بقلم / عبير مدين
أحسست أنها تريد أن تقول لي شيئا لكن لا تدري من أين تبدأ ابتسمت لها مشجعة فقالت عندما أقرأ كتاباتك اقع في حيرة كيف يمكنك الجمع بين متناقضين؟! نظرت لها مستفسرة فقالت كيف يمكن لعقلك الجمع بين الأدب والسياسة؟ كيف تعتنقي المذهب الرومانسي في كتاباتك الأدبية وينشغل عقلك بالسياسة و تلقي بآراء كالذخيرة الحية؟ ضحكت وقلت مازحة السياسة والرومانسية وجهان لعملة واحدة كلاهما عزف على المشاعر.
الحقيقة إن نجاح أي سياسي من وجهة نظري يحتاج إلى ميول أدبية وخيال واسع ينقله من حيز السياسة الضيق إلى مصاف رجال الدولة والفرق كبير بين السياسي ورجل الدولة، السياسي يتعامل مع مشكلة تحتاج حل بينما رجل الدولة يتخيل المشكلة ويبدأ كتابة سينايوهات الحل هذا التخطيط الاستراتيجي الاستباقي يجعلنا على أهبة الاستعداد لمواجهة الطوارئ والتحديات خصوصا الخارجية لأنه يمكن مواجهة المشاكل والتحديات الداخلية لحد كبير يمكن أن تستخدم براعتك لكسب الخصوم ودغدغة المشاعر والأحاسيس، يمكن أن تفرض رأيك بالقوة على اعتبار أنه أمر واقع و الصالح العام، لكن أن تتحكم في السياسة الدولية و المتغيرات الخارجية فهو أمر غاية في الصعوبة يحتاج دائما قراءة المستقبل وتحليل كل هفوة فأحداث بسيطة قادت العالم لنتائج جسام غيرت خريطة العالم ومقدرات الدول و اسقطت أباطرة
وكم من ذلة لسان افقدت زعيما شعبيته بل قادت به إلى المقصلة.
لذا السياسي يحتاج أن يكون أديبا أكثر من الأدباء أنفسهم يحتاج أن يكون ذو حس موسيقي يصنع من فريق العمل اوركسترا لأن صوت نشاز واحد قادر على إفساد سيمفونية كاملة و لأنه مسؤول عن مصائر غيره يجب أن يكون واسع الأفق يحظى بشعبية اكتسبها بتعبه لم تسقط عليه من السماء لأنها كما سقطت لن تستمر بين يديه سرعان ما سوف تطير
السياسة فن وليست وظيفة ونحن للأسف لدينا موظفين كثر في حاجة دائما إلي توجيهات عليا ترشدهم الطريق و تذكرهم ألف باء واجباتهم.
ضحكت وقالت قلت مرة انك تحبين الحلاوة الطحينية بالسوداني ضحكت وقلت لها وعيش فينو من فضلك.