نهاية وعاقبة المتكبرين

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا به وتوحيدا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما مزيدا، ثم أما بعد، والكبر والتكبر ينقسم بإعتبار المتكبر عليه إلى ثلاثة أنواع بعضها أشد من بعض وهي الأول هو التكبر على الله تعالى، وهو أفحش أنواع الكبر كتكبر فرعون والنمرود حيث استنكفا أن يكونا عبدين له تعالى وادّعيا الربوبية، وهذا هو النمرود بن كنعان قد ادعى الألوهية وكان في زمن إبراهيم عليه السلام فلما دعاه إبراهيم عليه السلام إلى عبادة الله الذي يحي ويميت جاء النمرود برجلين فقتل أحدهما وترك الآخر فقال أنا أحي وأميت، فقال له إبراهيم عليه السلام إن الله يأتي بالشمس من المشرق.

فأتي بها من المغرب فبهت وسكت ولم يجب، فانظر كيف كانت نهايته ؟ فبعث الله عليه بعوضة فدخلت في منخره وفي أم رأسه، فمكث أربعمائة سنة يضرب رأسه بالمطارق والنعال ولا يهدأ حتى يضرب بالنعال فإذا وقف الضرب دوّت البعوض في أم رأسه فيأمرهم بضربه وأرحم الناس به من جمع يديه ثم ضرب بهما رأسه وكان جبارا في ملكه أربعمائة سنة فعذبه الله أربعمائة سنة كملكه ليكون الجزاء من جنس العمل ثم أماته الله تعالي وهو الذي كان بنى صرحا إلى السماء، وهذا فرعون طغى وتجبر في الأرض وادعى الألوهية، فأبى الله تعالي إلا أن يجريها من فوقه ليكون الجزاء من جنس العمل وهو الغرق والأنهار تجرى من فوقه وهذه هي نهاية وعاقبة المتكبرين، وإن النوع الثاني من التكبر هو التكبر على رسل الله تعالى.

وذلك بأن يمتنع من الإنقياد له تكبرا، جهلا وعنادا، كما حكى الله ذلك عن كفار مكة وغيرهم من الأمم السابقة وقد ذكر القرآن الكريم أن المعارضة للرسل كانت من المستكبرين، ونحن نعلم أن كفار قريش كانوا يعلمون صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وأمانته ومع ذلك منعهم الكبر عن الإيمان والتصديق بما جاء به ويدل على ذلك شوقهم لسماع القرآن ليلا كما ذكر ذلك ابن هشام في سيرته في قصة قريش لسماع القرآن ليلا خفية وكان من أبرزهم أبو سفيان بن حرب والأخنس بن شريق وأبو جهل فلما رأوا حلاوة القرآن ووقعه على القلوب جاء الأخنس بن شريق فأتى أبا جهل، فدخل عليه في بيته فقال يا أبا الحكم، ما رأيك فيما سمعت من محمد؟ قال ماذا سمعت؟ تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف أطعموا فأطعمنا.

وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تجاثينا على الرّكب، وكنا كفرسي رهان، قالوا منا نبي يأتيه الوحي من السماء فمتى ندرك هذه؟ والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه، فخلا الأخنس بأبي جهل فقال يا أبا الحكم، أخبرني عن محمد، أصادق هو أم كاذب؟ فإنه ليس هاهنا من قريش غيري وغيرك يسمع كلامنا، فقال أبو جهل ويحك والله إن محمدا لصادق، وما كذب محمد قط، ولكن إذا ذهبت بنو قصي باللواء والسقاية والحجاب والنبوة، فماذا يكون لسائر قريش؟ ونخشى أن نؤمن به ونصدقه فيقال إن كبير قريش قد تبع يتيما، فاللهم نجبنا من الكبر وأهله، وعافنا برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم جنبنا سبل الجبارين وأبعدنا عن التكبر، ونسألك ألا نزهو إلا بالحق على أهل الباطل، ونسألك ألا تجعل لمتكبر مختال علينا سبيلا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.