بقلم / محمـــد الدكـــروري
قيل أن مسيلمة كذاب اليمامة ومدعي النبوة، أنه عاش في كنف الكنيسة منذ طفولته، وكان يعلق صليب من الفضة في عنقه، وكان مسيلمة يردد دائما، الآية التي وردت في الإنجيل “إذا أردت أن تكون كاملا فاذهب وبع كل أملاكك وأعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء” وقيل أنه توفيت والدته وهو في سن الخامسة عشرة، فذهب إلى القدس وكان ذلك عام ستمائة وواحد ميلادية، ومكث فيها عامين وكان يتردد على كنائسها، وهناك تعلم اللغة اللاتينية، وفي تلك الفترة سادت بين الأمم أخبار عن بعثة نبي أخبر عنه نبى الله عيسى بن مريم أو يسوع الناصرى، وظلت فئة من رهبان النصارى ينتظرون ظهور النبي الذي تحدث عنه الإنجيل، وكان كل واحد منهم يمني نفسه أن يكون هو النبي المنتظر.
وفى عام ستمائة وثلاثة ميلادية عاد مسيلمة إلى جزيرة العرب ولكنه لم يستقر في اليمامة بل ذهب إلى عمان وهناك عمل بحارا في السفن التجارية بين عمان والهند، عام ستمائة وثمانية ميلادية تزوج مسيلمة من هاجر بنت سعد من بني تميم وأنجب منها ثلاث ذكور فقط هم حبيب وشرحبيل وثمامة، وقد عرف عن مسيلمة في تلك الفترة تدخين القنب الهندي وقد تعلمه في بلاد الهند، وفى عام ستمائة وثمانية وعشرين ميلادية عاد مسيلمة إلى اليمامة وقد وجد أنها اختلفت عما كانت عليه، لأن عددا من نصارى بني حنيفة دخلوا في الدين الإسلامي، بما في ذلك الأمير ثمامة بن آثال الحنفي الذي كان مسيحيا واعتنق الإسلام، وفي اليمامة عاد مسيلمة للعمل في الكنيسة وبدأ القديسين يشتكون له من دخول أهل اليمامة في الإسلام.
وفى عام ستمائة واثنين وثلاثين ميلادية ذهب مسيلمه مرتديا صليبه مع عدد من المسلمين من بني حنيفه الذين قدمو إلى المدينة يبايعون رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وبايع المسلمين من بني حنيفه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، لكن مسيلمه لم يبايع معهم بل قال أريد أن يشركني محمد معه في النبوه كما أشرك موسى اخيه هارون، فسمعه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، فأمسك عرجونا صغيرا من الأرض وقال لمسيلمة والله يا مسيلمة لإن سألتني هذا العرجون ما أعطيتة لك، فخرج مسيلمة ولم يبايع رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، بل بقي على النصرانية، وعاد مسيلمه إلى اليمامة وأخبر بعضا من قومه أن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، قد يشركه في النبوه معه.
وحاول مره أخرى وأرسل هذه المرة رسالة إلى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، جاء فيها من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله، آلا إنى أوتيت الأمر معك فلك نصف الأرض ولي نصفها ولكن قريشا قوم يظلمون، فرد عليه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، برسالة جاء فيها ” من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، السلام على من أتبع الهدى، أما بعد ” إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين” وبعد وفاة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ظهرت النصرانيه سجاح التميميه في شرق نجد، وأرادت غزو اليمامة مع جيشها من نصارى بني تميم، وحين علم مسيلمه بذلك عرض عليها أن تنضم إليه في مواجهة المسلمين، وتزوج مسيلمه بن حبيب من سجاح بنت الحارث.
وقد ثار مسيلمة على الخليفة أبو بكر الصديق، ولكن قواته هزمت من قبل خالد بن الوليد، وقتل مسيلمة من قبل وحشي بن حرب في معركة اليمامة فى العام الثانى عشر من الهجرة، وكان عمره قد تعدى المائة عام بحسب ما ورد في تاريخ الخلفاء للسيوطي، ولم يصبح جميع أتباع مسيلمة مسلمين مخلصين، فبعد عشر سنين أعدم حامل رسالة مسيلمة التي أرسلها للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، مع آخرين في الكوفة حيث اعتبروا بأنهم ما زالوا على دعوة مسيلمة.