الآباء وتنمية مهارات الطفل


بقلم / محمـــد الدكـــروري

ن الأسرة هي عماد المجتمع ونواته الصلبة، واللبنة الأساسية فيه، ولذلك عني الإسلام بها واهتم برعايتها رعاية كاملة، وبيّن أفضل الطرق والسُّبل لإقامتها على النهج القويم، وأمر الوالدين بإحسان تربية أبنائهم وحسن رعايتهم، وقد هيأ لذلك شتى الوسائل والسُبل، فبدأ بحُسن اختيار الزوجين كل منهما للأخر، فيجب أن ينبني اختيار الزوج لزوجته والزوجة لزوجها على أساس الدين والتقوى لا على أساس غير ذلك، وإن الآباء لا بد أن يحملوا على عاتقهم تنمية مهارات الطفل الصغير في بدايته العمرية لتعزير الثقة بالنفس والشعور بالأهمية، كما يجب عليهم مراعاة الحوار غير اللفظي، والمقصود به تعبيرات الوجه، ونبرة الصوت والحركات لأن الأطفال دائما ما تميل إلى تصديق الحوار غير اللفظي، الذي بدوره يؤدي في النهاية إلى تعزيز ثقته بنفسه، وأن المدرسة لها عامل أساسي وهام في تكوين الطفل الإيجابي حيث إنه يقضي معظم أوقاته بداخلها.

مع أصدقائه وتحت إشراف معلميه، وأن المدرسة هي سلاح ذو حدين، بمعنى أنها كما تؤثر تأثيرا إيجابيا في الطفل من الممكن أن يأتي تأثيرها عكسيا لأن المعلمين والطلاب الآخرين وأصدقاء الطفل في المدرسة يؤثرون بشكل مباشر في شخصية الطفل، وإن المعلم ينبغي له أن يصبغ شخصيته بالطريقة الربانية التي تعطي كل ذي حق حقه، شخصية المعلم المسلم المتكاملة في جميع جوانبها، ولأهمية دور الأسرة المسلمة في حياة المعلم المسلم، وضع المعلم الأول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم اللبنة الأولى في تأسيس الأسرة المسلمة، فعن السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها، قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي” وهنا تظهر أهمية الاستقرار في الأسرة المسلمة، كي تكون أسرة منتجة، فقال الإمام ابن مفلح رحمه الله “قال أحمد “أقامت أم صالح معي عشرين سنة، فما اختلفت أنا وهي في كلمة”

وأيضا اللعب والمرح مع الزوجة والأبناء والأهل، وعن ابن عقيل رحمه الله أنه قال ما أدري ما أقول في هؤلاء المتشدقين في شريعة بما لا يقتضيه شرع ولا عقل، يقبحون أكثر المباحات، ويبجلون تاركها، حتى تارك التأهل والنكاح، والعبرة في العقل والشرع هو إعطاء العقل حقه من التدبر، والتفكر، والاستدلال، والنظر، والوقار، والتمسك، وبالإعداد للعواقب، والاحتياط بطريقة هي العليا يخص بها الأعلى الأعز الأكرم، ومعلوم أنه قال “من كان له صبي فليتصاب له” وكان النبى صلى الله عليه وسلم يرقص الحسن والحسين ويداعبهما، وسابق السيدة عائشة رضى الله عنها، ويداري زوجاته، إلى أن قال والعاقل إذا خلا بزوجاته وإمائه ترك العقل في زاوية كالشيخ الموقر، وداعب ومازح وهازل، ليعطي الزوجة والنفس حقهما، وإن خلا بأطفاله خرج في صورة طفل، ويهجر في ذلك الوقت” وكان النبى صلى الله عليه وسلم يكون في بيته في مهنة أهله.

وغير ذلك، من شدة تواضعه ومكارم أخلاقه وسيرته العالية صلى الله عليه وسلم، بخلاف ما يفعله كثير من أصحاب النواميس والحمقى والمتكبرين” فينبغي على المعلم أن يتأدب بهذه الآداب مع أهله لأنها باب من أبواب الخير للناس، وأول من ينبغي لهم الاستفادة من هذا الخير هم أقرب الناس إليه، وأقرب الناس إلى المعلم أسرته من والدين وزوجة وأبناء، وكما أن الفرد يستقي منها عاداته وأخلاقه وطبائعه، ولا يمكن إغفال الوضع الديني للأسرة في تنشئة الأطفال وتربيتهم، فالعلاقة بين أفراد الأسرة والقيام بالعبادات، والتمسك بالشعائر، والتحلي بالخلق الحسن في القول والعمل، والأخذ بالقيم الفاضلة التي تدعو إلى حب الخير وكره الشر، وغرس القيم الطيبة بين الأطفال، والحرص على مصالح الناس، والكف عن إيذائهم، فكل ذلك يدركه الطفل ويحسه، ويشعر به من خلال تفاعله مع جماعته المتدينة، بينما ينمو في اتجاه مخالف إذا نشأ في جماعة.

تهتز فيها القيم والمعايير الخلقية السليمة، وتنمو معه بذور الشر والانحراف الخلقي الذي تنعكس آثاره في مواقف الحياة والمجتمع، وإن الأسرة هي البيئة الطبيعية الأولى التي تتعهد الطفل بالرعاية والتنشئة الاجتماعية منذ الصغر، ونظرا لما لها من أهمية في غرس القيم في نفوس الأطفال، فقد اهتم بها الإسلام باعتبارها مؤسسة تربوية خطيرة، وباعتبارها ذات تأثير بالغ في تربية الأطفال وعلى الأسرة أن تبرز قيمة الفضائل وآثاره الفردية والاجتماعية، وأن تلقن الطفل مبادئ الدين، وتمرنهم على العبادات، وتعودهم على ممارسة فعل الخير، ومن ثم يجب على الوالدين أن يغرسا في نفوس أبنائهم القيم والفضائل الإسلامية الحميدة، ولا تحمل الأسرة وحدها العبئ في مجال غرس القيم والفضائل، ومن ثم فإن المدرسة والمسجد يسهمان بدور بارز في هذا المجال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.