خطبة ثالثة عن حقوق الأخ علي أخيه

بقلم الشيخ/ عماد البية


إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله العظيم من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له قلوب العباد بيده سبحانه كما ورد في الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه قال إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال له إني أحب فلانا فأحبٓبه قال فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحببه أهل السماء قال ثم يوضع له القبول في الأرض وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول إني أبغض فلانا فأبغضه قال فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا قال فيبغضونه ثم توضع له البغضاء في الأرض… يا ربي رضاك خير من الدنيا وما فيها يا مالك النفس قاصيها ودانيها فليس للنفس آمال تحققها
إلا رضاك فذا أقصى أمانيها فنظرة منك يا سؤلي ويا أملي خير لي من الدنيا وما فيها وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا يوم القيامة سيدنا محمد صلوات الله وسلامة عليه القائل القائل في حديثه الذي رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنون حتى تحابوا ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم قالوا بلى يا رسول الله قال أفشوا السلام بينكم فصلاة وسلاما عليك سيدي يا رسول الله عليك وعلى آلك وأصحابك الأخيار من المهاجرين والأنصار ورضى اللهم عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أما بعد إخوة الإيمان والإسلام لازلنا نواصل الحديث مع حضراتكم حول حق الأخ على أخيه وهذه هي المؤاخاة التي عقدها الحبيب محمد بين أصحابه فيقول الله سبحانه وتعالى إنما المؤمنون أخوة…. فمن حق الأخ على أخيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم انصر أخاك ظالما أو مظلوما أن ينصره في كل الأحوال إن كان ظالما خذ على يد أخيك عن الظلم وإن كان مظلوما وأنت تملك أن تنصره أنصره ولو بكلمه وإن عجزت فبقلبك وذلك أضعف الإيمان هذه مسلمة استغاثت في أقصى بلاد الروم ونادت وقالت وإسلاماه ومعتصماه فنصرها المعتصم قال لبيك لبيك أختاه انظر إلى غزوة بني قينقاع تجد أن الدين الإسلامي دين السماحة دين العزة دين العدل يدعو المسلمين أن يعيشوا في وطنا واحد بين أصحاب الديانات الأخرى وقال لهم جل جلاله لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغيب ولذلك نجد اليهود وهم يهود بني قينقاع كانوا يعيشون في المدينه في جوار المسلمين وكان بينهم وبين اليهود عهودا فنبذوها وبداوا المسلمين بالشر والعدوان وذلك إن إمرأة من نساء الأنصار قدمت إلى سوق اليهود من بني قينقاع ومعها حلية لكي تعرضها على صائغ منهم فجلست إلى الصائغ في تلك السوق فجعل اليهود يراودونها عن كشف وجهها وهي تأبى فجاء يهودي من خلفها في سر منها فاثبت طرف ثوبها بشوقه إلى ظهرها فلما قامت أنكشفت سوءتها فضحك اليهود فصاحت المرأة صيحة هي من مزيج الحزن والإستغاثه فوثب رجل من المسلمين على الصائغ اليهودي فقتله اجتمعت اليهود على المسلم فقتلوه وحينئذ دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤساءهم وحذرهم عاقبة البغل ونكث العهد وطلب منهم أن يكفوا عن أذى المسلمين وأبلغهم قول الله سبحانه وتعالى… كل الذين كفروا ستغلبونا وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد… وحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أجلاهم من المدينة وخرجوا إلى بلاد الشام وهكذا كانت نهاية يهود بني قينقاع ولكن أين التناصر الآن بين ملايين المسلمين وأخر احصائية لتعداد المسلمين في العالم مليار و 250 مليون ومع ذلك يصرخ المسلم هنا أو تنتهك عرض الأخت هنالك وينادي الجميع ولكن من يجيب أين المعتصم… الحق السابع من حقوق الأخ على أخيه الأعانة على قضاء حوائج الدنيا على قدر استطاعته فمن حق الأخ على أخيه إن استطاع أن يعينه في أمر من أمور الدنيا ألا يبخل عليه واستمع إلى المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم وهو يقول في حديثه من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه رواه مسلم ولما طاف الحبيب محمد يوم فتح مكه حمد الله وأثنى عليه ثم قال الحمد لله الذي أذهب عيبة الجاهليه وكبرها يا أيها الناس إنما الناس رجلان على الله وفاجر ثم قرأ قول الله سبحانه وتعالى يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارف إن أكرمكم عند الله أتقاكم… الحق الثامن من حقوق الأخ على أخيه أن يستره وأن يغفر له إن أعترف بخطئة أظن أن هذا الحق من أعظم الحقوق المفقودة الآن بين المسلمين فالناس صنفان 1- صنف مشتهر بالصلاح والدين والخلق وهذا ليس ملكا مقربا ولا رسولا مرسلاً قد يزل وقد يخطئ وهذا من حقه علينا آنذاك أن نستر عليه خطاؤه 2- والصنف الثاني مشتهر بالفسق معلن للمعاصي لا يتورع ولا يستحي أن يقول إني زنيت بأمرأة فلان أو يقول أخذت رشوة من فلان وهذا هو الفاسق الفاجر الذي لو أردت أن تحذر الناس منه فلا غيبة له لذلك جعل الله العفو دليلا على صلاح النفس من الغيظ وإصلاح الجماعة من الأحقاد فمن عفا وأصلح فأجره على الله إن الله لا يحب الظالمين ..