بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت كتب الفقه الإسلامي أن فساد ذات البين تحلق الدين، وتدفع إلى زرع روح الانتقام في النفوس، فقال الله سبحانه وتعالى فى سورة المائدة ” وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ” وقال أيضا رسول الله صلى الله عليه وسلم “ألا أحدثكم بما هو خير لكم من الصدقة والصيام، صلاح ذات البين، ألا وإن البغضة هي الحالقة” فقدّم ذلك على الصيام والصدقة، إن كانت البغضاء موجودة جعل لها الدواء أولا لأنها تقضي على الدين وتستأصله، وخسارة الإنسان الحقيقية هي خسارة دينه، وجاء أيضا في الحديث الشريف “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يَخذله” وقال صلى الله عليه وسلم “لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه”
وصلاح الفرد من صلاح المجتمع، والمجتمع الذي لا يسعى إلى فكر آمن إلى السلم والاستقرار، لتسلم القلوب والنفوس للنجاة إلى المصالح الكلية التي هي قوام الدنيا بالدين، ويعيش هذا المجتمع في صراع نفسي يحمل هم العداوات والبغضاء والشحناء التي لا تنتهي يفشل لا محالة وإن توفرت له أسباب النجاح، وكذلك من الوسائل هو القضاء والحدود، فالعقاب العادل هو الوسيلة الوحيدة التي تردع من شب على الجريمة ولا سبيل لإصلاحه إلا بمعاقبته العقاب الذي يستحقه، ولهذا اهتم الإسلام بالقضاء وأعطيت هذه المهمة إلى الحاكم أو الوالى، فهو المسؤول عن القضاء فقد كان الخلفاء الراشدون هم الذين يفصلون في القضايا إضافة إلى وظيفتهم الأساسية في إدارة الدولة.
وذلك لحساسية هذه المهمة لأنها تتعلق بتثبيت الحق من خلال معاقبة المسيء والإحسان إلى المحسن، وقد وضع الإسلام حدودا لمواجهة الأشرار رأفة منه بالمجتمع الذي تهدده الجريمة إذا لم يستخدم أساليب الرد، ويأتي دور القضاء بعد استنفاذ كل الوسائل والطرق في مكافحة الجريمة، بعد استنفاذ وسيلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعجز المجتمع عن استئصال الجريمة بالطرق السلمية، فكان لابد من اللجوء إلى آخر الدواء وهو القضاء ليحكم القاضي بحكم الله ويصدر حكما رادعا يرتدع منه المنحرف ويمنعه عن مواصلة انحرافه، ويمنع من تسول له نفسه العبث بأمن الناس وأمن المجتمع، إذن الأمن الاجتماعي بحاجة إلى العصا الغليظة أيضا كما هو بحاجة إلى الكلمة الطيبة.
فلولا الصرامة التي تواجه بها اللصوص لواصلوا تطاولهم على أموال الناس وممتلكاتهم، ولكي تصبح القوة إشارة رادعة تمنع الآخرين من ممارسة اللصوصية، وهكذا نجد أن مساحة الأمن الاجتماعي هي مساحة كبيرة تشمل مختلف الأساليب والطرق والآليات فكل ما يؤثر في الأمن يؤخذ بنظر الاعتبار عند المخططين للأمن الاجتماعي، وتقوم بمساعدة القضاء أجهزة أمنية تسهر على راحة المواطنين فهي تؤدي دورا كبيرا فهي العين الحارسة على مصالح الناس وأرواحهم وهي تنشط عندما تجد ثغرة أو انحرافا فتُسارع في التدخل واتخاذ الأجراء اللازم ويُشكل وجود هذه الأجهزة قوة رد تمنع الأشرار من العبث بمقدرات الناس.