا والله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الدهر، فإنه موقف الزوجة الوفية الحصيفة الذكية التي تعرف فضل زوجها وتستدل بمكارم أخلاقه وفضله على عظيم عناية الله به وعلى المستقبل العظيم الذي ينتظره، وقد وقفت الزوجة الحنون والرفيقة العطوف بجانب زوجها المختار صلى الله عليه وسلم تساعده وتشد عضده وتعينه على إحتمال الشدائد والمصائب تدفع من مالها لنصرته ومن حنانها وعطفها لمواساته وتسليته ومن أبرز مواقفها رضي الله عنها موقفها حينما أعلنت قريش حربا مدنية على بني هاشم وبني عبد المطلب وحاصروهم في شعب أبي طالب وسجلت مقاطعتها في صحيفة علقت بداخل الكعبة.
ولم تتردد السيدة خديجة رضي الله عنها في الخروج مع زوجها إلى الشعب المحاصر وتحملت المشاق والمصاعب في سبيل إرضاء الله ثم إرضاء زوجها ومساندة زوجها وبنيه وفضلت ضيق الحياة وخشونتها بجانب زوجها على رغد العيش وطيب النعمة، فنعم الزوجة كانت ونعم النصير لدين الله عز وجل ولرسول الله صلى الله عليه وسلم فجزاها الله عن المسلمين خير الجزاء، وقد تزوجت السيدة خديجة رضي الله عنها قبل النبي صلى الله عليه وسلم مرتين، وكان زوجها الأول هو عتيق بن عائذ المخزومي، فبقيت معه حتى وفاته وأنجبت منه عبدالعزى وهند، وكان زوجها الثاني هو أبو هالة هند بن زرارة التميمي وأنجبت منه، هند والطاهر وهالة وبعد وفاته كان عمرها خمسة وعشرين عاما.
ولم تتزوج حتى بلغت أربعين سنة رضي الله عنها وأرضاها، ثم تزوجت النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وعمره خمسة وعشرون عاما ومن حبه لها لم يتزوج عليها في حياتها.