الدكروري يكتب عن العهد بأداء الأمانة


بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله تعالى ذو الجلال والإكرام، مانح المواهب العظام، والصلاة والسلام على النبي سيد الأنام، وعلى آله وأصحابه وتابعيهم على التمام، الذي توفي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين الموافق الثاني عشر من شهر ربيع الأول وله من العمر ثلاث وستون سنة، ولما توفي دخل عليه أبو بكر الصديق رضي الله عنه فقبله بين عينيه وقال طبت حيا وميتا يا رسول الله، ولما أدرج صلى الله عليه وسلم في أكفانه وُضع على شفير القبر ثم دخل الناس أرسالا يصلون عليه فوجا فوجا لا يؤمهم أحد، ثم دفن صلى الله عليه وسلم، وقال أنس بن مالك رضي الله عنه ” لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء، وما نفضنا أيدينا من التراب إلا وقد أنكرنا قلوبنا”

ويختص النبي صلى الله عليه وسلم ببعض الخصائص مما يتعلق بوفاته منها أنه يقبر حيث يموت، وأن الأرض لا تأكل جسده، حيث قال صلى الله عليه وسلم ” إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء” رواه أبو داود، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آل محمد الطيبين المخلصين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين رضي الله عنهم بإحسان إلي يوم الدين، أما بعد فإن هناك أحاديث عديدة وردت في تفسير الأمانة بأنها أمانة الأئمة المعصومين أي ينقلها كل إمام إلى وارثه، وأحيانا تفسير الأمانة بأنها الولاية بشكل عام، وهناك تعابير قرآنية عديدة تدل على عمومية وشمولية العهد، منها “وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم” والجدير بالملاحظة أن بعض آيات القرآن عبّرت عن ذلك العهد بأداء الأمانة وعدم خيانتها والمحافظة عليها.

ورعاية الأمانة التي استعملت في الآية السابقة تضم معنى الأداء والمحافظة، فعلى هذا فان التقصير في المحافظة على الأمانة والذي يؤدّي إلى وقوع ضرر أو تعرضها للخطر، يوجب على الأمين إصلاحها وبهذا تترتب ثلاثة واجبات على الأمين وهم الأداء، والمحافظة، والإصلاح، فلابد أن يكون الإلتزام بما تعهد به المرء والمحافظة عليه، وأداء الأمانة من أهم القواعد في النظام الإجتماعي، ودون ذلك يسود التخبط في المجتمع، ولهذا السبب نرى شعوبا لا تتمسك عامتها بالدين، إلا أنها سعيا منها لمنع الإضطراب، تفرض على نفسها رعاية العهد والأمانة، وتعتبر نفسها مسؤولة أمام هذين المبدأين في أقل تقدير، في القضايا الإجتماعية العامة، ومن صفات عباد الرحمن، أنه سبحانة وتعالى يقول فى سورة الفرقان.

” وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما، والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما، والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما، إنها ساءت مستقرا ومقاما، والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما” ومعنى كلمة هونا فالهون هو الرفق واللين والناعم والهادي المتواضع، ومعنى يسرفوا، فالاسراف مجاوزة الحد، ومعنى يقتروا، هو أن التقتير التضيق، ومعنى قواما، فالقوام وسط بينهما، وهذه الآيات تستعرض بحثا جامعا فذا حول الصفات الخاصة لعباد الرحمن، إكمالا للآيات الماضية حيث كان المشركون المعاندون حينما يذكر اسم الله الرحمن، يقولون وملء رؤوسهم استهزاء وغرور، وما الرحمن؟

ورأينا أن القرآن يعرّف لهم الرحمن ضمن آيتين، وجاء الدور الآن ليعرّف عباد الرحمن، وتبيّن هذه الآيات اثنتي عشرة صفة من صفاتهم الخاصة، حيث يرتبط بعضها بالجوانب الإعتقادية، وبعض منها أخلاقي، ومنها ما هو إجتماعي، بعض منها يتعلق بالفرد، وبعض آخر بالجماعة، وهي أولا وآخرا مجموعة من أعلى القيم الإنسانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.