ماريا

 

الكاتبة / هياء الدوسري

 

كلنا نعرف ماتخلفه الحروب على الشعوب وماهي الصراعات التي يعاني منها متضرري الحرب وماتتركه على الأوطان من دمار وخراب ومصائب و قصة ماريا ماهي إلا واحدة من الملايين من (ماريا) لكني لمست معاناتها عن قرب فأثرت بي فوددت نشر قصتها لأنها قصة تحكي قصص الكثيرات ممن عانوا مثلها .

وماريا إنسانه مرت بالعديد من الصراعات ؛صراع مع الدين وصراع مع الحرب وصراع مع الفقدان والألم والرحيل عن الوطن وصراع نفسي وصراع مع الوحدة

 

ماريا

فإليكم قصتها باختصار ؛
التقيتها وتعرفت عليها وحكت لي قصتها المؤلمة وكانت تحمل في قلبها جُرحا ً كبيراً يُبكي من يستمع إلى قصتها وربما استطعت بحواري القصير معها معرفة بعض تفاصيلها التي لم تعرفها صديقتها المقربة لها وخرجت من هذا الحوار معها وأنا أدعو لها بالثبات فهي امرأة مؤمنة جداً قوية كالجبال تحملت من صنوف القهر والتعذيب والفقد والألم الكثير الذي لايحتمله سوى المؤمنين الصادقين ، لله درها من امرأة صابرة محتسبه أسأل الله أن يعوضها ويرزقها أجر صبرها وما تحملته وقاسته من ألم ، وأثبتت أنها إنسانه نجحت في هذا الامتحان والإبتلاء من الله .

من هي ماريا

ماريا؛ امرأة سورية تبلغ من العمر 36 عام من أم إيطالية مسيحية من الفئة المتشددة في الدين المسيحي ومن أب سوري من الديانة المسيحية كذلك
ولدت ونشأت ودرست بين إيطاليا وفرنسا وتوفيت والدتها وهي في الخامسة من عمرها وتولت تربيتها جدتها الإيطاليه فعاشت في هذا البيت والمجتمع غير المسلم لكنها كانت تسمع عن الإسلام ويثير اهتمامها سماع الآذان وشعائر المسلمين وبدأ عقلها في مقارنات وانتقاد بعض الطقوس المسيحيه المتشدده وبدأ قلبها يتعلق بالإسلام ، فقررت اعتناقه دون تردد وباقتناع تام وهي لم تتجاوز الثامنة عشرة من عمرها ، سألتها وقلت لها انتي عشتي لسنوات في إيطاليا وفي مجتمع غير عربي ولكنك تتحدثين العربيه واللهجة السورية وكأنك لم تعرفي يوماً لغة غيرها ! قالت ستستغربين إذا قلت لك أنني لم أكن أتحدث العربيه أبداً ولكن من أجل الإسلام وحبي لمعرفة هذا الدين دفعني أن أتعلم اللغة العربية وأن أعرف مايردده المسلمون في شعائرهم ، ومن العجب أن تؤثر تلك الصبية على والدها فيعتنق الإسلام وينطق بالشهادتين ويحج بيت الله الحرام خمس مرات خلال ثماني سنوات قبل أن يتوفاه الله فأي أجر من الله حظيت به ماريا !
سبحان الله الهادي الى سواء السبيل .

رحلتها مع الألم

تزوجت ماريا من سوري مسلم وأنجبت طفلين جميلين وفي أثناء حرب سوريا فقدت زوجها وطفليها
وهما في عمر التاسعة والسابعة ، حيث تم استشهادهم على يد جنود النظام الظالم أما هي فقد تم اعتقالها والزج بها في سجون النظام وتعذيبها بتهمة قيامها على معالجة الجرحى واسعافهم وكان نتيجة هذا التعذيب عدة عمليات في عينيها وكسور في جسدها ورأسها وفقدان أسنانها ومن ثم ترحيلها مع من رُحلوا وهي فاقدة للوعي إلى تركيا ، تقول ؛ عندما صحوت من رحلتي وإذا بي وحيدة في مكان غريب لاأعرف أين أنا ولا كيف جئت إلى هنا !
بكيت ، تألمت ، لكني لم أيأس من رحمة الله وأن الله لن يتخلى عني ، كنت أعيش معاناة لايعلم بها إلا الله

حياتها

بعد أن وضعت الحرب أوزارها في سوريا عادت ماريا مع من عاد إلى موطنها ، لكنها قررت بعد ذلك أن تنتقل للعمل في المملكة العربية السعودية وتعيش بمفردها في شقتها المتواضعه حيث الشعور بالأمان الذي هو أكثر ما بث الطمأنينة في نفسها والذي كانت تفتقده هناك ، وتربي قططها التي تؤنسها وتسليها ، وتتواصل بين الحين والآخر مع جدتها محاولة دعوتها للإسلام دون يأس حتى لو كان الرد بأن تغلق الخط كالعادة في وجهها لتنال فقط أجر الدعوة إلى الله ودين الحق .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.