الشورى. فالصبر والسماحة استعلاء على غضب النفس وهو من الأمور التي لا يقدر عليها إلا أولو الفضل من الناس ولذلك قال الحق ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور إخوة الإيمان والإسلام إن صفه الحلم من الصفات التي يمدح الله سبحانه وتعالى بها المرسلين فقد وصف الله سبحانه وتعالى بها خليل الرحمن إبراهيم بقوله لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما وقال إن إبراهيم لحليم أواه منيب75 هود. وقال في ولده إسماعيل.. فبشرناه بغلام حليم.. وذكر عن يوسف عليه السلام تخلقه بخلق العفو عند القدرة على الإنتقام حينما وقف إخوته الذين تآمروا عليه في صباه والقوة في غيابة الجب ولكن بعد أن قدر عليهم خاطبهم بقوله لا تسريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين… وها هو الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه بخلقه وبحلمه وعفوه وكثير مكان يستغضب غير أنه لم ينتقم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها ولما أستشهد عمه حمزة أسد الله رضي الله عنه بيد وحشية وحمزة من أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان مستبسلا في الدفاع عن دعوه الإسلام غضب الرسول صلى الله عليه وسلم على وحشي القاتل وأقسم لا يقتلن بحمزة 70 من المشركين فنزل قول الله سبحانه وتعالى… وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عُوقبتم به ولا إن صبرتم لا هو خير للصابرين… وتمضي الأيام ويدخل وحشي في دين الإسلام ويذهب مع الجيش الإسلامي الذي توجه لردع مسيلمة الكذاب ومن معه وقتل بيده مسيلمة وقال في ذلك لقد قتلت خيرا الناس وقتلت شر الناس… يقول الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه لا يؤمن أحدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه أو كما قال التائب من الذنب حبيب الرحمن فاستغفروه إنه كان غفورا رحيما…
الخطبة الثانية الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى الله لا إله إلا هو له الاسماء الحسنى وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وكشف الله به الغمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين فصلاة وسلاما عليك سيدي يا رسول الله وارض اللهم عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أما بعد فيا إخوة الإيمان والإسلام مازلنا نواصل الحديث ما حضاراتكم حول حقوق الأخ على أخيه فمن حق الأخ على أخيه إن أخطأ في حق أخوه وجاء إليه معتزرا أن يغفر له وأن يقبل منه عذره لا تكن متجبرا متكبرا أنت بشر معرض للخطأ وما أجمل ما قاله بن السماك عندما جاء إليه أخوه ليقول له يا بن السماك موعدنا غدا نتعاقب قال بل موعدنا غدا نتغافر فلا تؤذي إخوانك دوما بكثرة العتاب أنت بذلك تؤذي إخوانك ما أجمل أن تكون عفوا واتق الله… واستمع إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه أحمد في مسنده وهو يقول يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من يتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه في جوف رحله أو بيته أو كما قال…. فهناك وسائل لتعميق الأخوة أولا أن يخبر أخاه إنه يحبه في الله إن أحببت أحدا من إخوانك فقل له أشهد الله أني أحبك في الله وهذه تفتح لك قلبه وهذا امتثال منك لهدي الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم كما في أحمد والبخاري إذا أحب الرجل أخاه فليعلمه أنه يحبه ومن حديث أنس كما عند أبي داوود كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ برجل فقال رجل من ألقم يا رسول الله إني لا أحب هذا الرجل قال هل أعلمته ذلك؟قال لا فقال قم فاعلمه قال فقام إليه فقال يا هذا والله أني لا أحبك في الله قال أحبك الذي أحببتني له ومن وسائل التعميق تعميق الأخوة إن يلقى الأخ أخاه بوجه منبسط لا يلقاه بوجه عابس فليس من السنة والأدب تفعل ذلك فقد قال الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم من حديث أبي ذر لا تحقرن ٌ من المعروف شيئا ولو تلقى أخاك بوجه طلق إنك لم تبذل شيئا من المال إذا لقيت أخاك بوجه منبسط وأن لقيته تسلم عليه أي.تصافحة فقد قال الحبيب محمد صلوات الله وسلامه عليه في حديثه الذي رواه البراء بن عازب من روايه أحمد ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا ُغفر له ما قبل أن يفترقا… من وسائل تعميق المحبة بينك وبين أخيك الدعاء لأخيك بظهر الغيب إذا وجدت في قلبك شيئا من أخ من إخوانك أني أنصحك إن ترفع أكف الضراعت إلى الله فكل دعوه تدعو بها لأخيك سيؤمن عليك ملك كريم من ملائكة رب العالمين يقول لك ولك مثلها فيقول الحبيب محمد في حديثه ما من عبد مسلم يدعو لاخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك بمثل رواه مسلم استمع إلى هذا الحديث الجميل يقول الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ادعوا لأنفسكم بالسنة لا تعصوا الله بها قالوا يا رسول الله لنا السنة لا نعصي الله بها غير هذه قال نعم إن يدعو لك أخيك فإنك لا تعصي الله بلسان غيرك فإن الله يستجيب له ولا يستجيب لك ..ونختم بقصة الجارية التي كانت عند الحسن بن علي عندما كانت تصب عليه الماء وسقط الابريق من يدها نظر إليها فقالت له والكاظمين الغيظ قال كظمت غيظي قالت والعافين عن الناس قال لها فاذهبي فأنت حرة لوجه الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله وندعو الله سبحانه وتعالى أن يجمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم على قلب رجل واحد وأن يؤلف بين قلوبنا اللهم ارحم المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع مجيب الدعوات يا رب العالمين اللهم باعد بيننا وبين خطايانا كما بعدت بين المشرق والمغرب اللهم اغسلنا من الذنوب بالماء والثلج والبرد اللهم طهر قلوبنا من النفاق واجعل آخر كلامنا لا إله إلاالله.محمد الرسول الله وأقم الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.