بقلم / محمد الدكـــروري
فقالا له يا معاوية علام تقاتل هذا الرجل؟ فو الله إنه لأقدم منك ومن أبيك سلما، وأقرب منك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحق بهذا الأمر منك، فقال معاويه لهم أقاتله على دم عثمان، وأنه آوى قتلته ، فاذهبا إليه، فقولا له فليُقدنا من قتلة عثمان، ثم أنا أول من يبايعه من أهل الشام، وإن هناك فئة أخرى ترى أن الوقت ليس مناسبا للاقتصاص، وأن القصاص لا يزيد إلا الشر والفتنة، لأن لهؤلاء القتلة قبائل وأقواما ينتصرون لهم، فلا بد أولا من تأليف القلوب، وجمع الكلمة، وكان يمثل هذا الرأي الخليفة علي بن أبى طالب رضي الله عنه، وقال ابن كثير رحمه الله تعالى، ولما استقر أمر بيعة الإمام علي بن أبى طالب، دخل عليه طلحة والزبير ورؤوس الصحابة، رضي الله عنهم، وطلبوا منه إقامة الحدود.
والأخذ بدم عثمان، فاعتذر إليهم بأن هؤلاء لهم مدد وأعوان، وأنه لا يمكنه ذلك يومه هذا” وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، لم يكن علي مع تفرق الناس عليه متمكنا من قتل قتلة عثمان، إلا بفتنة تزيد الأمر شرا وبلاء، ودفع أفسد المفسدتين، بالتزام أدناهما أولى من العكس، لأنهم كانوا عسكرا، وكان لهم قبائل تغضب لهم والحاصل هو إن علي بن أبى طالب رضي الله لم يُسلم قتلة عثمان رضي الله عنه، لمن طالب بدمه من باب السياسة الشرعية، لما في ذلك من مصلحة احتواء الفتنة، ومنع تطايرها، وانتشار شرها في المسلمين، ومع أن مالكا الأشتر، ومحمد بن أبي بكر، كانا ممن شارك في هذه الفتنة، فإنهما لم يباشرا قتل عثمان رضي الله عنه، ولا شاركا فيه، والظاهر أن الإمام علي رضي الله عنه.
رأي في توليته لهما مصلحة كان ينظر إليها، فأما مالك الأشتر فقد كان قائدا شجاعا، مطاعا في قومه، وكان ممن لا يميل إلى الهدوء والسكينة، بل كان يشارك في كل حدث بسيفه أو لسانه، متطلعا للإمارة، وقد قال الذهبي رحمه الله تعالى، الأشتر ملك العرب، وهو مالك بن الحارث النخعي، وهو أحد الأشراف والأبطال المذكورين، وقد حدث عن عمر بن الخطاب، وخالد بن الوليد، وقد فقئت عينه يوم اليرموك، وكان شهما، مطاعا، زعرا، وقد ألب على عثمان بن عفان، وقاتله، وكان ذا فصاحة وبلاغة.