الدكروري يكتب عن الجحود من الأبناء للآباء


بقلم/ محمـــد الدكـــروري
اليوم الثلاثاء 14 نوفمبر 2023

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما، أما بعد إن من حكمة الله تعالى ما قسم الدين بين عباده، كما قسم أرزاقهم فمنهم من يفتح له في العلم والدعوة، ومنهم من يفتح له في الصلاة والعبادة، ومنهم من يفتح له في اصطناع المعروف ونفع الناس وبذل الخير لهم، إلى غير ذلك من سُبل الخير وأبواب الإحسان، فمن فتح له باب من الخير فليلزمه، وليشكر الله تعالى عليه، ويسأله الثبات على هذا الخير والمزيد من فضله، وليستحضر دائما أنه ملاق ربه جل وعلا، وسيجازيه بإحسانه إحسانا، واعلموا أن بذل المعروف ونفع الخلق هدي الأنبياء والمرسلين عليهم السلام، والصالحين من هذه الأمة.

فهذا نبي الله موسى عليه السلام أغاث الذي استغاثه، وسقى للفتاتين لمّا عجزتا عن السقيا لوجود الرجال كما ورد ذلك في الكتاب العزيز، وإن من الرحمة والبر بالوالدين هو الانفاق عليهما وقت الكبر ووقت العجز عن النفقة، وإن كثيرا من الآباء والأمهات اليوم لا يستطيعون الإنفاق على أنفسهم، لأن شبابهما وقوتهما وصحتهما وما آتاهما الله قد ضعفت، وكثير من الأحوال عندما يكبر الشاب يجحد حقهما في النفقة، ويبلغ بمستواه هذا أخلاق اليهود والذين أشركوا، فإن الذي يبلغ به العقوق إلى أن يحرم والديه النفقة فخلقه خلق اليهود والذين أشركوا والعياذ بالله، بل نفقة الوالدين واجبة على الولد على رغم أنفه، ومهما حاول أن يتمرد فإنه يجبر ويحبس حتى يؤدي النفقة إليهما، وقال سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى.

خلق الله النار رحمة يخوف بها عباده لينتهوا، والرحمة عماد الدعوة إلى الله وأعظم السبل لإيصال الخير للغير، فالدعوة لن ولا تنتشر بالقوة التي خلاف الرحمة والرأفة الحقيقية وهذا ليس إنكارا للجهاد فإنه من الرحمة لكثير من عباده إذ أن أعداء الله قد يقفون لصد الناس عن رحمة الله، وتفضل الله وقدم رحمته عند عصيان عباده على غضبه ليصنع لهم مطمعا في التوبة وحتى لا يصل بهم الأمر إلى القنوط فلا يتوبون، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال “لمّا خلق الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش إن رحمتي تغلب غضبي” رواه البخاري ومسلم، ومن رحمته سبحانه وتعالى أن عدد الرحمات ففي الدنيا جعل لها رحمة واحدة من باب الابتلاء فلا يذهب إليها إلا مؤمن.

وأما الآخرة فقد انتهى العمل وعظم الخطب وبلغت القلوب الحناجر ولم تبقى إلا رحمة أرحم الراحمين، فكانت تسعة وتسعون رحمة فمن لمي يصب منها شيئا فهو شقي، وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الله خلق يوم خلق السماوات والأرض مائة رحمة، كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض، فجعل منها في الأرض رحمة، فبها تعطف الوالدة على ولدها والوحش والطير بعضها على بعض، فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة” رواه مسلم، ومن رحمة الله عليك أن يضع الله في قلبك رحمة على الضعفاء فإن هذا علامة الإيمان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول “لا تنزع الرحمة إلا من شقي” رواه الترمذي،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.