بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه والتابعين، أما بعد إن من أثر التقوى على المجتمع هو الأمن حيث يقول الله عز وجل ” الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم” ويقول تعالي ” وما كان ربك مهلك القرى” وأيضا رغد العيش والصحة والعافية حيث يقول الله عز وجل” لئن شكرتم لأزيدنكم” وأيضا المهابة أمام الأعداء حيث قال رسول الله صلي الله عليه وسلم “نصرت بالرعب مسيرة شهر” البخاري ومسلم، وأيضا السعادة، وأيضا تولي الأخيار، وكما أن من آثار ضعف التقوى وأنه يصعب حصر آثار ضعف التقوى ولكن أكتفي بأهمها وبخاصة آثارها على المجتمع وهو ضعف الأمة وسقوطها من أعين أعدائها وتسلطهم عليها، وإنتشار الضغائن والحسد والعداوة وكثرة المشكلات، وإختلال الموازين وإنتشار الظلم كالواسطة المحرمة وسوء تقييم الناس وعدم إنزالهم منازلهم.
وتولي الأشرار ونزول العذاب حيث يقول الله عز وجل ” وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها” وأيضا القحط ومنع المطر وغلاء الأسعار وخوف الطريق حيث يقول الله عز وجل “ولئن كفرتم إن عذابي لشديد” وأيضا كثرة الأمراض وإنتشارها وبخاصة المستعصية ” كالضغط والسكر والهربز والربو والإيدز والسرطان” وقد بين الله تعالى أن خير ما يتزود به الإنسان في سفره إلى الله والدار الآخرة هو التقوى فقال تعالى ” وتزودوا فإن خير الزاد التقوي واتقون يا أولي الألباب” وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه “خرج إلى المقابر فلما أشرف على أهل القبور رفع صوته فنادى يا أهل القبور أتخبرونا عنكم أو نخبركم خبر ما عندنا؟ أما خبر ما قبلنا فالمال قد إقتسم، والنساء قد تزوجن، والمساكن قد سكنها قوم غيركم، هذا خبر ما قبلنا، فأخبرونا خبر ما قبلكم؟ ثم التفت إلى أصحابه فقال أما والله لو إستطاعوا أن يجيبوا لقالوا لم نر زادا خير من التقوى” ويقول الإمام ابن القيم.
” فكما أنه لا يصل المسافر إلى مقصده إلا بزاد يبلغه إياه، فكذلك المسافر إلى الله تعالى والدار الآخرة لا يصل إلا بزاد من التقوى فجمع بين الزادين” وقد ربط الله الفلاح بالتقوى فقال تعالي ” واتقوا الله لعلكم تفلحون” فالذي يرجى فلاحه هو المتقي، وكانت من أعظم المنة على المتصفين بصفة التقوى أن الله تعالى لم يجعل له أولياء غيرهم فقال تعالى ” إن أولياؤه إلا المتقون” وحصر قبول الأعمال فيهم فقال تعالى ” إنما يتقبل الله من المتقين” ويقول أبو الدرداء “لأن أستيقن أن الله قد تقبل مني صلاة واحدة أحب إليّ من الدنيا وما فيها، إن الله يقول ” إنما يتقبل الله من المتقين” وكان مطرف بن عبد الله يقول “اللهم تقبل مني صلاة يوم، اللهم تقبل مني صوم يوم، اللهم اكتب لي حسنة ثم يقول “إنما يتقبل الله من المتقين” وقد خصهم الله تعالى بمعيته التي لا يضام من كان معه فقال ” واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين”
وقال قتادة ” من يتق الله يكن معه، ومن يكن الله معه فمعه الفئة التي لا تغلب والحارس الذي لا ينام والهادي الذي لا يضل” وجعل الله تعالي لهم محبته فقال تعالي ” بلي من أوفي بعهده واتقي فإن الله يحب المتقين” ومن كرمهم على ربهم أنهم يحشرون إليه وفدا، فيقول تعالي ” يوم نحشر المتقين إلي الرحمن وفدا ” وقال الإمام علي رضي الله عنه “لا والله ما على أرجلهم يحشرون، ولا يحشر الوفد على أرجلهم، ولكن بنوق لم ير الخلائق مثلها، عليها رحائل من ذهب، فيركبون عليها حتى يضربوا أبواب الجنة” وجعل للمتقين بصيرة نافذة تورثهم فرقانا يفرقون به بين الحق والباطل فقال تعالى ” يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم ” وبالتقوى يحفظ المسلم ذريته بعد موته فمن أهمه أمر ذريته بعد الموت فليتق الله ربه فقال تعالى ” وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا”.