بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن الإمام ابن نباتة وهو الإمام البليغ الأوحد، خطيب زمانه أبو يحيى عبد الرحيم بن محمد بن إسماعيل بن نباتة الفارقي، صاحب الديوان الفائق في الحمد والوعظ ، وكان خطيبا بحلب للملك سيف الدولة، وقد اجتمع بأبي الطيب المتنبي، وكان فصيحا مفوها بديع المعاني وجزل العبارة، ورزق سعادة تامة في خطبه، وكان فيه خير وصلاح ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نومه، ثم استيقظ وعليه أثر نور لم يعهد قبل فيما قيل، وعاش بعد ذلك ثمانية عشر يوما، وتوفاه الله ، فذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، تفل في فيه، وبقي تلك الأيام لا يستطعم بطعام ولا يشرب شيئا، وتوفي سنة أربع وسبعين وثلاثمائة بميافارقين.
وقيل لم يل خطابة حلب إلا بعد موت سيف الدولة بن حمدان وبلغنا أن عمره لم يبلغ الأربعين بل عاش تسعا وثلاثين سنة، ولم يصح ذلك فإنه ابتدأ بتصنيف خطبه في سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة، وهو إذ ذاك خطيب مميز، وجالس المتنبي فلعله عاش خمسين سنة أو أكثر، وقيل أن لأبيه رواية، وأما عن إبن نباتة المصري، هو محمد بن محمد بن محمد بن الحسن الجذامي الفارقي المصري، أبو بكر، جمال الدين، ابن نباتة وهو شاعر، وكاتب، وأديب، ويرجع أصله إلى ميافارقين، ومولده ووفاته في مدينة القاهرة، وهو من ذرية الخطيب عبد الرحيم بن محمد بن نباتة، ولقد سكن الشام سنة سبعمائة وخمسة عشر من الهجرة تقريبا، وتولي نظارة القمامة في مدينة القدس أيام زيارة المسيحيين لها.
فكان يتوجه فيباشر ذلك ويعود، ورجع إلى القاهرة سنة سبعمائة وواحد وستين من الهجرة، فكان بها صاحب سر السلطان، وله ديوان شعر وسرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون وغيرها، وكان شاعرا ناظما له ديوان شعر كبير مرتب حسب الحروف الهجائية وأشهر قصيدة له بعنوان سوق الرقيق، وله العديد من الكتب منها كتاب سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون، وكتاب تلطيف المزاج في شعر ابن الحجاج، وكتاب مطلع الفرائد، وسير دول الملوك وغيرها، وفي نطق اسمه خلاف بين العلماء، فقد ذهب ابن منظور صاحب ليان العرب إلى أنه نباتة بفتح النون، وذهب آخرون كالفيروز آبادي صاحب القاموس والإمام الجلال السيوطي إلى أن اسمه نُباتة بضم النون، وأصله من ميافارقين، ولذلك يقال له الفارقي نسبة إلى مدينتهم الأم ميافارقين.