بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن الإمام أبو القاسم الرافعي القزويني وهو عبد الكريم ابن أبي الفضل، وذكر أنه نشأ في طاعة الله، وحفظ القرآن وهو ابن سبع سنين، وكان له اهتمام بالعلوم الشرعية، وتحصيلها بطلب حثيث، كان بارعا فيها رواية ودراية، وتعليما وتذكيرا وتصنيفا، وكان مديما للذكر وتلاوة القرآن في مجيئه وذهابه، وقيامه وقعوده وسائر أحواله له مؤلفات كثيرة، في التفسير والحديث، والفقه وغيرها، منها ما هو مطول، ومنها ما هو مختصر انتفع بعلمه أهل العلم وعوام المسلمين وسمع الكثير من الحديث بقزوين، ونيسابور، وبغداد وغيرها، وفهرست مسموعاته متداول، وتولى تدريس المدرسة النظامية ببغداد قريبا من خمس عشرة سنة مكرما في حرم الخلافة، مرجوعا إليه، فاصلا حكمه.
وفتواه في مواقع الاختلاف وقال الرافعي وسمعت منه الحديث الكثير، يعجبه قراءتي ويأمر الحاضرين بالإصغاء إليها، وكان رحمة الله ماهراً في التفسير حافظا لأسباب النزول، وأقوال المفسرين، كامل النظر في معاني القرآن ومعاني الحديث، وقال ابن حجر العسقلاني الإمام أحمد ابن إسماعيل مشهور في الآفاق، وقال عنه الإمام الرافعي في كتاب الأمالي هو أحمد ابن إسماعيل ابن يوسف ابن محمد ابن العباس، الطالقاني، ثم القزويني، أبو الخير، إمام كثير الخير، موفر الحظ من علوم الشرع حفظا، وجمعا، ونشرا بالتعليم، والتذكير، والتصنيف، وكان لا يزال لسانه رطبا من ذكر الله تعالى، ومن تلاوة القرآن، وربما قرئ عليه الحديث وهو يصلي ويصغي إلى القارئ، وينبهه إذا زل.
واجتمع له من ذلك القبول التام، عند الخواص والعوام، والصيت المنتشر، والجاه والرفعة، وتولى تدريس النظامية ببغداد مدة، محترما في حريم الخلافة، مرجوعا إليه ثم آثر العودة إلى الوطن وسمع الكثير من الفراوي، وفهرست مسموعاته متداول، وهو مع كونه خال والدتى، أبوها من الرضاع أيضا، وكان للإمام الرافعي من الإخوة حسبما ذكر في كتاب التدوين في أخبار قزوين، من الذكور الذين تعلموا عند والده، حيث ذكر ضمن ترجمته لوالده أبي الفضل أن ممن تعلم عند أبيه أبنائه الثلاثة وهم عبد الكريم ابن أبي الفضل، مؤلف كتاب التدوين، ويعني بذلك نفسه، والثاني محمد ابن أبي الفضل، والثالث عبد الرحمن ابن أبي الفضل، ومعنى هذا أن لأبي القاسم الرافعي اثنان من الإخوة الذكور الذين تعلموا عند أبيهم.
وهما محمد وعبد الرحمن، وهذا لا يعني الحصر في هذا العدد لأنه ذكر منهم الذين تعلموا عند أبيهم، كما أنه ذكر أيضا عند ذكر والدته أنها كانت تقوم بتربية بناتها، وذكر كذلك عند كلامه على وفاة والده أن والده ترك أولادا كانوا صغارا، وقد ذكر ابن الملقن وغيره أن للرافعي أخ اسمه محمد، وكنيته أبو الفضائل، تعلم عند أبيه، وسمع منه الحديث، تفقه على أبي القاسم ابن فضلان، وحصل على الإجازة من ابن البطي، وكانت له رحلات في العلم إلى أصبهان، والري، وأذربيجان، والعراق وسمع الحديث من نصر الله القزاز، وابن الجوزي، واستوطن بغداد، وولي مشارفة أوقاف النظامية، وذكروا عنه أنه كان فيه ديانة، وأمانة، وتواضع، وتودد، وحسن خلق، وأن معرفته بالحديث تامة.