د. محمود محمد علي
يعد الأستاذ الدكتور “مصطفي محمد كمال محمد علي”- أستاذ علم الكيمياء بجامعة أسيوط ، أحد الأسماء الهامة واللامعة في سماء الكيمياء العامة، والكيمياء التحليلية، والتحليلية المتقدمة ؛ حيث أسهم بقسط وافر في بناء هذا الصرح، وتعد لبناته العلمية التي وضعها بالجهد والعرق بمثابة الأساس الذي بني عليه الكثيرون من تلامذته مشاريعهم الكيميائية ، في عالمنا العربي المعاصر.
ولد في السابع من يناير من عام 1953 ، حيث عين معيدا سنة 1974، ثم مدرس مساعد في سنة 1977 ، ثم مدرسا سنة 1981، ووكيلا سنة 2003، ثم عميدا في عام 2006 ، ثم عين في عهد الرئيس مبارك رئيسا لجامعة أسيوط الموافق 11 يونية سنة 2008 ، إلي 11 يونية في 2012، وقد نشر أكثر من 92 مقالا معظمها ظهرت في مجلات عالمية .
ولم يكن مصطفي كمال مجرد عالم مبدع نذر حياته للبحث عن الحكمة متذرعاً بمبادئ الحق والخير والجمال ، لكنه كان – قبل كل ذلك إنساناً بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى . إنساناً في عمله ، ومفكراً في إنسانيته، وبين الإنسان والفكر تتجلى شخصية مصطفي كمال متعددة الأوجه، ككيمائي بارع.
وهو قمة في التواضع، فهو الإنسان بكل ما تحمله كلمة الإنسان من معاني ودلالات، فلقد وهب حياته كلها للجامعة : تعليماً وبحثاً، وظل اهتماماته الرئيسية هي اهتمامات أستاذ جامعي يسعي إلي أن يرتفع بعمله إلي أعلي مستوي ممكن، ومن هنا فإنه يمثل القدوة والريادة وستظل كتاباته وأبحاثه في الكيمياء تمثل المنارة التي يهتدي بها الإنسان في الظلام تمثل الشعلة الخالدة، شعلة الفكر، وما أعظمها من شعلة.
ولا أنسي جهوده في تطوير وتنمية جامعة بدر بأسيوط ، حيث نجح في تطوير تلك الجامعة لتصل إلى مصاف الجامعات العالمية ، خاصة في ظل تجاهل وإهمال الجامعات الحكومية والجهات العامة لأي دور يمكن أن تُسهم به الجامعات الخاصة، فضلاً عن التشكيك أحياناً بقدرات الجامعات الخاصة ومساهمتها الوطنية لاعتبارها مؤسسات ربحية .
لقد نجح مصطفي كمال من خلال تطوير جامعة بدر في العمل على تأكيد الدور الوطني للجامعات الخاصة بناء على مساهماتها في بناء الكوادر البشرية، واستثمار رؤوس الأموال المحلية، والحد من مغادرة الطلاب للدراسة خارج القطر، وتقديم خدمات مجتمعية كالتدريب والتأهيل وغيرها؛ هذا من جهة ، ومن جهة أخرى العمل على تفعيل دور الجامعات الخاصة في بناء المجتمع المصري والارتقاء به، بما يؤكد أن لدى الجامعات الخاصة القدرة والكفاءة على المشاركة والإسهام في تعزيز مفهوم الانتماء والبناء في سبيل تنشئة جيل من الشباب، قادر على تحمل أعباء عملية البناء والتنمية في مصر ، ولديها من الاختصاصات والفروع ما يمكنها من لعب دور مهمّ على جميع الأصعدة.
ويطول بنا المقال غير أني لا أملك في نهاية حديثي عن الدكتور مصطفي كمال إلا أن أقول تحية طيبة لهذا الرجل الذي كان وما زال يمثل لنا نموذجاً فذاً للعالم الموسوعي الذي يعرف كيف يتعامل مع العالم المحيط به و يسايره في تطوره، وهذا النموذج هو ما نفتقده بشدة في هذه الأيام التي يحاول الكثيرون فيها أن يثبتوا إخلاصهم لوطنهم بالانغلاق والتزمت وكراهية الحياة، وإغماض العين عن كل ما في العالم من تنوع وتعدد وثراء.
وتحيةً أخرى مني لهذا الرجلٍ العظيم الذي لم تجز به السلطة، ولم يجذبه النفوذ ولكنه آثر أن يكون صدى أميناً لضمير وطني يقظ وشعور إنساني رفيع وسوف يبقى نموذجاً لمن يريد أن يدخل التاريخ من بوابة واسعة متفرداً.
الأستاذ الدكتور محمود محمد علي
أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بجامعة أسيوط