بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله وفق من شاء للإحسان وهدى، وتأذن بالمزيد لمن راح في المواساة أو غدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نرجو بها نعيما مؤبدا، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله أندى العالمين يدا وأكرمهم محتدا، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أهل التراحم والاهتدا وبذل الكف والندى، ومن تبعهم بإحسان ما ليل سجى وصبح بدا، وسلم تسليما سرمدا أبدا، ثم أما بعد إن الصديقية هي كمال الإخلاص والإنقياد والمتابعة للخبر والأمر ظاهرا وباطنا وروي عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا” فجعل الصدق مفتاح الصديقية ومبدأها.
وهي غايته فلا ينال درجتها كاذب ألبتة لا في قوله ولا في عمله ولا في حاله ولا سيما كاذب على الله تعالي في أسمائه وصفاته ونفي ما أثبته أو إثبات ما نفاه عن نفسه فليس في هؤلاء صديق أبدا وكذلك الكذب عليه في دينه وشرعه بتحليل ما حرمه وتحريم ما لم يحرمه وإسقاط ما أوجبه وإيجاب ما لم يوجبه وكراهة ما أحبه وإستحباب ما لم يحبه كل ذلك مناف للصديقية، فاليقين روح أعمال القلوب التي هي أرواح أعمال القلوب التي هي من أعمال الجوارح وهو حقيقة الصديقية وهو قطب هذا الشأن الذي عليه مداره، والصديقية هي أعلى مراتب الصدق، حيث قال ابن القيم “فأعلى مراتب الصدق مرتبة الصديقية وهي كمال الإنقياد للرسول صلي الله عليه وسلم مع كمال الإخلاص لله عزوجل، وكما قال شيخ الإسلام ابن القيم “هي منزلة القوم الأعظم الذي منه تنشأ جميع منازل السالكين والطريق الأقوم.
الذي من لم يسر عليه فهو من المنقطعين الهالكين وبه تميز أهل النفاق من أهل الإيمان وسكان الجنان من أهل النيران وهو سيف الله في أرضه الذي ما وضع على شيء إلا قطعه ولا واجه باطلا إلا أرداه وصرعه من صال به لم ترد صولته ومن نطق به علت على الخصوم كلمته فهو روح الأعمال ومحك الأحوال والحامل على إقتحام الأهوال والباب الذي دخل منه الواصلون إلى حضرة ذي الجلال وهو أساس بناء الدين وعمود فسطاط اليقين ودرجته تالية لدرجة النبوة التي هي أرفع درجات العالمين ومن مساكنهم في الجنات، تجري العيون والأنهار إلى مساكن الصديقين كما كان من قلوبهم إلى قلوبهم في هذه الدار مدد متصل ومعين، وفي حال التربية والتعليم ومما يجب أن ينتبه إليه المعلم هو محاولة التوفيق بين مهمة التعليم وتبعاته والإهتمام بالشغل الآخر إن وجد، أو الوظيفة الأخرى.
فإن من حق المدرس أن يعيش إن إستطاع ميسور الحال من الناحية المادية خاصة مع حرمان الدولة له مع سبق الإصرار، ومع تقديم الدولة للقوة عليه ثم تقديمها للفنان والرياضي عليه ويأتي المعلم في المراتب الأخيرة لأنه عنصر غير منتج أو لأنه يقوم بمهمة الأنبياء أو لأنه سبب نشأة الإرهاب في البلاد أو لأنه هو الذي علمهم حتى وصلوا إلى المراتب العليا في الحكم، ولكن من واجبه كذلك شرعا وقانونا أن يهتم بالتلميذ كما يجب وأن لا يسمح لوظيفته الأخرى أن تؤثر سلبا على مردوده التعليمي، حتى يكون مرتبه على التعليم حلالا بإذن الله تعالي، وحتى لا يظلم التلميذ لأنه لا ذنب له ولا دخل له في ظروف الأستاذ المادية الصعبة، وكما يمكن أن تضاف لتلميذ بعض النقاط في فرض لسبب موضوعي والمعلم ليس ملزما أن يذكر السبب للتلميذ أو لأحد زملائه وعلى الضد من ذلك لا يجوز أن ينقص الأستاذ ولو نصف نقطة للتلميذ إلا بعد إقناعه بالسبب الموضوعي لهذا الخصم.