الدكروري يكتب عن الإتباع أقوال وأعمال


بقلم / محمـــد الدكـــروري


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي الهادي البشير محمد صلى الله عليه وسلم، أما بعد فإننا لا نعلم في القرآن الكريم ولا في تعاليم الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم آية واحدة أو حديثا واحدا يجعل سبيل السعادة مجرد القول، بل نراهما ينيطان النجاح دائما بالعمل، وينعيان على القوالين الذين يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم، ولقد كان صاحب الرسالة رسولنا الكريم محمد صلوات الله عليه فعالا لا قوالا، كان فعله أكثر من قوله، ذلك أن القول إذا لم يتبعه العمل كان الإيمان بالقائل ضعيفا، وربما عُدّ القائل الذي لا يعمل منافقا أو مخادعا، فقد نجد القول في شيء من الآيات والأحاديث ولكن مقرونا بطلب العمل، ولنعلم جميعا بأن الله سبحانه وتعالى حين جعل هذه العشر المباركات من شهر ذو الحجة هي أفضل أيام السنة.

فإنه سبحانه اختصها بخصائص ليست في غيرها، وجعلها زمنا لعبادات لا تكون في سواها، فهي زمن أداء ركن الإسلام الخامس، فأول أيام الحج فيها وهو يوم التروية، وفيها ركنه الأعظم، وهو الوقوف بعرفة، ويتوّج خاتمتها وهو يوم النحر بأكثر أعمال الحج، وهي الرمي، والنحر، والحلق، والحل من الإحرام، والطواف بالبيت، والسّعي بين الصفا والمروة، فإنها اختصت بهذه الأيام الثلاثة العظيمة، وفيها مناسك الحج وشعائره الكبيرة، ففي اليوم الثامن يبدأ الحجاج مناسكهم، وفي اليوم التاسع يقفون بعرفة، وهو من أعظم الأيام وأفضلها، ويعتق الله تعالى فيه من النار ما لا يعتق في غيره من سائر الأيام، وهو اليوم الذي نزلت فيه آية الإخبار بكمال الدين، وتمام النعمة على النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة.

فكان الإخبار عن كمال دين الإسلام، وتمام نعمة الله تعالى به علينا، ورضاه بالإسلام لنا دينا في اليوم التاسع من هذه العشر المباركة، فاختصت بهذا الفضل العظيم، واختصت العشر بيوم النحر، وهو العيد الأكبر، وهو أفضل من عيد الفطر لاختصاصه بكثير من الشعائر والعبادات، وفيه تراق الدماء تعظيما لله تعالى ولا تذبح الضحايا والهدايا قبله فكان التنسك بالدماء لله تعالى في خاتمة هذه العشر المباركة، وكان آخر يوم منها وهو اليوم العاشر عيدا كبيرا للمسلمين، يذكرون الله تعالى فيه على ما هداهم، ويشكرونه على ما أعطاهم، وإن لفريضة الحج فضائل كثيرة، منها أنه يهدم ما كان قبله كما في سؤال عمرو بن العاص رضي الله عنه، للنبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يبايعه.

وأن من حج فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه” الرفث هي كلمة جامعة لما يريد الرجل من المرأة، والفسوق هى المعاصي، وقال ابن حجر رحمه الله وظاهر الحديث غفران الصغائر، والكبائر، والشبهات، وقال صلى الله عليه وسلم “والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة” والحج المبرور هو أن يرجع زاهدا في الدنيا، راغبا في الآخرة، كما قال ذلك الحسن البصري رحمه الله، وإن من صفة الحج والعمرة، وهو أن يُحرم الحاج من الميقات، ثم يلبّي حتى يصل إلى البيت الحرام، ثم يبدأ بالطواف من الحجر الأسود، ويسن في هذا الطواف وهو أول طواف يأتي به القادم شيئان الاضطباع في جميع الأشواط، والرمل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط، فإن أقيمت الصلاة أثناء الطواف، بدأ بعدها من موضعه الذي وقف فيه.

على الأظهر من قولي العلماء، ثم يسوي رداءه بعد الفراغ من الطواف، ويصلي ركعتين خلف المقام، ويشرب من ماء زمزم إن تيسر له، ويسعى بين الصفا والمروة، وينبغي للنساء عدم مزاحمة الرجال بتقبيل الحجر، أو الرمي، أو الطواف، فيحلق إلا إذا كان متمتعا فإنه يقصّر لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضي الله عنهم بذلك، وحتى من أراد الأضحية يقصر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.