الدكروري يكتب عن تفعيل الطاقات البشرية

بقلم / محمـــد الدكـــروري
الثلاثاء الموافق 30 ابريل 2024

 

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا به وتوحيدا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما مزيدا، أما بعد إن الاستثمار هو العمل على تنمية المال والإسهام في عمار الكون والحياة، وله دور مهم في تفعيل الطاقات البشرية، وتوفير فرص العمل للشباب، وتدريب الكوادر المهنية وذلك باب عظيم من أبواب دفع عجلة العمل من جهة، وتفريج الكرب من جهة أخرى، وإن على المستثمر الوطني دورا اجتماعيا تجاه وطنه، من خلال المساهمة في حل المشكلات التي تواجه المجتمع، وقد كان نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم يحث الأغنياء من الصحابة رضي الله عنهم على تحقيق ذلك الدور الاجتماعي.

وقد تسابق الصحابة رضي الله عنهم في هذا الميدان، فهذا هو الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه يشتري بئر رومة، ويجعله للمسلمين، ويجهز جيش العُسرة للدفاع عن الدين والوطن، وأن المستثمر إذا قصد وجه الله عز وجل وخدمة وطنه، فإنه يكون على ثغر عظيم من ثغور الدين والوطن، يقوم فيه بتأدية ما يتطلبه وطنه، فإذا تعاونت اتحادات المستثمرين في ذلك قامت مجتمعة بحاجات أوطانها، وسدت كفاياتها في مختلف المجالات، وذلك أمر ثوابه عظيم عند الله عز وجل، ولنعلم جميعا أن المال الحلال بركة، وأن ربحا قليلا من الحلال بالجهد والعرق والتعب يبارك الله فيه، فيكون خيرا وبركة في الدنيا، ورحمة لصاحبه يوم القيامة، ألا يتق الله بعض المسئولين والتجار الذين يأكلون ملئ بطونهم وينامون ملئ جفونهم والآف الأسر بل ملايين البشر يكابدون الجوع والذل والمسكنة.

ألا يتقي الله بعض أصحاب المحلات الذين يبيعون أمورا منكرة لا يشك عاقل في تحريمها وإنكارها، ألم يؤمن هؤلاء جميعا بقول الله عز وجل ” ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا” ألم يسمعوا حديث النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم” لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع” وذكر صلى الله عليه وسلم منها “وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟” ألم يسمعوا حديث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عند ما قال في الحديث الصحيح ” فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله لا يُنال ما عنده إلا بطاعته” ألم يسمعوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم “لتؤدُن الحقوق إلى أهلها حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء” ألم يعلموا أن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا، فاقنعوا بالحلال عن الحرام.

وتوبوا إلى الله من المظالم والآثام، وأحسنوا كما أحسن الله إليكم، ويسروا على عباد الله إن يسر الله عليكم، واجعلوا أموالكم حجابا لكم من النارن وأتقوا النار ولو بشق تمرة، فيقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه” إن الدنيا حلالها حساب وحرامها عذاب، وشبهتها عتاب” ونعيش مع حديث من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حديث رواه البخارى عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشبهات، فمن اتقي الشبهات فقد استبرا لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات كراع يرعي حول الحمي يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب”

وهذا الحديث يبين فيه النبي صلى الله عليه وسلم قضية، وإن من القضايا التي تهمنا جميعا خاصة في زماننا هذا الذي اختلطت فيه الأمور وصار هنالك فوضى في التوجيه والكلام والفتاوى، وبلابل في كل شيء، حتى إن الإنسان يشعر بأنه لا شيء قابل للتصديق، ولا شيء قابل للتكذيب، وصار الدين عرضة لكل من أراد أن يتكلم بعلم أو بغير علم، وأحيانا ترى الدين متهما مضطرا أن يجد من يدافع عنه، وهذا من الأمور العجيبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.