بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد آخي رسول الله صلي الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار، وجعل منهم أخوة متحابين تعاونوا وتحابوا بروح الله فأصبحوا متعاونين علي البر والتقوى، وكان الأنصار عند حسن ظن النبي صلي الله عليه وسلم بهم، لدرجة أن هذه المؤاخاة لم يقف أمرها عند حد المؤاخاة فحسب بل أصبحوا بها يتوارثون كما يتوارث الأبناء من آبائهم، وكان من ثمرة هذه المؤاخاة ما تميز به الأنصار من إيثار غيرهم علي أنفسهم، حتى في الطعام، وإن التأثر من الصحابة الكرام كان لا يقتصر على الحزن وذرف الدموع فقط، بل كان تأثرهم في أحيان فرحا، فيتأثرون من الفرحة، وفي الحديث الصحيح قيل أنه لما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فرح الناس بمقدمه فرحا عظيما حتى جعلت الولائد والإماء يقلن جاء رسول الله، جاء رسول الله، جاء المربي، جاء المعلم، جاء صاحب الوحي الذي سيقول لهم مباشرة وحي الله، فرحوا بمجيء المعلم.
فرحوا بمجيء الواعظ، اليوم الناس في مجالسهم لو جاءهم واعظ أو معلم هل يفرحون بمقدمه، وهل يفرحون بمجيئه، وهل تشتعل أنفسهم سرورا وغبطة ويقولون في أنفسهم الحمد لله، جاء من يرشدنا ويعلمنا، أم أنهم أم تعلوا وجوههم قترة وغبرة، ويتوارون من المجلس من سوء ما رأى، ويريدون اللهو، إذن التأثر من سمات المسلم، والانفعال من سمات الشخصية الإسلامية، وهذه الإحساس المرهب، وهذه النفسية الرقيقة التي تتأثر لأدنى المواقف وأدنى الكلمات، فإن حال المسلمين اليوم في كل مكان يرثى له من التشريد والتقتيل والسجن والمجاعات وأنواع الأوبئة والأمراض والاضطهاد، فمن الذي يتأثر لها التأثر الذي يؤدى إلى الدعم، وإلى الإنفاق في سبيل الله، فإن هناك أشياء وأمور كثيرة جدا، ولكن أتدرون من المسلم، فهو حديث عن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم فقال” أتدرون من المسلم ” قالوا الله ورسوله أعلم، قال.
” المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ” أخرجه الطبراني والحاكم وصححه من حديث فضالة بن عبيد ” ألا أخبركم بالمؤمن ؟ من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب ” ورواه ابن ماجه مقتصرا على ” المؤمن والمهاجر ” وللحاكم من حديث أنس وقال على شرط مسلم والمهاجر من هجر السوء، وقال رجل يا رسول الله ما الإسلام ؟ قال ” أن تسلم قلبك لله ويسلم المسلمون من لسانك ويدك ” وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال صلى الله عليه وسلم ” لقد رأيت رجلا في الجنة يتقلب في شجرة قطعها عن ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين ” رواه مسلم، وعن أبي هريرة رضى الله عنه قال يا رسول الله علمنى شيئا أنتفع به قال صلى الله عليه وسلم ” اعزل الأذى عن طريق المسلمين ” رواه مسلم.
وعن أبى الدرداء، قال صلى الله عليه وسلم ” من زحزح عن طريق المسلمين شيئا يؤذيهم كتب الله له بها حسنة ومن كتب له بها حسنة أوجب له بها الجنة ” رواه أحمد من حديث أبي الدرداء بسند ضعيف، وقال صلى الله عليه وسلم ” لا يحل لمسلم أن ينظر إلى أخيه بنظر يؤذيه ” وقال صلى الله عليه وسلم ” إن الله تعالى يكره أذى المؤمنين ” وقال صلى الله عليه وسلم ” إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ” رواه أبو داود وابن ماجه، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال صلى الله عليه وسلم ” أتدرون ما حق الجار ؟ إن استعان بك أعنته وإن استنصرك نصرته وإن استقرضك أقرضته وإن افتقر عدت عليه وإن مرض عدته وإن مات تبعت جنازته وإن أصابه خير هنأته وإن أصابته مصيبة عزيته ولا تستعل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه وإذا اشتريت فاكهة فاهد له فإن لم تفعل فأدخلها سرا.
ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده، ولا تؤذه بقتار قدرك إلا أن تغرف له منها، ثم قال صلى الله عليه وسلم أتدرون ما حق الجار ؟ والذي نفسي بيده لا يبلغ حق الجار إلا من رحمه الله ” ولكن قيل حديث ضعيف، وقال صلى الله عليه وسلم ” كنت عند عبد الله ابن عمر وغلام له يسلخ شاة فقال يا غلام إذا سلخت فابدأ بجارنا اليهودي حتى قال ذلك مرارا فقال له كم تقول هذا ؟ فقال إن رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يزل يوصينا بالجار حتى خشينا أنه سيورثه ” رواه أبو داود والترمذى، وعن أبي ذر رضى الله عنه قال أوصاني خليلي صلى الله عليه و سلم ” إذا طبخت فأكثر المرق ثم انظر بعض أهل بيت من جيرانك فاغرف لهم منها ” رواه مسلم، وعن ابن أبي أوفى قال كان صلى الله عليه وسلم ” كان لا يأنف ولا يستكبر أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي حاجته ” رواه النسائي، وعن أبى أيوب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
” لا يدخل الجنة قتات ” متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم” لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ” متفق عليه.